تحدّث المخرج المصري المعروف خالد يوسف، عضو الهيئة الاستشارية العليا لحملة المرشح الرئاسي المشير عبد الفتاح السيسي، في حوار ل«الخبر"، عن أسباب تخلّيه عن صديقه المرشح المنافس حمدين صباحي، ودعمه للسيسي في الانتخابات الرئاسية المنتظرة نهاية الشهر الجاري، واصفا السيسي ب«رجل المرحلة" و«منقذ مصر وشعبها". مؤكدا أن صباحي يصلح لرئاسة مصر، غير أن الظروف التي تشهدها البلاد والتهديدات الداخلية والخارجية– على حد وصفه- جعلته ينحاز للسيسي. ورفض خالد يوسف وصف السيسي ب«خليفة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر"، مؤكدا أنه "لا أحد خليفة لعبد الناصر"، كما تحدّث عن وضع جماعة الإخوان المسلمين وبقايا رموز مبارك، مشددا على أنه "لا عودة إلى الوراء، ولا تصالح معهم". بداية كيف ترى الوضع في مصر على مقربة من موعد الانتخابات الرئاسية، وفي ظل استمرار العلميات الإرهابية والتفجيرات الانتحارية؟ الأكيد أن ما تشهده البلاد من تفجيرات وعمليات إرهابية أحد عوامله اعتبار جماعة الإخوان المسلمين وأنصار بيت المقدس جماعة إرهابية. والعامل الأساسي هو هزيمة الإخوان. وكان لابد من ردّ فعل على هزيمة هذا المشروع بالضربة القاضية التي تلقاها من الشعب المصري، فانتهجت العنف لإخضاع الشعب مرة أخرى لها، وتعتقد أن نهج العنف والعمليات الإرهابية يعيدها مرة أخرى إلى المشهد، وهذا تفكير فيه حمق وغباء سياسي، لأنه لا توجد شعوب تركع بالتخويف، حتى في عصور الاستعمار. وأي جماعة تعتقد أنها تتمكن من تركيع إرادة شعب هي واهمة وحمقاء، فتزايد العمليات والتفجيرات ناتج عن محاولات يائسة وبائسة منهم، وهذه الأمور جربت كثيرا، آخرها كان في الجزائر لكنها لم تفلح، خاصة إذا كان وراء الدولة مؤسسات كاملة تؤيدها، وظهير شعبي لم يحدث في التاريخ واتفاق جماعي بنزول الملايين في لحظة. وبالتالي مستحيل أن تنتصر هذه الجماعات المتطرفة على إرادة شعب. وهل تتوقع أن هذه العمليات ستنتهي بعد انتخاب رئيس جديد للبلاد؟ بلا أدنى شك ستقلّ ولن تنتهي، لأن هذه الجماعات تربت على منهج العنف في أدبياتها، وهي تحاول إرباك المشهد الانتخابي. لكن رويدا رويدا ستندثر. تساؤلات كثيرة يطرحها المصريون بعد تخليك عن صديقك حمدين صباحي، والتحاقك بحملة السيسي، ما السبب؟ في رأيي، إن الناس لديها ملحوظات ليست في محلّها، حمدين صديق عمري، وأنا لم أتخل عنه، ولديّ أصدقاء آخرون أكثر قربا من حمدين هل أرشحهم لرئاسة مصر؟ أنا رشحت حمدين في 2012 لأني رأيته الأنسب بين جميع المنافسين وقتها. وفي ظل المعطيات الموجودة على الأرض والمتغيرات التي طرأت على الوضع أعلنت دعمي للسيسي، والسبب أنه ولأول مرة في تاريخ مصر، منذ أربعة آلاف سنة، تكون مهددة من خمس جهات، البوابة الشرقية التي جاءنا منها عبر سنين طويلة مرورا بالمغول والتتار وغيرهم، والبوابة الشمالية والغربية والجنوبية والعدو الداخلي الذي يريد أن يهزم هذه الدولة. فالدولة المصرية تواجه تهديدات ببقائها، وهذه ليست مبالغة مني. عندنا مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تقوده