اختتمت أمس فعاليات الملتقى الدولي حول الأمير عبد القادر المثقف الأديب والمتصوف بوهران حيث ضم اليوم الثاني عدة ورشات في عدة فضاءات علمية منها ورشات بمقر وحدة البحث "الألف " بالسانيا وبكلية العلوم الإنسانية والعلوم الإسلامية بمجمع ايسطو ،وقاعة المحاضرات بقسم الفلسفة جامعة وهران 2 ،و فيما يخص الورشات التي احتضنتها وحدة البحث بالكراسك فلقد كان الورشة الأولى من رئاسة عميد كلية الأدب العربي والفنون لجامعة مستغانم الجيلالي بن يشو حيث شارك فيها عدة أساتذة منها أحمد عراب من جامعة الشلف الذي ركز في مداخلته على" رؤيا الذات للواقع في شعر الأمير عبد القادر " وركز في عرضه على ديوان الأمير عبد القادر" تحفة الزائر في قريض الأمير عبد القادر" حيث حلل ظاهرة التباين السافر بين تنوع موضوعاته آذ سجل خلاصة حالات تفاعلات الذات الشعرية مع الواقع وتقمص دور الشخصية الفاعلة فيه تأثيرا وتأثرا به عند الأمير.ووقف المتدخل على مدى بلوغها آفاق التجربة الشعرية في علاقتها المفتعلة جدليا بين الذات والموضوع وبين الشعر وحالة الأنا الكاتبة بوصف هذه الأخيرة صفحة من صفحات التجلي في سجل الحداثة الشعرية وما تستدعيه من ممارسة فعلية جريئة تحتضن النص الشعري وتحتفي بموضوعاته في زمن شهد فيه الشعر أفولا أو كاد يغيب لاعتبارات سياسية واجتماعية وفكرية .وهذا ما جعله يستقرأ نصوص هذا المنجز هو ترشيف رؤية الشاعر لهذا الواقع الذي تم له نظمه بعد إعادة إنباته وفق قواعد الإخراج الشعري وقد أحاله خياله إلى عالمه الخاص ليغدو في مراسه الشعري وسيلة فنية لا غاية في حدّ ذاته ،فالواقع الفني من حيث صوره ومعانيه الظاهرة التي تؤديها هذه الصور متميز عن الواقع الحقيقي الذي يصوره ومنعزل عنه .وبالتالي ينبغي أن تكون الذات الشاعرة معنية بحركية هذا التحول على أساس أن الانتقال في الإنتاج الشعري ملموس في جسد الذات الكاتبة قبل كل شيء.وختم كلمته بأن فاعلية الأنا الشاعرة لها سيمات التحول عبر النص ولها علاقة بالحداثة الشعرية . أما الباحثة زهرة بن يمينة من جامعة مستغانم قدمت مداخلة جد قيمة بعنوان خصائص لغة الكتابة النثرية عند الأمير عبد القادر حيث ركزت على مكتبة الأمير التي زخرت بتراث أدبي صوفي وثري ظل على مر السنين مرجعا هاما للباحثين وعلى الرغم من تعدد مؤلفات الأمير بين الشعر والنثر إلا أنه يبقى لكل أثر خصائصه اللغوية التي تميزه ويمكن حصر الآثار النثرية في مؤلفيه المواقف والمقراض الحاد فأكثر ما عرف عنهما أنهما مؤلفات فلسفية صوفية وركزت الأستاذة بن يمينة على خصوصية لغة التأليف و الكتابة عند الأمير . لكن محمد لعمري في مداخلته الأبعاد الفنية في شعر الأمير عبد القادر ،دراسة للصورة الشعرية في القصيدة الصوفية "،أعطى جانبا آخرا عن الصورة الشعرية وإنها ليست مجرد زخاف أو ألوان زاهية ترصدها العيون وتتطلع إليها الأفئدة أو مجرد صورة تلقائية من صور التعبير تضج به حركية القصيد ولكنها العمود الرابط الذي يجمع بين جزئيات مادة الشعر وينبغي لهذا الرابط أن يتسم بالرقة والجمال والصدق لأنه لب العمل والبعد الفني الذي يظل حاضرا في معظم أذهان الناس إذا توافرت فيه عوامل النجاح. وتعرضت ليلي مهدان من جامعة خميس مليانة لصورة الفرس في الخطاب الشعري للأمير عبد القادر وأكدت انه في الوقت الذي يعيش فيه العالم تحولا عميقا على كافة المستويات نتيجة الانتشار السريع لما يعرف بظاهرة العولمة ،في هذا الوقت باتت إعادة قراءة التاريخ في ضوء التجريب الشعري العربي و الجزائري ضرورة لما تطرحه من قضايا بارزة وركزت على عدة محاور في الصورة الشعرية التي اعتمدها الأمير خاصة في وصفه لازدواجية السيف والقلم والبداوة والفروسية . الشيء الأكيد أن الورشات التي نظمت في عدة فضاءات علمية فتحت الشهية أمام المتدخلين والباحثين لطرح العديد من الأسئلة التي تتطلب أبحاث أكثر عن مسار مؤسس الدولة الجزائرية من عدة أبعاد و محاور ترد له الاعتبار العلمي والأدبي و الصوفي .