25 % من المصريين يعيشون تحت خط الفقر و25 فوقه باكلاد عائلات تنادي بإطلاق سراح آلاف المعتقلين السياسيين السير على الأقدام لتوفير المال الذي يخصص لاستيراد الوقود بعد مرور أكثر من ثلاثة أعوام على الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس المصري حسني مبارك الذي مكث في الحكم لفترة طويلة، عادت مصر إلى نقطة الصفر وفي ظل تأييد شعبي كاسح، انتهى حكم الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، الذي استمر لمدة عام، لتختار، مصر في النهاية القائد العام السابق للقوات المسلحة عبد الفتاح السيسي رئيسا لها بعد سباق رئاسي جرى بينه وبين السياسي المصري حمدين صباحي.. تساؤلات كثيرة طرحت حول مستقبل مصر بعد اعتلاء السيسي كرسي الرئاسة ... ولكن ما لا يختلف عليه اثنان حاليا في مصر هو أن النظام العسكري والبوليسي هو الأحسن حاليا للتحكّم أكثر في زمام الأمور والعودة إلى الطريق ومحاولة بناء مستقبل مصر في ظل تطورات اقتصادية وسياسية وجيو استراتيجية وأمنيّة في المنطقة. في جولة استطلاعيّة قادت " الجمهورية" إلى اكبر شوارع وبعض أزقّة القاهرة التي كانت تعجّ بمواطنيها، حيث انه لا يفرّق الزائر لهذه العاصمة بين يوم سوق ويوم عادي، أجمع أغلب الذين التقينا بهم بأن " استقرار مصر يعني بالضرورة استقرار المنطقة" ويبدو أن معظم المصريين يرون في السيسي أفضل ما ترجوه مصر للخروج من أعوام الاضطرابات في مرحلة ما بعد مبارك، ويواجه الرئيس المنتخب لمصر سلسلة من التحديات التي سوف يكون من الصعب التغلب عليها، حيث يشهد الاقتصاد تدهورا كبيرا منذ عام 2011، وأصبح لتنظيم القاعدة موطئا في سيناء يهدد بالامتداد إلى وادي النيل، بالإضافة إلى فرض التجوّل بمنطقة العريش التي تعرف هي الأخرى اضطرابات أمنيّة شكّلت خطرا كبيرا على قوافل المساعدات الإنسانية التي كانت تدخل لغزّة عبر معبر رفح، حيث اضطرّ الوفد وممثلو سفارة الجزائرية والهلال الأحمر المصري الحامل للأدوية والعتاد الطبي إلى قضاء الليلة بالعريش ومواصلة السير في نهار اليوم الثاني بسبب حظر التجوّل الذي فرض على العريش منذ ولوج السيسي إلى الحكم ... بالإضافة إلى تحديات أخرى لا تقل أهميّة عن سابقتها تبرز في الوضع الاجتماعي المزري الذي يعيشه المصريون بسبب انخفاض الدخل الفردي وانتشار رقعة البطالة والفقر في أوساط الطبقة المعدومة التي تمثّل نسبة عالية في مصر حاليا وهو ما يجعل في إعادة إحياء الاقتصاد التحدي الأكثر أهمية أمام السيسي. الاقتصاد : القوة المنقذة؟ فبالنسبة للعارفين بخبايا الاقتصاد المصري وفي ظل وجود حوالي 25 في المائة من المصريين يعيشون تحت خط الفقر، ونسبة مماثلة تعيش فوقه بالكاد، رغم أن ما نراه في الواقع يبرز نسبة اكبر بكثير من الأرقام الرسميّة، يجب على السيسي أن يتحرك في ملف الاقتصاد، يأتي هذا في الوقت الذي لمحت فيه كل من المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت، الدول التي ضخت المليارات في الاقتصاد المصري منذ الإطاحة بمرسي، إلى أنها لن تستمر في دعمها إلى ما لا نهاية، خاصة إذا لم تتخذ مصر سياسات واضحة وإصلاحات كبيرة ... السيسي لم يفعل لا هذا ولا ذاك، "فنهجه محير" فبعد أن ذكّر في أكثر من خطاب بأن للقطاع الخاص دور، إن لم يكن واجب، في الاستثمار لا يزال ملتزما بالقطاع العام وجعل الجيش مسؤولا عن إدارة مشروعات إسكان ضخمة تمولها دولة الإمارات، وبالإضافة لكل ما سبق، فالحكومة لا تستطيع اتخاذ قرارات فيما يتعلق بالإصلاح العاجل المطلوب لدعم الغذاء والطاقة، الذي يستحوذ على ثلث الميزانية العامة للدولة. من بين الذين التقت بهم "الجمهورية" إطار في مؤسسة رفض الكشف عن هويّته، أكد، انه " على السيسي تبني مجموعة من السياسات إن أراد أن ينجح