أوروبا في مواجهة قرارات ترامب.. كارثة أم آفاق؟    ترامب وهارفارد وحقوق الإنسان    مجازر جديدة بحق عائلات..استشهاد 22 فلسطينيا بغارات إسرائيلية    هدّاف بالفطرة..أمين شياخة يخطف الأنظار ويريح بيتكوفيتش    البطولة السعودية : محرز يتوج بجائزة أفضل هدف في الأسبوع    بيتكوفيتش يستعيد خيارا قويا في تشكيلة "الخضر"    علاقاتنا بتركيا متكاملة    وفد برلماني يزور فيتنام تعزيزا للتعاون بين البلدين    توقيف برنامج على قناة النهار    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزّة    قانون جديد للأوقاف    غزّة تتحوّل إلى مقبرة جماعية !    معرض إفريقي بالجزائر    هذا جديد الاستيراد والتصدير    زروقي يبرز مجهودات الدولة لتحقيق التنمية الرقمية    كرة القدم :"الخضر" يواجهون منتخب رواندا وديا يوم 5 يونيو المقبل بقسنطينة    دراسة آليات بيع الأضاحي المستوردة    رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية    تنظيم مسابقة وطنية للطلبة لأفضل فيديو توعوي لمكافحة المخدرات    وهران: الطبعة الثالثة للصالون الإفريقي للأعمال من 26 إلى 28 أبريل    كرة القدم: وليد صادي يجتمع بحكام النخبة في لقاء للتوعية حول الجولات المتبقية من البطولة    عطاف يستقبل نائب وزير الشؤون الخارجية لأذربيجان    حوادث الطرقات: وفاة 39 شخصا وإصابة 1526 آخرين بجروح في ظرف أسبوع    موانئ : معالجة أزيد من 31 مليون طن من البضائع خلال الثلاثي    تمنراست: الكتابة والنشر ضمن أولويات برنامج المحافظة السامية للأمازيغية    وزير الاتصال "محمد مزيان" حملات تضليلية تستهدف الجزائر لعرقلة مسارها التنموي    إطلاق حملة توعوية للوقاية من حرائق المحاصيل الزراعية عبر عدد من ولايات الجنوب    فلسطين: الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيمها    الاتحاد الإفريقي يضع كامل ثقته في الجزائر كقوة " استقرار إقليمية    حجز ما يقارب 3800 كبسولة من المؤثرات العقلية    أمن ولاية الجزائر: حجز أكثر من 75 مليون سنتيم مزورة    ملف الذاكرة قضية أمة.. وليس ريعا استعماريا    الجزائر تبقى شامخة رغم التحديات والتهديدات    تنظيم وتحيين الإطار القانوني لتجنيد قدرات الدولة    عودة الرحلات التجارية ل"تليفيريك" قسنطينة    54 مشروعا جديدا لتوصيل الألياف البصرية إلى المنازل    وضعية مقلقة لمنصف بكرار في البطولة الأمريكية    الرابطة تنظم إلى "الفاف".. تحذر الأندية وتتوعد بعقوبات شديدة    نتيجة مخيبة ل"السي يا سي"    نوتات عابرة للحدود.. من طوكيو إلى القاهرة مرورًا بسيول    تحدي "البراسيتامول" خطر قاتل    أجال اقتناء قسيمة السيارات تنتهي نهاية أفريل    تمكين زبائن "بريد الجزائر" من كشف مفصّل للحساب    مواعيد جديدة لفتح أبواب جامع الجزائر    اجتماع تنسيقي لتسريع رقمنة قطاع الطاقة والمناجم    صناعة صيدلانية: رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية و ضبط تسويقها    قسنطينة : اختتام الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الوطني للشعر النسوي    موضوع ندوة علميّة : إبراز جهود جمعيّة العلماء المسلمين في النّهوض بالمرأة والأمّة    توثيق جديد للفهد "أماياس" بشمال الحظيرة الثقافية للأهقار    بالله يا حمامي" و"باتا باتا" تجمعان شعوباً عبر الموسيقى    انطلاق تظاهرة شهر التراث    هذه مقاصد سورة النازعات ..    سايحي: "تطوير مصالح الاستعجالات " أولوية قصوى"    تسهيل وتبسيط الإجراءات أمام الحجّاج الميامين    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرضى يتحولون إلى زبائن بالعيادات الخاصة
كل الاخلاقيات تسقط على عتبة الدينار
نشر في الجمهورية يوم 18 - 09 - 2014

