انهارت أسعار النفط بالأسواق العالمية خلال الأيام القليلة الماضية بشكل كبير حيث نزل سعر البرميل إلى أقل من 70 دولار و هو ما أثار قلقا و تخوفا كبيرين لدى الدول التي تعتمد على المداخيل التي تدرها هذه الثروة الطبيعية و هذا القلق عبّرت عنه معظم الدول المنتجة خلال اجتماع أعضاء منظمة الأوبيب الأخير و الذي انتهى بقرار الحفاظ على سقف الإنتاج رغم التراجع المستمرّ للأسعار و قد اعتبرت الدول الأعضاء في المنظمة هذا الإجراء بالأمثل لمواجهة التغيرات التي طرأت على سوق الطاقة بدخول الغاز الصخري مجال المنافسة و هذا الوضع غير المستقرّ في سوق النفط لم يترك الجزائر بعيدة عن انعكساته باعتبارها من أهم البلدان المنتجة في العالم من جهة و اعتمادها شبه الكلّي على المداخيل البترولية في تحريك اقتصادها من جهة أخرى و هو ما دفع المحلّلين الاقتصاديين و الخبراء في مجال الطاقة إلى دق ناقوس الخطر بسبب ارتفاع نسبة العجز في الميزانية المسجّل منذ السنة الفارطة و حسب الخبير في الاقتصاد و الطاقة و نائب رئيس المجلس الاجتماعي و الاقتصادي مكيداش مصطفى بأن العجز في الميزانية لم يظهر لم يظهر لعامّة الناس و لم تتأثّر به الأسر الجزائرية بفضل اللّجوء إلى صندوق ضبط الموارد الذي وضعته الحكومة منذ حوالي 10 سنوات لمواجهة ظرف كهذا ،بيد أن دولا أخرى في وضعنا لم تعمل أي حساب لهذا الظرف و منها فينيزويلا بدأت تتضرر من انخفاض العائدات البترولية لكن صندوق ضبط الموارد هذا ليس حلاّ معجزة فلا يمكن أن يصمد طويلا إذا بقي سوق النفط متذبذبا بهذا الشكل فهو مجرّد آلية نتفادى بها الوقوع في ضائقة مالية و لفترة محدودة يضيف ذات المتحدّث و يردّد أغلب خبراء الاقتصاد عاليا "علينا تنويع مداخيلنا بدل الاعتماد على الطبيعة و حان الوقت لتحريك الاقتصاد الجزائري بإنعاش الصناعة و الصناعة التحويلية و الغذائية و السياحة كذلك عن طريق تشجيع الاستثمار المحلي و الأجنبي " و مثل هذه المبادرات تبنّتها الحكومة منذ سنوات لكنها لم تكن فعّالة بدليل أن مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي الخام لا يتجاوز 5 بالمائة رغم أنّه في سنوات السبعينات يناهز 50 بالمائة و السبب حسب الخبراء هو عدم نجاعة المشاريع التي سجّلت في هذا الإطار حتى الآن و حسب السيّد مكيداش مصطفى فالاعتماد على الصناعة يجب أن يكون و لو على حساب "لوبيات" الاستيراد فمن غير المقبول أن يبقى اقتصادنا معتمدا على النفط لوحده فهذه ثروة آيلة للزوال و علينا التفكير في كيفية إيجاد محرّكات أخرى للاقتصاد حتى نترك للأجيال القادة نظاما اقتصاديا يخلق الثروة بدل أن نترك لهم ثروة تحت الأرض و تعتبر الصناعة حلاّ بديلا للبترول على المدى المتوسط و البعيد حسب رأي المختصين و التوجّه إليها يجب أن يكون بشكل تدريجي يعتاد عليه المواطن و ليس بوضع قطيعة مع السياسة المنتهجة حاليا و نجاح ذلك مرهون بإرادة و رغبة أصحاب القرار في إحداث هذا التغيير الذي سيزعج "لوبيات" الاستيراد و من يعتمدون على دعم الدّولة للكثير من المواد ذات الاستهلاك الواسع للرّبح لكن في مثل هذه الظروف تحتاج الجزائر إلى حلول سريعة لتفادي أزمة سببها إنهيار أسعار النفط و قضية دعم المواد الغذائية و الوقود و غيرها من بين القضايا التي أثيرت في الفترة الأخيرة حيث يرى رئيس فدرالية الصناعات الغذائية عبد الوهاب زياني بأن الحلّ في تقليص أموال الدّعم فتوجّه للعائلات التي تحتاجها فقط و ليس ل 38 مليون جزائري ففي الواقع هي تموّل قطاعات أخرى غير التي وجّهت لها فغبرة الحليب مثلا تتحوّل إلى أجبان و مشتقات الحليب وهناك أمثلة أخرى كثيرة فما فائدة تضخيم فاتورة استيراد المواد الغذائية إذا لم تكن موجّهة لدعم القدرة الشرائية لمحدودي الدخل و يرى عبد الوهاب زياني أيضا بأن الحل في وقف التبذير لأن بلادنا تستورد مواد كثيرة جدّا أغلبها ينتج محليّا و أسعارها أقل بكثير من المستورد و هي ذات نوعية جيّدة و تنافسية و يمكن تصديرها لذلك يؤكّد بأن إنعاش الصناعات الغذائية بات ضروريا حتى لا نضطر لجلب مواد فلاحية متوفّرة ببلادنا و يمكننا مضاعفة إنتاجها