في عمله، إذ عليه تحقيق المصالحة السياسية وإدخال تيارات الإسلام السياسي مجددا إلى العملية السياسية، كما أن عليه إلغاء بعض القوانين التي اعتمدت مؤخرا مثل قانون التظاهر"، قبل أن يضيف، "لكني أرى من وجهة نظري أنه لن يعتمد هذه السياسات بسبب تعارضها مع مصالح الفئات التي دعمته"، موضحا، أن " شريحة مهمّة من المجتمع توافقني الرأي ولكن لا يمكنهم الإفصاح عن مثل هذه الأمور لحساسية الموضوع" وهذا فعلا ما لمسناه فبمجرّد أن تسأل ويستشعر المواطن المصري أنك تقوم باستجوابه دون أن تكشف عن هويتك على انك صحفي حتى يرفض تماما التصريح أو يجيب " ماليش في السياسة وأنا بعيّش ولادي". وضع مقلق ومشاكل بالجملة مستقبل مصر السياسي مقلق بالنسبة للبعض خاصة وأن الشارع لم يستقر بعد بشهادة الكثيرين عن الأوضاع الاقتصادية مازالت سيئة والمشاكل اليومية من انقطاع للكهرباء وارتفاع للأسعار وغيرها مستمرة، وهذا ما يمارس ضغطا كبيرا على المواطن المصري العادي، الذي سيخرج بدوره ليمارس ضغطا على مسؤولي مصر لإيجاد حلول لها، ويتوقّع البعض حدوث اضطرابات أو ثورة جديدة إذا لم تحل هذه المشاكل الاقتصادية خاصة وأن لا أحد يملك حلا لها، على الأقل في المستقبل القريب، معتبرين، أن السيسي سيضطر إلى عقد تفاهمات وتقديم تنازلات لتخفيف الاحتقان في الشارع، فمثلا هناك عشرات الآلاف من المعتقلين في السجون المصرية، وأهاليهم لن يهادنوا حتى يتم إطلاق سراح ذويهم المعتقلين. من جهة أخرى يرى البعض في الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، " الحامي والمنقذ لمصر" من بينهم السيدة فوزيّة .س وهي مديرة مؤسسة تربويّة أكدت أن فوز عبد الفتاح السيسي بالانتخابات الرئاسية "أمرا طبيعيا ومنطقيا ومتوقعا"، مضيفة، "لقد أنقذ السيسي مصر من براثن الإخوان الذين جثموا على نفوس المصريين لمدة سنة كاملة، كل المصريين تبعا لذلك تمنوا وسعوا لإيجاد حلول للخروج من ورطة الإخوان، الذين انخرطوا أثناء حكمهم في مسلسل الإستحواذ على جميع المناصب" لتقطعها معلّمة بذات المؤسسة "السيسي رسول العناية الإلهية لإنقاذ الشعب المصري وأعتقد أن مصر مقبلة على مستقبل زاهر في الأيام القادمة، بعد أن أعاد لها السيسي اللحمة الوطنية، وستشهد مصر في عهده عقودا من الرفاهية والأمان وعرفت البعض من الاستقرار وستعرف الأمن أكثر في عهد السيسي، والمشهد السياسي في مصر مقبل على مفاجآت كثيرة". قوانين جديدة ورقابة شديدة السيسي طالب المصريين بالمشاركة في حل أزمات البلاد وركوب الدراجات والذهاب للعمل سيرا على الأقدام لتوفير الملايين التي تدفعها الدولة لاستيراد الوقود، وأعلن تبرعه بنصف ثروته الشخصية ونصف راتبه لدعم الاقتصاد المصري، وطالب من وزارة المالية تطبيق قواعد الحد الأقصى للأجور وأحكم سيطرته على المؤسسات الدينية والتعليمية، إذ سيسمح لخريجي الأزهر فقط، منارة التعليم الأساسية للمسلمين، بإلقاء الخطب الدينية، كما سيختار السيسي بنفسه رؤساء الجامعات وعمداء كلياتها ... ويستمر قمع جماعة الإخوان المسلمين. وحكم على أكثر من ألف من أعضاء الجماعة بالإعدام بمحاكمات قصيرة في المحاكم ... كما حكم على شباب تحدوا قانون ضد التظاهر، الذي صدر نهاية ديسمبر بأحكام مشددة، وواجه صحفيو الجزيرة اتهامات باختلاق قصص، كما أن بائعي الشوارع معرضون للاستهداف، في إطار جهود الدولة لتنظيف المدن ... كلّها قرارات قرأنا عنها وسمعنا عليها الكثير خلال زيارتنا لمصر وللقاهرة على وجه أخص ولكن ما ينتظره المصريون فعلا اليوم هو الاستقرار، الأمن وضمان الحد الأدنى لحياة كريمة كغيرهم من الشعوب خاصة أن مصر ولوقت لم يكن ببعيد كانت من الدول التي يحسب لها ألف حساب عندما يتعلّق الأمر بالأمن في المنطقة أو بالتمثيل في المحافل الدوليّة.