عانت سكان ولاية تيارت الجزائريين في الفترة الممتدّة بين سبعينيّات القرن الماضي و بداية القرن الحالي، من سوء الخدمات الصّحيّة داخل مراكزها الصّحيّة و مستشفياتها العمومية.. في عهد مجّانية العلاج و الدّواء "الباطل" حينما تبنّت الجزائر آنذاك النّهج الاشتراكي لتوفير الرّعاية الصحيّة لكلّ أبناء الجزائر دون تمييز.
إلاّ أنّ تدنّي الخدمات داخل مراكز و مستشفيات وزارة الصّحّة، أوجب عدّة إصلاحات اتّخذتها الدّولة قصد تحسينها، عصرنة القطاع بكامله و ترقية المنظومة ككلّ لضمان كرامة المواطن. و عليه تعزّزت الخارطة الصّحيّة العموميّة في ولاية تيارت، منذ 2008 الفترة التي تشهد حركية واسعة و نشاطا مستمرّا و تسجيلا لمشاريع عديدة رفعت نسبة كبيرة من معاناة المواطن التيارتي على العموم، من خلال عدة هياكل عمومية أضيفت إلى مجموع المؤسسات المنجزة سابقا في أطر مختلف البرامج الوطنيّة، الشّيء الّذي سمح فعلا، بتحسين الخدمات الإستشفائية الموجهة لساكنة الولاية،التي استفادت مؤخّرا مؤخرا من مستشفى لجراحة العظام- قسم للاستعجالات ومشروعي دراسة وإنجاز عيادتين متعددتين للخدمات بتخمارت وسيدي الحسني - في وقت يوشك فيه استلام ثلاث عيادات أخرى خلال الأسابيع القادمة بكل من مشرع الصفا ، تيدة وتيارت.
تعرف المؤسّسة الاستشفائيّة 120 سريرا بالسّوقر وتيرة مسارعة في الأشغال لتسليمها في الآجال القريبة. و بالتّوازي مع هذه الانجازات يحرص والي الولاية، على ترقية الخدمات الصّحيّة التي تبقى دون المستوى المطلوب و طموح الوالي، الذي يصدر العديد من الأوامر في المجال، عند كلّ زيارة تفقّد للقطاع الصّحّي بالولاية الذي يحصي 1448 سريرا عبر 15 هيكلا صحيّا منها 5 مستشفيات عمومية وثلاثة منها متخصصة ، 37 عيادة متعددة الخدمات و131 قاعة علاج.
ورغم هذه البرامج المنجزة، يبقى القطاع الصحّي العمومي بولاية تيارت يعاني من عدّة نقائص أهمّها – نقص في الفحوصات بالأشعّة المتطورة حيث يُبعث بالمرضى إلى العيادات الخاصّة لعدم وجود أخصّائيّين بالمستشفيات المجهّزة بأحدث العتاد الفحص الطبّي، نوعية الخدمات المختلفة التي تبقى محليّة ، نقص في الأدوية إلخ.. لكنّ معاناة المرضى تبقى قائمة لما يتلقونه من متاعب بعيادات الاخصائيين.

المواعيد بعد منتصف اللّيل و الفحوصات بعد ال 3 زوالا-
إنّ أغرب التّدابير التي يلجأ إليها في التّسيير الشّفّاف لعيادات الأخصّائيّين بمدينة تيارت عاصمة الولاية، فرض تسجيل اسم المريض في قائمة المواعيد التي يشرف عليها القائمون "السّاهرون" على تنظيم مواعيد العلاج.. بعد منتصف اللّيل- حيث تضمّ القائمة ، و بالعدل و الشّفافية التّامّة الأوّل بالأوّل و التّالي بالتّالي.
لكنّ القائمة التي تعدّ ليلا، قابلة للتّغيير و العبث بترتيبها وفق الهوى و وفق المصلحة. فهي تتغيّر بفعل فاعل مسؤولا كان، موظّفا، مرفّها، تشيبا، محسوبية أو غير ذلك من الوسائل التي تمكّن مستعمليها من اجتياز كلّ الحواجز الإنسانية و الأخلاقية للوصول إلى الطّبيب، من غير موعد- ليبقى- القلّيل- ينتظر دوره في صمت و معاناة إضافية باهظة الثّمن و الكرامة عسى أن يرضى عليه بوّابو الرّحمة الدّينارية و يسمحون له بالوقوف في دهليز العيادة.
هذه الوضعية التي لم تعد يطاق لها جانبا، لم ترحم المرضى الزّوالية حتّى في موجة الثّلوج و الطّقس البارد التي اجتاحت الولاية مؤخّرا، حيث وقفت الجريدة على العديد من الحالات القادمة من أماكن متفاوتة المسافات. فهؤلاء المصابون الذين يقصدون مقرّ الولاية للعلاج، يجدون مشكلا آخر.

