تملك مدينة سيدي بلعباس أماكن سياحية رائعة، لكل واحدة منها قصة وتاريخ، من أهمها الحديقة العمومية والتي كانت تعرف في القديم باسم »جْنان البايلك« التي تبلغ مساحتها 06 هكتارات إذ تعتبر من أشهر وأكبر الحدائق بالجزائر، وهي غنية بالاشجار المتنوعة والنباتات المختلفة تسمياتها وأصولها، مثل أشجار الدلب، الحرو، الدردار، الأقاصيا، البور، الصفصاف وحتى شجرة السكوبا وهي شجرة نادرة استوردت من كاليفورنيا في القرن 19 ميلادي وهي شجرة عملاقة يصل علوها 100 متر، كما نجد أيضا حوض سباحة، ومساحة للأطفال وشلالا. تاريخ الحديقة العمومية ينطبق وتاريخ المدينة، وقد شهدت مجموعة من الاحداث التاريخية المهمة للمدينة، ففي 1845 تعرض سكان المنطقة لهجوم وحشي من طرف الجيش الفرنسي الذي كان متمركزا آنذاك بالثكنة المجاورة لضريح الولي الصالح سيدي بلعباس وترتب عن هذا الهجوم قتل مجموعة من الجزائريين والذين كانوا يقطنون بالقرب من الثكنة إذ وحسب بعض الوثائق الارشيفية خلف هذا الهجوم وفاة 56 شهيدا جزائريا من بلعباس دُفِنوا بمقبرة جماعية وهي الحديقة العمومية. بعد هذا الهجوم العنيف وسياسة القمع والاضطهاد التي مورست على أهل المنطقة آنذاك اضطروا إلى الهجرة والخروج من المنطقة وبقيت قلة قليلة بها، فأصبحت المنطقة شبه مهجورة لاسيما من طرف السكان الاصليين مما جعل الفرنسيين يجلبون إليها المعمرين الذين استولوا على المنطقة لاسيما الاراضي الفلاحية الخصبة التي استغلوها للعيش فزرعوا البساتين بالخضر والفواكه واستمتعوا بعطاء الأرض العباسية من خير ورزق طيب أما القلة التي بقيت فاستغلوا للخدمة في هاته البساتين لصالح المعمرين فقط. شهدت الحديقة أيضا زيارة الكولونال دوانا عام 1838 الذي حار ودهش بجمال الحديقة وتميزها بالاراضي الخصبة مما جعله يفضل البقاء بالمدينة والعيش بها عدة سنوات. بعدها وبقترة استغلت الحديقة لبعض التجارب الزراعية، في أواخر سنة 1870 حيث قررت الادارة المحلية آنذاك تأسيس الحديقة العمومية بقرار رسمي وكلفت لهذا الغرض مجموعة من المهندسين بعملية التصميم والبناء وبعد الإنتهاء من الأشغال استغلت الحديقة كمكان ترفيهي إذ كانت تقام به الحفلات والسهرات والتظاهرات الثقافية وحتى الصناعية ففي سنة 1933 نظم معرض للخمور الأوروبية، تحت رعاية إدارة رئيس البلدية آنذاك Lucien Bellat كانت الحديقة مكانا مميزا ومفضلا للأوروبيين مما جعل وزارة الثقافة والفنون الجميلة الفرنسية تتبرع بمجموعة من التحف الغالية والتماثيل الثمينة للحديقة آنذاك من بينها - La caresse du fauve - Le vole d'icare هي الأخرى الحديقة العمومية تشهد على نضال شعب برمته ودفاعه عن الوطن بروحه ودمائه ففي 1961/08/11 شهد المكان معركة كبيرة وطاحنة من طرف الجيش الفرنسي ضد أهالي المنطقة والتي راح ضحيتها عدد كبير من الشهداء على رأسهم الشهيد سي محموم وسي عبد المجيد وغيرهم ممن طهروا بدمائهم الزكية التراب والأرض من قذارة العدو الغاشم.