شرع المركز الجهوي للتلقيح الاصطناعي وتحسين السلالات بقرية بلحنجير جنوب ولاية النعامة في برنامج لإعادة بعث تربية السلالة الحمراء من النعاج المعروفة محليا ب"الدغمة" بعد أن سجلت في العقود الثلاثة الأخيرة تراجعا كبيرا في قطعانها لتصبح اليوم مهددة بالانقراض. وحسب مسؤول المركز فإن المشروع الذي هو الآن في مرحلة الانطلاق يستهدف استرجاع المكانة التي فقدتها السلالة الحمراء كنوع مفضل كان يحظى في السابق باهتمام خاص لدى مربي الماشية بالعديد من التجمعات السهبية والمناطق الحدودية بولاية النعامة. ويرمي المشروع إلى المحافظة على أهم أصناف النعاج بالولاية والمتمثل في سلالة الدغمة التي تتأقلم مع مناخ وتضاريس بيئة السهوب الغربية والتي لقيت رواجا كبيرا في سبعينيات القرن الماضي لخصائصها الجيدة من حيث جودة لحومها وحليبها كونها تتغذى على الأعشاب الطبيعية كما أضاف المصدر نفسه. وأكد ذات التقني المتخصص أن التحول السريع في توجه موالي النعامة نحو تربية سلالات جديدة غير سلالة الدغمة في السنوات الأخيرة يتطلب توفير مخزون جيني وراثي مصدره فحول تلك السلالة الحمراء لضمان تكاثرها واسترجاع مكانتها على مستوى الولاية والمناطق المجاورة لها . وأوضحت مفتشية البيطرة بالولاية من جهتها أنها تعد دراسة حول طرق وإمكانات تحسين إنتاجية السلالة الحمراء بالولاية وذلك في مناطق تأقلمها وبيئتها المحلية من خلال برنامج التحسين الوراثي ورفع كفاءة إنتاجية الوحدات الحيوانية المحلية مما يسمح بزيادة الإنتاج الحيواني للولاية واستثمار طاقات رؤوس الأغنام بالشكل الأمثل. وأشارت مديرية المصالح الفلاحية بدورها أن عصرنة تربية الأغنام بالولاية تستلزم أيضا مرافقة ومتابعة علمية من المعاهد التقنية المتخصصة في الإنتاج الحيواني والمحافظة السامية لتطوير السهوب والجامعات .وذلك من أجل إنشاء وحدات لنشاط تربية السلالة الحمراء والاستفادة من التجارب المنتهجة في هذا المجال لحماية الرؤوس القليلة المتبقية منها و التي لا تتعدى ال 200 رأس متواجدة بتراب الولاية. وأضاف مسؤول مصلحة دعم شعب الإنتاج الحيواني أن مصالح القطاع ستقدم قريبا المتابعة التقنية والمرافقة لخمسة مربين تحصلوا على دعم مشاريع التنمية الريفية المندمجة للسنة الجارية لاقتناء 55 رأس من السلالة الحمراء و ضمان تكاثرها على مستوى بلديات صفيصيفة والقصدير وعين خليل أين لا تزال بعض المساحات الرعوية تحافظ على غطائها العشبي الضروري لتربية هذه الحيوانات . ويتوخى من تلك المبادرة تعميم هذه التجربة انطلاقا من تربية قطيع نموذجي وانتهاج أحدث التقنيات الخاصة بالتلقيح الاصطناعي حيث سيستفيد كل موال يرغب في تربية هذه السلالة من رؤوس أغنام بأسعار مدعمة شريطة التزامه بالمحافظة على نقاء نسلها وتفادي اختلاطها مع سلالات أخرى من الأغنام . ويرى المهتمون بإنعاش القطاع الرعوي بالولاية أهمية استحداث نصوص تنظيمية وتشريعية تساهم في التزايد الكمي والنوعي لتلك السلالة تحضر تسويقها أو توجيهها للاستهلاك ومساعدة المربين على إعداد بطاقات تقنية تتيح لهم الاستثمار الناجع في هذا المجال .وحسب دراسة لجمعية حماية وترقية التنوع البيئي بولاية النعامة فإن أهم أسباب تراجع رؤوس سلالة الدغمة بالولاية هو "تراجع الأعلاف الطبيعية بالمراعي" مما أجبر الموالين على البحث عن سلالات تتأقلم مع الأغذية المصنعة ومنها سلالة أولاد جلال التي تحولوا إلى تربيتها لتكاثرها السريع وحجمها الكبير مما يسمح لهم بمضاعفة إنتاجهم الحيواني وحماية مداخيلهم في ظرف وجيز. وأضافت نفس الدراسة أن عدم التحكم في وقت سابق في حماية الصحة الحيوانية أدى إلى معاناة الموالين من تناقص في رؤوس تلك السلالة التي تحتاج إلى الرعاية البيطرية الجيدة و تشكو الاندثار كون الموالين أنفسهم لا يعلمون في الوقت الحالي أهمية تلك الفصيلة المحلية وتأقلمها مع الجفاف وما يترتب عن عدم الحفاظ عليها من التهجين وما تسببه سلالة أولاد جلال في خسائر كبيرة في المنطقة السهبية المعروفة بنظامها الإيكولوجي الجد حساس. وتتمثل الخصائص المورفولوجية لهذه الفصيلة التي كانت تنتشر بأعداد كبيرة في بلديات المشرية وعسلة و العين الصفراء حسب نفس الدراسة في قصر قوامها و"هي متكيفة مع المنطقة الشاسعة" للسهوب الخالية من التضاريس كما يسمح حجمها الصغير "بالاحتماء" من الرياح الشديدة والبرودة خاصة وأن منطقة الهضاب العليا الغربية تتميز بوجود غطاء نباتي منخفض على العموم فضلا على "تكيفها مع التقلبات" الكبيرة لدرجات الحرارة.