إستلمت مديرية الرّي بسيدي بلعباس مشروع سدّ الطابية الوقائي الذي دخل في الخدمة منذ أسابيع حيث أظهرت فيضانات وادي مكرّة الأخيرة (شهر سبتمبر المنصرم) قيام هذه المنشأة الجديدة بدورها في الإحتفاظ بالمياه على مستواها والسّماح فقط بتدفّق 100م3 في الثانية والإنسياب عبر فتحة خاصة بشكل يسمح بتنظيم مجرى مياه الفيضانات عبر واد مكرّة دون أيّ إنحراف مرورا ببوخنافيس وسيدي خالد وسيدي لحسن وسيدي بلعباس ودون أن يلحق أي ضرر بالقاطنين فيها، وهكذا يتنفس سكان المنطقة الصعداء بعد معاناة استمرت لعقود من الزمن ويتخلصون نهائيا من هاجس الخوف الشديد الذي كان ينتابهم خاصة في عاصمة المكرّة، كلما علموا بتهاطل أمطار رعدية غزيرة بنواحي رأس الماء ومولاي سليسن. وكم من مرة فاجأتهم الفيضانات ليلا وهم نيام فكبّدتهم خسائر مادية بل وحتى في الأرواح أحيانا وحسب بوعصّابة رئيس مصلحة التطهير بمديرية الرّي فإن مشروع سدّ الطابية كلف خزينة الدولة ضخ مبلغ 210 مليار سنتيم واستغرق تجسيده في الميدان مدة 3 سنوات من قبل شركة »كوسيدار« إذا ما أدرجنا التأخرات المتقطعة في الأشغال بسبب سوء الأحوال الجوية وأمور أخرى بيروقراطية ، ويتسع حجمه لإستقبال 25 مليون م3 غير أنه في الوقت الراهن يحتفظ ب 2 مليون م3 فقط من مياه الفيضانات الآتية من راس الماء ومولاي سليسن ، علما وأنه مهيّأ للتصدي للفيضانات التي تحدث كل 10سنوات وكل 100 سنة حسب الدراسة التقنية التي تكفل بإنجازها مكتب دراسات من سويسرا يدعى »STUCKY« ستيكي. معاناة سكان سيدي بلعباس مع فيضانات وادي مكرة في السنين الماضية حملت أشكالا وأنواعا وأحداثا لا تُنسى، ففي كل مرة ينحرف الوادي عن مجراه الطبيعي خاصة في فصل الخريف تكتسح المياه المتدفقة الأحياء والشوارع وتغزو حتى وسط المدينة وتؤدي إلى شلّ حركة السّير فتغلق المدارس أبوابها ويغيب العمال عن أماكن عملهم في الإدارات والمؤسسات والمصانع، وتسارع السلطات المحلية إلى تشكيل خلية أزمة تتابع مجريات الأمور ويتجند أفراد الحماية المدنية وأعوان البلدية والأمن والدرك وعدد من المتطوعين لأجل فتح الممرات والطرقات وتقديم العون ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه. في الوقت الذي ينشغل فيه مواطنون بمساكنهم يعملون على إفراغها من الماء الذي غمرها وآخرون يعمدون إلى إخلاء غرفهم من الأفرشة والأشعة ووضعها في السطوح وهناك من يسارع إلى وضع أكياس الرمل أمام الأبواب في محاولة لمنع تسرّب المياه إلى الدّاخل. هذه هي المشاهد التي كانت عليها بلعباس أيام حدوث الفيضانات. ولعل أخطر الفيضانات التي حصلت هي في 1986 و1994 وأكثرها خطرا سجّلت في 2007 لما تسبّبت في هلاك رئيس دائرة مولاي سليسن ونائب الفرقة الإقليمية للدرك بذات الدائرة إلى جانب ضحايا آخرين من المواطنين. هذا ولولا القناة الواقية التي أنشئت حول عاصمة المكرة خاصة من جهة الجنوب لتحويل السيّل العارم المتدفق بعيدا عن السكان لحدثت الطامة الكبرى في أفريل 2007. واليوم يأتي هذا الإنجاز الهام سد الطابية الواقي ليضع المدينة في مأمن من الفيضانات ويبدّد بذلك مخاوف الواطنين نهائيا. الجدير بالإشارة إلى أن عبد المالك سلال وزير الموارد المائية عند إعطائه إشارة الإنطلاق في تشييد المشروع منذ 3 أعوام كان قد أعطى الضوء الأخضر لإمكانية استغلال مياه السّد أيضا في السقي الفلاحي بالمنطقة.