دعا رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها, الأستاذ فاروق قسنطيني, إلى تبني مقاربة جديدة لمواجهة انتشار المخدرات في أوساط الشباب تعتمد على مراجعة قانون مكافحة المخدرات الحالي الذي يعد "كارثيا" بالنسبة للمستهلكين الصغار كونه يرهن مستقبلهم بين جدران السجون بدل مساعدتهم على تخطي المشكلة. وفي تصريح لوأج, شدد السيد قسنطيني على "وجوب إعادة النظر" في القانون رقم 04-18 المتعلق بالوقاية من المخدرات و المؤثرات العقلية و قمع الاستعمال والاتجار غير المشروعين بها الصادر في 2004 والذي "تشوبه الكثير من النقائص" حيث يؤدي تطبيق أحكامه المتعلقة بالمستهلكين الصغار للمواد المخدرة إلى نتائج "كارثية" على مستقبل هؤلاء الذين يوجد الكثير منهم في مقتبل العمر. وتنص المادة 12 من القانون المذكور على أنه "يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنتين وبغرامة من 5.000 إلى 50 ألف دينار جزائري أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص يستهلك أو يحوز من أجل الاستهلاك الشخصي مخدرات او مؤثرات عقلية بصفة غير مشروعة". ويرى الحقوقي أنه "من غير المعقول" رهن مصير الشاب الذي ضبطت بحوزته غرامات قليلة من المخدرات موجهة لاستعماله الشخصي من خلال توجيهه إلى السجن الذي "لا يعد أبدا الحل في هذا النوع من الحالات بل إنه سيؤدي إلى نتيجة عكسية تماما لا تصب أبدا في صالح هؤلاء الشباب". قرارات تلقائية وقد بلغت خطورة الوضع أن أصبح القضاة يصدرون تلقائيا أحكاما في حق من وردت أسمائهم في قضايا متعلقة بالمخدرات "حتى في غياب الأدلة المادية" يقول السيد قسنطيني. وأردف موضحا بأن القاضي أصبح "يتخوف من إطلاق سراح المتورطين حتى و لو تعلق الأمر بصغار المستهلكين" وذلك "خشية أن يؤدي قرار مماثل إلى المس بمصداقيتهم و سمعتهم المهنية". و في هذا السياق, لفت المتحدث إلى أنه "يتم و في جلسة المحاكمة الواحدة, الفصل في 10 إلى 15 قضية تتعلق بالمخدرات مما كان نتيجته أن أصبح نصف المحبوسين في السجون الجزائرية متهمون محكوم عليهم في قضايا ذات صلة بالمخدرات". كما أن هيئة الدفاع من المحامين أصبحت "تفضل التكفل بملفات تتعلق بالإرهاب بدل القضايا ذات الصلة بالمخدرات بالنظر إلى أن خاتمتها معروفة سلفا". ومن هذا المنطلق - يؤكد السيد قسنطيني - بأنه يتعين, بالإضافة إلى مراجعة القانون المتعلق بالوقاية من المخدرات, التركيز على حماية وتأمين الحدود الغربية مع المغرب الذي يعد بلدا مصدرا للحشيش الذي يسعى من خلاله إلى إغراق الجزائر بهذه المادة التي يستخدمها ك"سلاح للدمار الشامل موجه نحو الشباب الجزائري". وفي نفس المنحى, يوصي السيد قسنطيني بشن حملة توعية "جدية و معمقة" في أوساط الشباب بمختلف فئاتهم بإشراك كافة الفاعلين من أجل توعيتهم بالمخاطر التي ينطوي عليها استهلاك المخدرات وإقناعهم بضرورة تجنبها حفاظا على صحتهم ومستقبلهم. 15 مركزا للتكفل بالمدمنين عبر الوطن ومن جهته كشف نائب المدير المكلف بالصحة العقلية على مستوى وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات, الدكتور محمد شكالي, عن وجود 15 مركزا للتكفل بالمدمنين على المخدرات عبر الوطن. وأوضح الدكتور شكالي لواج أن هذه المراكز تسيرها المؤسسات العمومية للصحة الجوارية, مشيرا إلى أن بعضها "قطع أشواطا معتبرة في مجال التكفل بالمدمنين على غرار تلك المتواجدة بكل من عين تموشنت, الخروب, بوسماعيل والشراقة". وبالاضافة الى ذلك, يوجد 53 مركزا وسيطا عبر مختلف الولايات, 30 منها دخلت حيز التنفيذ, في حين يوجد الباقي في طريق الإنجاز. وأشار السيد شكالي بالمناسبة إلى تكفل هذه المراكز بما يقارب 11 ألف مدمن عبر الوطن خلال سنة 2013 . وأوضح أن الفئة العمرية 25-35 سنة تعد الأكثر إستهلاكا للمخدرات بJ 4770 حالة, متبوعة بالفئة العمرية 15-25 سنة ب4338 حالة ثم 35 سنة فما فوق ب2686 حالة, مشيرا الى أن القنب الهندي يأتي في مقدمة المواد المخدرة متبوعا بالحبوب المهلوسة. ووصف المتحدث المدمنين بضحايا هذه الآفة, مما يستدعي - على حد قوله - "التكفل بهم كمرضى وليس كمروجين للمخدرات". من جانب آخر, أوضح الدكتور شكالي أن وزارتي الصحة والتربية الوطنية تعتمدان أساسا على وحدات الكشف المدرسي من خلال برنامج وطني واسع للوقاية من هذه الظاهرة, مشيرا بالمناسبة الى أنه سيتم قريبا إطلاق برنامج وطني للصحة العقلية يخصص جزء منه للتكفل بالمدمنين على المخدرات. 