-التشققات و تسرّبات المياه و الروائح الكريهة تلازم السكان- "نموت تحت الأنقاض داخل منازلنا ولا نقتل كرامتنا بافتراش الشارع"، هو شعار العديد من العائلات القاطنة بالعمارات الهشة الآيلة للسقوط التي تعيش حالة من الفزع والخوف عند تسجيل اضطراب جوّي خوفا من الانهيارات التي يتم تسجيلها كلّما تتساقطت الزخات الأولى من الأمطار، أو بمجرد هبوب رياح طفيفة، و التي فضلت عدم ترك منازلها، والإقدام على تشييد أخرى فوضوية بالشارع، حفاظا على كرامتها. فكم من مرّة انتقلت مصالح الحماية المدنية إلى منازلهم وحذرتهم من البقاء بداخلها، ونفس الأمر بالنسبة للمصالح التقنية لمراقبة البنايات، إلاّ أن غياب البديل جعلهم يبقون داخل مساكنهم، ينتظرون من يرأف بحالهم من المسؤولين، وذلك قبل أن يتم تسجيل حوادث قد لا يٌحمد عقباها، حيث أصبحت الأحوال الجوّية بمثابة التأشيرة التي تسمح لهم بالبقاء داخل منازلهم أو تمنعهم من ذلك، فيوميا يترقبون حالة الطقس، الأمر الذي جعلنا نقصد بعض العائلات التي تعيش داخل بنايات مصنفة ضمن الخانة الحمراء، بعد أن علمنا من مصالح التنبؤات الجوّية أنّ هنالك اضطراب جوّي محمّل بأمطار اليوم الأربعاء أين سيتم تسجيل انخفاض محسوس في درجة الحرارة ، هذه الأخيرة التي قد لا تتعدى 10 درجات، أما عن سرعة الرّياح فستتضاعف هي الأخرى لتتراوح ما بين 60 و 70 كلم في الساعة، علما أنّ عدم الإستقرار في الجوّ سيتواصل إلى غاية نهاية الأسبوع الجاري.إنّ بداية زيارتنا الاستطلاعية كانت من بيت عائلة الشيخ "أورابح مدني" البالغ من العمر 71 سنة الذي يتواجد مسكنه ب 14 شارع قراب الهواري، الواقع بحي "سيدي الهواري"، هذا الأخير الذي لولا مشيئة الله لكان اليوم في خبر كان، حيث انهار سقف غرفته بالكامل، أما عن مطبخه فانهار 3 مرات، وفي كلّ مرّة يتم اصلاحه إلى أن أصبح غير قابل للترميم، ونحن بمنزله اهتزت بنا أرجاءه، نتيجة رياح طفيفة هبت، الأمر الذي يدل على أنّ الموت يقرع أبواب هذه العائلات المقيمة بذات المبنى الذي يعود تاريخ تشييده إلى الحقبة الاسبانية والتي يقدر عدد الساكنين به 5 عائلات ، هذا بالإضافة إلى سلالم المبنى الخشبية التي توجد في حالة يٌرثى لها . وعود بالجملة منذ 2011 وقد تفقدتّ مديرة القطاع الحضري سيدي الهواري المكان، ووعدت بترحيلهم خلال شهر مارس المقبل، لكن على ما يبدو أنّ هذا المبنى قد لا يصمد إلى غاية الشهر المقبل لا سيما مع الاضطراب الجوّي الذي سيتم تسجيله خلال الأيام القادمة، علما أنّ هذه العائلات وعدت سابقا بترحيلها إلى سكنات لائقة خلال سنة 2011، إلاّ أنه لا حياة لمن تنادي . ونفس المعاناة تعيشها 9 عائلات بشارع سعيدة الكائن هو الآخر بحي "سيدي الهواري"، التي تفقدنا غرف شققها التي تظهر عليها التشققات من كلّ جهة، الأمر الذي يجعلها عرضة لتسرّبات المياه وفي ذات السياق أبرزت السيدة "رسوس زوليخة" التي تقطن بعين المكان لأكثر من 45 سنة، أنها تشعر رفقة بقية المقيمين بأنهم في دائرة النسيان، ومن جهته أكد السيد "بوزيدي" بأنه خوفا من تسجيل الإنهيارات والكوارث قام باستئجار بيت فوضوي بحي البركي يقضي فيه الفترة الليلية والذي اعتبره أكثر أمانا من مسكنه. والسيناريو نفسه تعيشه 5 عائلات بالعمارة رقم 3 بشارع بن قراش الطيب بسيدي الهواري، الذي تشكل السلالم الموجودة بدون سياج به خطرا كبيرا على حياة السكان لاسيما الأطفال منهم، وكذلك هو الأمر بالنسبة لسكان البناية رقم 21 بشارع فيليب بسيدي الهواري، الذي خلّف الانهيار الأخير الذي تم تسجيله 5 جرحى. وفي الأخير لا يسعنا القول سوى أنّ هذه العائلات التي تقطن وسط الجرذان، والروائح الكريهة المنبعثة من شبكات الصرف الصحي المهترئة، لا تستطيع أن تقاوم أكثر أو أن تمدد من صبرها ، لأن المكوث في الشارع حسبما وقفنا عليه أصبح أرحم من البقاء داخل أشباه المنازل التي يقيمون بها، حيث ينامون في الليل وبالهم مشغول بالإنهيار المفاجىء الذي قد يحدث من حين لآخر، لاسيما مع تسجيل الاضطرابات الجوّية.