دورة المياه وسط قاعة الانتظار للرّجال -
صادفت الجريدة في إحدى زياراتها الميدانية لعيادات الأخصّائيّين بتيارت، تحرّكا غير عاديّ بين مرضى قاعتي الانتظار.. تنقّلت فيها السّيّدات على وجه السّرعة من قاعتهنّ للانتظار إلى قاعة الانتظار للمرضى الرّجال، في سابقة غير طبيعيّة، تبيّن من خلالها أنّ دورة المياه موجودة في قاعة الرّجال، و عليهنّ أن يدخلنها أمام مرآهم لمن كانت تريد قضاء الحاجة من القادمات إلى مدينة تيارت من ساكنة الولاية. إلى جانب أنّ قاعة الرّجال التي تضمّ دورة المياه، غير مزوّدة بنافذة للتّهوية ما جعل العيادة أصلا، حسب المسؤولين على القطاع، غير مؤهّلة لأن يرخّص لها لمزاولة العلاج بسبب غياب شروط النّظافة و المواصفات الطبيّة لقاعات الانتظار.
هذه الحالة المتواجدة داخل إحدى عيادات طبّ أمراض القلب بتيارت، تصحبها ظاهرة أخرى لا تقلّ عنها خطورة و تتمثّل هذه الظّاهرة في قضاء المرضى نساء و رجالا لساعات طويلة واقفين ينتظرون دورهم.

وقوف بالساعات ترقبا للفحص -
ما يزيد الطّين بلّة لدى قطاع الأطبّاء الخواص، ضيق القاعات التي لا تتوفّر على شروط راحة المريض، و لا على أدنى خدمات العيادة لمن تكون حالته حرجة.. بحيث يبقى المرضى واقفين لساعات طويلة، ينتظرون دورهم من أجل الفحص الطبّي الشّامل للقلب مثلا. و دون أخذ قسط من الرّاحة، تعيد النّشاط القلبي المتعب بسبب الوقوف، تجرى الفحوصات و الكشوف و يسجّل ضغط الدّمّ للمريض – لتحرّر له الوصفة الطبيّة الخاطئة، حسب المتخصّصين في الميدان، الذين يشترطون عودة النّشاط القلبي إلى طبيعة ما قبل الجهد الآني، كصعود السّلّم، الوقوف المطول، القلق من طول الانتظار إلى غير ذالك من الأسباب التي تزيد في خفقان القلب.
حالات مماثلة عديدة شهدتها أبنية العيادات الخاصّة التي أصبحت تعتبر المريض زبونا دائما للأخصّائي المعالج و ذالك بجعله يتردّد على العيادة المعنية كلّ مدّة زمنية.. متناسين أنّ المواعيد تكلّف المريضة، زيادة على المعاناة، مصاريف إضافية كبيرة لا يقوى تحمّلها عليها البسطاء من المواطنين الذين هم غالبية الزّبائن المغضوب عليهم من قبل القائمين على تنظيم الدّخول على الطّبيب المعالج الذي لا يعبأ بما يحدث المرضى في قاعات الانتظار من فوضى بسبب سوء التّسيير و المحاباة.

