تقهقر أغاني بعض الفنانين وراء الإقبال الكبير لأعمال الشاب حسني لا تزال الأغاني التي أبدع فيها المرحوم الشاب "حسني" إلى اليوم تشهد إقبالا كبيرا من لدن الشباب في بلادنا، لاسيما الجيل الذواق للفن الأصيل والكلام الجميل، فرغم أن التراث الفني للعندليب الوهراني يعبر عن زمن يخالف كثيرا زمن جيل ال"فايسبوك" وال "تويتر"، إلا أن العديد من شبابنا لا يزال يحن إلى أغانيه التي وجد فيها ضالته وراحته النفسية وحتى الذوقية، خصوصا وأن المرحوم كان يعرف من أين تؤكل الكتف، وما هي الباقات الفنية الرايوية التي يبحث عنها المعجبون بحنجرته الدافئة الجهورية، فعالج بذلك مكامن الألم والجرح العاطفي للشاب الجزائري، وتناول في ألوانه الفنية الزاهية موضوع ومأساة العاطلين عن العمل والراغبين في " الهدة " ، إضافة إلى مواضيع أخرى عن اليتيم ، الوالدين ، الزهر و " الميمون" ، لذلك يقول الكثير من النقاد والمتابعين للتراث الهائل الذي خلّفه الفنان الراحل، أن " حسني " كان طبيبا فنيا مختصا في معالجة شتى أنواع الاكتئاب والقنوط النفسي لدى الملايين من الجزائريين، فبفضل أغنية "ما بقاتش الهدة.... غير هنا ونديرو القلب " عزف المئات من الجزائريين عن الهجرة غير الشرعية إلى ما وراء البحار. من جهة أخرى استطاع العندليب " حسني" بفضل أغانيه العاطفية الشجية أن يؤصل لحب وود عميق بين المتحابين ، فالمرحوم الذي لقب بملك الأغنية العاطفية، كان وبشهادة الكثير من النقاد بمثابة النموذج الحي للشاب التواق إلى إحياء رسالة أن الجزائر ، وبالرغم من الجراح التي كانت تعاني منها إلا أن فيها من العوامل والمقومات ، ما يجعلها تتبوأ مكانة لا يستهان بها بين الأمم ، لذلك كان سفيرا فوق العادة وبدون ورقة اعتماد من أحد، جعلته يصدح ويتألق في مختلف المحافل الدولية التي كان يغني فيها، فصوته الساحر وصل إلى أمريكا، فرنسا، كندا، ألمانيا وحتى في دول الخليج والمشرق العربي، ما جعل الكثير من هذه الشعوب تدرك بأن للجزائر أرض الشهداء ، كوكبة من الفنانين العالميين المتألقين، الذين بإمكانهم زحزحة وزعزعة عرش الطرب والفن والغناء الذي بدأ يغزو الكرة الأرضية ويفتح الحدود من شرقها إلى غربها .. وما ينبغي الإشارة إليه، هو أنه وعلى الرغم من مرور سنوات عديدة على أعمال المرحوم الشاب " حسني " ، إلا أن هذه الأخيرة لم تفقد بريقها ولا قيمتها الفنية وحتى التسويقية، حيث لا يزال جمهوره إلى اليوم يشترونها ويطلبونها في مختلف المحلات ومراكز البيع التجارية، وهذا لعدة أسباب منها وعلى وجه الخصوص ، معالجتها لمشاكل اجتماعية وعاطفية راهنة ، زيادة إلى تقهقر مستوى بعض الفنانين الذين ظهروا مؤخرا في المسرح الرايوي، وتأديتهم لألوان فنية أقل ما يقال عنها إنها هابطة، ولا يمكن سماعها في المنازل والبيوت لما تحتويه من عبارات سوقية وإيقاع موسيقي رديئ ، هذا هو" الكروان" الذي اغتالته أيادي الغدر الحاقدة، حيث وإن تمكنوا من قتله جسديا في حي " قمبيطة " الشعبي، إلا أنهم لم يقتلوا فيه تلك الرسائل الفنية الهادفة التي كسّرت كل أشكال الحب العفيف والنصائح الشبابية الهادفة..