أمريكا وتركيا، وآلاف الإرهابيين المصريين المتربصين بالوطن من البوابة الغربية في ليبيا، وبالتالي أصبح البيت المصري في خطر دائم، وهو محتاج لتماسك مجتمعي حتى نصدّ الخطر القادم من الخارج، ومنذ عهد عبد الناصر لم نر تأييدا شعبيا جارفا لشخص كما حدث مع السيسي، ومؤسسات الدولة كلها تشعر بأنه ابنها الذي تقدّمه للشعب، وظهير جماهيري يكاد يمثل الشعب بأكمله، وما أحوجنا أن نتكاتف وراء شخص حتى نستطيع مواجهة هذه التهديدات. وأنا أرى أن السيسي مرشح الضرورة، مثلما قال هيكل، لكن هذا ليس معناه أن حمدين لا يصلح، بالعكس وإلا ما رشّحته من قبل، لكن ليس لديه هذه الشعبية الجارفة، لذلك أرى أن السيسي رجل هذه المرحلة، والشعبية الجارفة التي حصل عليها جعلت من المستقبل في أمان، يتمثل في وجود رجل يتكتل حوله المصريون ككتلة متماسكة تواجه هذه المؤامرات. وهل ترى أن السيسي خليفة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر؟ السيسي هو الشعبية التالية بعد شعبية عبد الناصر. ولا أحد خليفة عبد الناصر ولا تجربة سياسية امتدادا لتجربة سياسية أخرى. ونحن نعيش في ظل معطيات وظروف دولية جديدة وزمن. والسيسي استطاع أن يصنع بطولة صحيحة يوم 3 جويلية، عندما انحاز للشعب المصري، وعندما يصبح رئيسا للجمهورية ممكن تزداد هذه الشعبية وتتكرس في خدمة مصر أو تزول. وزمن السيسي مختلف عن عبد الناصر، ففي ثورة 1952 لم يكن ظاهرا أن عبد الناصر هو قائد الثورة، وإنما محمد نجيب، ولم تكن وقتها شعبية جارفة لعبد الناصر الذي بدأت شعبيته تزداد مع الأيام عبر قرارات انحازت لغالبية المصريين، من إصلاح سياسي ومجانية التعليم والعلاج وبناء السد العالي، وتشكيل الطبقة الوسطى التي لم تكن موجودة، كما دخل في تحد مع الدول العظمى، واستطاع الصمود عندما وقف الشعب إلى جانبه، وكان عاملا في تراكم شعبيته ووصلت إلى منتهاها. أما السيسي فقد بدأ من لحظة عالية، إما أن يراكم ويحافظ عليها، وممكن أن تخذل قراراته هذا الشعب. نحن في محك، وأتصور من فهمي وقربي له أن قراراته ستنحاز أكثر إلى الشعب، وسيتمكن من دخول قلوب المصريين أكثر فأكثر. لكن يبقى التخوف واردا من نزول شعبية السيسي وعودة المصريين إلى الميادين للمطالبة بإسقاط النظام.. هذا غير وارد، والسيسي أذكى من ذلك، ولا أتوقع أن يصدر قرارات تخذل المصريين، وهو يعلم أن هذا الشعب كسر حاجز الخوف منذ 25 جانفي مرورا ب30 جوان، وأسقط رئيسين في أقل من ثلاث سنوات، وبالتالي أتصور أنه سيلتزم بأحلام المصريين، وتحقيق أهداف وشعارات الثورة التي خرج من أجلها المصريون. يعني أنت ترى أن السيسي رجل المرحلة الذي سيحقق مطالب المصريين وثورة جانفي.. السيسي منقذ مصر والشعب المصري، ويبقى الشعب هو البطل. وكما قال عبد الناصر “الشعب هو البطل والمعلم”، وهو من اختار قيادة السيسي وبإذن اللّه الانتخابات ستكرس لهذا الاختيار، لأن السيسي جاء بعد بتأييد ومطلب شعبي حاشد وليس لأنه كان يريد السلطة، فالشعب هو الذي اختاره قائدا، لكن في النهاية البطل هو الشعب نفسه، لأن الزمن ليس زمن الزعامات الكبرى، كما كان في الخمسينيات والستينيات أيام عبد الناصر ونيهرو وبن بلة وجيفارا وبومدين وكاسترو، لأن ذاك كان عصر أشواط البشرية نحو التحرر وقد ولّى، ونحن في زمن الشعوب والشعب هو البطل، لذلك ثورات الربيع العربي وإن استهدفت بمؤامرات غربية وغيره، إلا أنها كانت حركات شعبية حقيقية. وهل ترى عدلا في المنافسة بين حمدين والسيسي؟ ما هي مظاهر إخلال العدالة في هذه المنافسة؟! وهل من العدل أن يظهر السيسي بالبذلة العسكرية لإعلان ترشحه؟ هذا الكلام لا يفرق. وهل من العدل أن تترك حمدين لصالح السيسي؟ وأيّا منهما يحتاجك أكثر؟ مصر من تحتاجني، وفي حاجة لكل مصري لمواجهة هذه الأخطار، وأنا داعم لمصر وليس مع السيسي، وقد انضممت للسيسي لأجل القضية الوطنية. ولما انضممت لحمدين ودعمته في انتخابات 2012، كان أيضا من أجل مصر، وعلاقتي بحمدين تاريخية تمتد لأكثر من ثلاثين سنة. وعندما تم استدعائي من المشير السيسي واختارني في الهيئة الاستشارية ذهبت لحمدين، وكان أول شخص أخبره بذلك وقلت له إني سأؤيد السيسي، وماكان منه إلا أن يقول لي “بما أن هذه هي قناعاتك وأنت تؤدي مهمة وطنية أنا أشد على يديك، ولن أغضب منك لأنك لا تعمل شيئا تحت وطأة الحاجة والمصلحة، وإنما عن قناعة وستظل صديقي”. فأنا احترمت فيه ذلك، بل وقال لي إن فيه مصلحة وطنية في تأييدي للسيسي، لأن هذا الرجل لو تخلّت عنه كل القوى الوطنية وكل القوى الثورية لن يجد حلفاء غير فلول مبارك، فوجدت في حمدين رشدا سياسيا كبيرا، عندما قال إن البلد ليست في موقف يسمح بأن يكون الصراع بين الدولة والثورة. هل ستفرح كثيرا بفوز السيسي أم صباحي؟ سأكون سعيدا في كلا الحالتين، من منطلق أن هذا اختيار الشعب الذي طالب السيسي بالانحياز له، وأنا مع هذا الشعب الذي أمثله. ولو غيّر الشعب رأيه واختار حمدين سأكون سعيدا أيضا، لأن الشعب هو الذي يعلّمنا، ويغيّر رأيه في أي لحظة فهو الذي اختار مرسي ثم عاد وأسقطه. صباحي نزل إلى الشارع لعقد مؤتمرات شعبية، في حين إن السيسي توجّه إلى العالم الافتراضي، ألا ترى أن هذا فيه نوع من التعالي على الشعب؟ لا أعتبره تعاليا وإنما لاحتياطات أمنية، لعلمه بأن الجماعات الإرهابية مستعدة لقتل الآلاف حتى تصل لهذا الرجل، وبالتالي هناك مخاطر أمنية حقيقية وهائلة من خروجه وسط الجماهير، ليس خوفا على نفسه وإنما خوفا على آلاف الجماهير التي ممكن أن تموت جراء حوادث انتحارية، والمحك ليس بمجرد الاحتكاك بالناس باللمس. المحك هو تبني مطالب الجماهير بشكل جاد وحقيقي، وهذا هو الفيصل. وهناك رؤساء قادوا شعوبهم وهم على كرسي متحرك، وأنا لا أقصد هنا الرئيس الجزائري بوتفليقة، أنا أتكلم عن الرئيس الأمريكي في الحرب العالمية الثانية، لأن هناك ظروفا تمنع الاحتكاك المباشر، ولكن القضية ليست أن تكون محتكا بالجماهير بقدر إحساسك بمعاناة الفقراء والمساكين وتبنيك لمطالبهم عن قناعة حقيقية أم لا، خاصة وأن الكثير من الأفاقين، وهنا لا أقصد حمدين أكيد، كثير منهم ينزلون وعندهم نظرية مثل المشهد الشهير لعادل إمام عندما سلم على فم طفل حتى يتقرب من الجماهير وكان الذباب يعف من وجهه، والتقرب من الجماهير ليست صفة ملاصقة للمناضلين مثل حمدين، وإنما هي صفة للمنافقين، وحمدين عاش وسط الفقراء منذ نعومة أظافره وأنا أجّل هذا الرجل وأحترمه. وهل ينفع أن يحكم شخص دولة بحجم مصر من وراء جدار واق للرصاص؟ أكيد لا.. لأن فترة الترشح استثنائية، والجماعات الإرهابية تصعّد من أعمالها إلى الذروة، وعندما تنحصر هذه الموجة سيستطيع السيسي أن يخلصنا من فكرة الخوف والترويع التي نعيشها جراء العمليات الإرهابية. أنت اخترت السيسي لكنك فتحت مكتبك لحمدين، كيف ذلك؟ ألا تراها مفارقة؟ هذه ليست مفارقة، لأن هذا المكان أصبح حقا تاريخيا لحمدين، فقد تبرعت بهذا المكتب لحملته منذ انتخابات 2012، وبعدها تحوّل إلى مقر التيار الشعبي الذي أنا أحد أمنائه. والتيار الشعبي اختار أن يكون صباحي مرشحا في الانتخابات، فطبيعي أن يستمر في المكتب. والسيسي ليس بحاجة لمقرات، وأنا أحب الاثنين. والحمد للّه لدينا اختيار بين الحسن والأحسن، وما بين الصالح والأصلح، عكس الانتخابات الماضية كنا نختار بين الأقل ضررا شفيق أو مرسي. وبلا أدنى شك سيتغلب السيسي على الصراع الدائر، وسينحاز للثورة وأهدافها، وهو غير منحاز نهائيا لنظام مبارك، وقد أعلن ذلك أثناء خطابه بمناسبة ذكرى ثورة 25 جانفي، مؤكدا أنه لا يمكن العودة إلى الوراء وإعادة نظام مبارك والاعتماد على رموز فساده خلال المرحلة المقبلة. الحديث عن المصالحة مع الإخوان كلام سخيف وفي غير موقعه وماذا عن مصير جماعة الإخوان المسلمين؟ هذه الجماعة مستمرة في انتهاج الإرهاب وسيلة وسبيلا وحيدا، وأي كلام عن المصالحة هو كلام سخيف وفي غير موقعه. لا تصالح مع الإخوان ولا مصالحة على الدم. وماذا عن حكم الإعدام للإخوان والبراءة لمبارك، هل هذه عدالة انتقالية أم انتقائية؟ هذا صحيح، لذلك نريد قانونا شفافا وعادلا وفيه مصارحة ومكاشفة ومحاسبة. قانون يعبّر عن روح العدالة الاجتماعية مثلما فعلت جنوب إفريقيا. وهناك مادة في الدستور الجديد فيه مادة في الدستور بخصوص هذا القانون، ولابد من تشكيل لجان لضمان بالعدالة الانتقالية ومحاكمة الجميع. وهذا القانون لابد أن يصدر وسيصدر بحكم الدستور، ولا يستطيع أي رئيس أن يتهرّب من الأحكام الدستورية. كيف ترى مستقبل العلاقات الجزائرية والمصرية مستقبلا، أيّا كانت هوية الرئيس القادم؟ ستكون العلاقات على أعلى مستوى، وأتصوّر أن النظام المصري الجديد سواء بقيادة حمدين أو السيسي، الاثنين مؤمنين بالقومية العربية والتضامن العربي، وأن مصيرنا واحد وهدفنا واحد كعرب، وأنه من غير أن نمشي في طريق واحد لا وجود لنهضة شعب واحد. وأتصور أن العلاقات ستكون على أحسن مستوى، خاصة وأنه فيه تقدير على مستوى عال جدا لدى الاثنين بتاريخ علاقة الشعبين ببعض ونضالهم المشترك. وأنا سمعت السيسي في لقاء أخير يتكلم بامتنان شديد عن الشعب الجزائري عندما وقف بجانب المصريين في 1973. وأنا أعرف قناعات حمدين، لأن علاقتنا تمتد لأكثر من ثلاثين سنة، والشعب الجزائري له مكانة خاصة عند السيسي وحمدين.