استمتع سهرة أول أمس الجمهور التلمساني المحتشم بعرض مسرحية "هارمونيكا"لمسرح معسكر وهذا في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015 حيث استمتع عشاق الفن الرابع بالعرض الذي كتب نصه المقتبس فتحي كافي واخرج خالد بلحاج. وعلى مدار80 دقيقة يفتح ستار المسرحية التي أخرجها خالد بلحاج عن نص للمسرحي فتحي كافي و المقتبسة عن ثلاثة أعمال للروائي الكبير و الصحفي و الشاعر المنحدر من قسنطينة و هي "رصيف الأزهار لا يجيب" و "سأهبك غزالة" و "التلميذ و الدرس" على الشاب إيدير بن عمر و هو صحفي طموح يحلم بإجراء حوار حصري مع كاتب كبير معروف بكونه "قليل الكلام".وسواء كان ساذجا أو ماكرا فقد تمكن إيدير من إجراء الحوار مع الكاتب الكبير لمحاولة معرفة الأسباب التي دفعته للتوقف عن الكتابة و ينبعث وسط هذه الأجواء صوت الكاتب و هو يقول"الحياة ظاهرة أدبية و الكتابة خيار". ويتغير الديكور حيث ينتقل المشهد إلى باريس (فرنسا) حيث يقوم خالد بن طوبال و هو كاتب أجبر على العيش في المنفى بسبب كتاباته بزيارة صديق طفولته سيمون.و بعد تبادل العناق و استحضار ذكريات الطفولة يتجه الحديث نحو كتاب خالد "رصيف الأزهار لا يجيب". و مع مونيك زوجة سيمون يسترجع خالد الذي يتقمص دوره محمد فريمهدي ذكرى قسنطينةمسقط رأسه التي يحبها كثيرا و يتذكر أيضا زوجته وريدة و كذا وطنه.ومن مشهد إلى آخر فمن الغزالة المحنطة التي تبهر إلى بورتريه جميلة بوباشة رمز مكافحة شعب بأكمله يبدو أن الأعمال الثلاثة لمالك حداد تتقاطع و تمتزج مع بعضها و تختلط مع خالد بن طوبال كمحرك لأطوار المسرحية و لكن أيضا باعتباره ضمير و روح مالك. ففي أحد المقاهي التي يتجه إليها خالد لكتابة فصول من مؤلفه الجديد حيث يحاول البطل فرض أفكاره و طبع كتابه وهنا تتوالى الأحداث و تتسارع. فخالد يكتب من أجل الاحتجاج على الظلم و يتحدث عن المنفى ك«عادة سيئة" كما تربطه علاقة صداقة مع بيمبو المحارب الجزائري القديم في الحرب الكبرى الذي لم يشف بعد من أهوال صراع لم يكن يعنيه و الذي يطلب الاستماع إلى عيسى الجرموني في المقهى مفضلا إياه على أشعار لويس أراغون التي يغنيها جورج براسينز أو ليو فيري.ومن خلال مشاهد تتطرق لمواضيع الحرية و الأمل و الشعور بالانتماء تتم مناقشة أعمال حداد الثلاثة مطولا حيث تشيد شخصيات هذه الأعمال بالمناضلين والمحاربين و كذا الشهداء. ويسدل الستار عندما يتعلم إيدير العزف على الهارمونيكا التي أهداها إياه بن طوبال. كما يتمكن هذا الشاب من التعرف على الأسباب التي جعلت الكاتب الكبير يبتعد عن الكتابة حيث يعترف له بأن "الأسباب التي كانت تحثه على الكتابة لم تعد موجودة".