شهادات مرضى لا يجدون بديلا فيرضون بالاهانة -
أجمع المرضى الذين أجرت معهم " الجريدة - حوارا واسعا، أنّ غالبيتهم يعانون من أمراض مزمنة و أنّهم لا يجدون بديلا عن البهدلة التي يدفعون فيها أموالهم، مقارنين ذلك بالتّداوي في المراكز الاستشفائية العمومية التي حسبهم، يكاد ينعدم فيها الأخصّائيّون، بعض شروط النّظافة غائبة، قلّة الدّواء في صيدلياتها و ما شابه ذالك.. لكنّ كرامتهم محفوظة و – الدّالة - فيها حسب وصول المرضى الذين ينظّمون أنفسهم في قاعة الانتظار، دون ما سهر اللّيل على عتبة المستشفيات. الشّيء الذي ينعدم تماما في العيادات الخاصّة التي زيادة على المشقّات لا تحفظ كرامتهم. و قد صرّح بعضهم بما يلي:
محمد من مدينة فرندة الساعة الثالثة و الموعد كان على العاشرة
كما ترى أنا هنا منذ السّاعة التّاسعة صباحا، و عندي موعد على السّاعة العاشرة، و السّاعة الآن ال 3 زوالا، و لم تمكّنّي الممرّضة من الدّخول. و الأغرب في الأمر، أنّ والدتي أجرت عملية جراحية في العاصمة على قلبها بتوجيه منه، و من المفروض أن تحظى بمراقبة طبيبها.. لكنك كما ترى، لا حياة لمن تنادي.. البهدلة بالدراهم يا أخي و خلاص!
السّيّدة –م م - :جئت منذ الرابعة صباحا
هذا موعدي الثّالث على العاشرة صباحا كما ترى يا أخي، حسب الممرّضة، لكنّنا كلّنا لنا مواعيدنا على السّاعة العاشرة صباحا، و السّاعة كما ترى تشير إلى 3:30 زوالا و أنا هنا منذ ال 4 صباحا و أسكن على بعد 100 كلم من تيارت.
الحاجّة- س- من مدريسة : قياس ضغطي 14 و ليس 21 كما يدعي
(و هي تغادر العيادة غاضبة و ساخطة) شوف يا ابني البهدلة التي وصلنا إليها، هؤلاء الأخصّائيّون، يريدونا أن نبقى زبائن عندهم. في المرّة الأولى، ارتفع ضغطي و قال لي أنّه بلغ 21، و وصف لي الدّواء و أعطاني موعدا. كما يعلمه الجميع، جاء ولدي فجرا ليسجّل اسمي ضمن قائمة المرضى، و منذ ذلك الوقت و نحن ننتظر دورنا و لم يأت. في المرّة الثّانية كنت في صحّة جيّدة و لمّا قاس ضغطي قال لي 21. و اليوم فأنا في موعدي الثّالث، قاس ضغطي ، ثمّ أعاد قياسه للمرّة الرّابعة فقال لي 16. قلت له و الله ما كان منها، أنت تريدني أن أبقى زبونة عندك، و صدّقني يا ابني قياس ضغطي في مدريسة 14 و هو يريد أن يدهشني من أجل !
أ.ج.ك- الطبيب لم يقرا خصائص الدواء
دعني أقول لك، أخذت أمّي عند أخصّائي فكادت تموت بين يديّا لمّا تناولت أوّل حبّة من دوائها الذي وصفه لها. أصيبت بحساسية شديدة كأنّها حروق.. و لمّا أعدتها إليه، هذا الأخصّائي الذي له شهرة مزيّفة ، قال لي، اسمح لي هذا دواء جديد و لم أقرأ جيّدا خصائصه. ماذا تقول في أخصّائي، يرحم باباك، يصف دواء لا يعلم خصائصه؟!

و تبقى هكذا العيادات الخاصّة عند الأخصّائيّين، تشهد طوابير كبيرة يوميا لتقديم خدمات متدنيّة و مبهدلة لمرضاهم الذين يضعون صحّتهم و حياتهم بين أيديهم.. و في المقابل، انعدام الشّروط الصحيّة، انعدام أخلاقيات المهنة، انعدام احترافية الأخصائيين، انعدام سوء التّسيير، و انعدام كلّ أسباب الاستشفاء و التّطبيب و الرّاحة و التأنّي أثناء الفحص.
عيوب التّسيير في المؤسّسات العمومية التي تشهد تحسّنا كبيرا عبر غالبية المصالح الطبيّة بولاية تيارت،و الّتي و إن كانت ما تزال ناقصة.. إلاّ أنّ ما يحدث في عيادات الأخصّائيّين أمرّ و أدهى و يستوجب وقفة حازمة و مراقبة صارمة من قبل الوزارة و المديرية المعنيتين – لضمان كرامة المرضى الذين يدفعون أموالهم و يقطعون مسافات طوال من أجل "لاشان" في نص اللّيل!؟



انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.