23000 شخص محكوم عليه قضائيا تم تسجيل أكثر من 23.000 شخص محكوم عليه قضائيا خلال سنة 2013 في الجزائر متورطين في قضايا تتعلق بحيازة المخدرات و استهلاكها و تسويقها حسبما علم لدى ديوان مكافحة المخدرات و الإدمان عليها. وصرح المدير العام بالنيابة للديوان محمد بن حلة لوأج أن "عدد الأشخاص المحكوم عليهم قضائيا خلال سنة 2013 في قضايا تتعلق بالمخدرات بلغ 23.487 شخص من بينهم 130 امرأة". تم تسجيل 17.398 شخص محكوم عليه قضائيا من بينهم 81 امراة في قضايا تتعلق بحيازة المخدرات واستهلاكها و6.089 آخرين من بينهم 49 امرأة في قضايا تتعلق بالاتجار بالمخدرات. وبخصوص سن الأشخاص المحكوم عليهم قضائيا تشير الحصيلة إلى أن الأمر يتعلق بالفئة العمرية ما بين 18 و 55 سنة. كما استفاد أزيد من 4.500 مدمن على المخدرات من تكفل بمراكز العلاج التابعة لقطاع الصحة خلال الثلاثي الأول 2014. وأكد المدير العام بالنيابة للديوان محمد بن حلة أنه "في المجموع 4.544 مدمن على المخدرات من بينهم 243 امرأة استفادوا خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية من تكفل بالمراكز الوسيطة لعلاج المدمنين ومراكز علاج الإدمان". وفيما يتعلق بالحالة العائلية لهؤلاء المدمنين الذين استفادوا من تكفل بأحد هذه المراكز أوضح السيد بن حلة أن "3.701 عازبون و 772 متزوجين". وفيما يخص سن المدمنين قال أن 1.708 تتراوح أعمارهم ما بين 26 و 35 سنة و 1.691 (16-25 سنة) و 928 تفوق أعمارهم 35 سنة و 217 دون 15 سنة. وأوضح في هذا الصدد بأن علاج المدمنين و الإدمان على المخدرات يشكلان "جانبا هاما" في عمليات مكافحة هذه الآفة مذكرا بهذه المناسبة البرنامج المتعدد السنوات المتمثل في وضع شبكة واسعة لمراكز التكفل بمختلف مناطق الوطن. وأشار إلى أن مهمة الوقاية من مختلف الآفات الإجتماعية لاسيما مكافحة المخدرات والإدمان تعود إلى عدة قطاعات مع إشراك المجتمع المدني داعيا كافة الفاعلين المعنيين إلى إيلاء اهتمام خاص بالتحسيس والإعلام في هذا المجال. وفي هذا الصدد أعلن نفس المسؤول عن تنظيم ملتقى تكويني لفائدة الجمعيات قبل نهاية السنة الجارية قصد تحسيسها حول الأخطار المتعلقة بظاهرة المخدرات. إمكانيات "معتبرة" لكنها "غير كافية" هذا وتسخر الدولة "إمكانيات معتبرة" لعلاج المدمنين على المخدرات, لكنها تبقى "غير كافية" بسبب رتفاع الطلب على العلاج وتزايد استهلاك الكيف القادم من المغرب, حسب ما أكده السيد ياسين العلمي, طبيب مختص في الأمراض العقلية بمصلحة الوقاية والعلاج من الادمان على المخدرات بمستشفى فرانز فانون بالبليدة. وأوضح الدكتور العلمي في تصريح لواج أن الجزائر "رصدت امكانيات معتبرة لعلاج المدمنين على المخدرات كالسهر على تكوين الاخصائين وفتح مراكز الوقاية والعلاج من الادمان, لكن هذه الامكانيات تبقى غير كافية جراء ارتفاع عدد طالبي العلاج بهذه المراكز وتزايد استهلاك المخدرات في أوساط المجتمع وفي مقدمتها الكيف المعالج القادم من الممكلة المغربية". وأضاف أن مصلحة الوقاية والعلاج من الادمان على المخدرات بمستشفى فرانز فانون تتوفر على 40 سريرا خاصة بفئة الذكور و10 للنساء وتستقبل يوميا ما يعادل 40 مدمنا من مختلف الولايات". وحسب الحالات المعروضة على ذات المصلحة, يبقى الكيف المعالج القادم من المغرب الأكثر استهلاكا ثم الأقراص المهلوسة وبدرجة أقل مادة الكوكايين. وكشف المتحدث ذاته أن اتصال المدمن بمصلحة الوقاية والعلاج من الادمان على المخدرات بذات المستشفى يتم عبر عدة طرق منها اتصال تلقائي من طرف المدمن نفسه أو عن طريق أفراد عائلته, مشيرا الى ان نسبة المدمنين من الذكور الذين تتراوح أعمارهم ما بين 24 و35 سنة هم الفئة الأكثر اتصالا بالمركز بصفة تلقائية. كما يستقبل المركز أيضا المدمنين الذين يتم توجيههم من طرف الاطباء العامين والنفسانيين العاملين بمختلف مستشفيات وعيادات الوطن وكذا المدمنين الذين يتم تحويلهم من طرف العدالة الى المركز وهم من فئة المتابعين قضائيا بتهمة استهلاك المخدرات وحيازتها.