منذ البداية ينبغي دعوة كل مواطن يحسن القراءة باللغتين العربية أو الفرنسية , أن يخصص جزءا من وقته ليطلع على الوثيقة الأصلية لنص المشروع التمهيدي لتعديل الدستور , و أن يتوقف عند كل تعديل مقترح ليقيم بنفسه الإضافات التي جاء بها هذا التعديل الذي شمل أكثر من مائة مادة و عشرات الفقرات بما فيها الديباجة , التي كرست و حصنت الثوابت الوطنية , و عززت أركان نظام الحكم الديمقراطي الجمهوري , و دعمت استقلالية و مكانة المؤسسات الدستورية و عمقت التوجه الاجتماعي للدولة و واكبت التحولات الاقتصادية , ودسترت تجربة المصالحة الوطنية كإطار لدرء الفتن و جعل الجزائر في منأى عن العنف وعن كل أنواع التطرف، من خلال ترسيخ قيم المجتمع الجزائري الروحية والحضارية التي تدعو إلى الحوار والمصالحة والأخوة، في ظل احترام الدستور وقوانين الجمهورية. فالذي يجتهد لفهم واستيعاب التعديلات الدستورية المقترحة من تلقاء نفسه , سيتجنب الوقوع ضحية التحليلات و القراءات المغرضة لبعض الإعلاميين المرضى بداء التشكيك والتشاؤم , والذين كعادتهم لم يعطوا أنفسهم ولو قليلا من الوقت للاطلاع على كامل النص و سارعوا إلى وصفه بشتى النعوت السلبية , لأنهم لم يجدوا فيه ما كانوا هم ينتظرونه , غير آبهين بما ينتظره الشعب . فالتعديل المقترح لم يرق في رأيهم إلى التطلعات المنتظرة , و التغيير المرتقب لم يتم , و الرئيس يحتفظ بكافة الصلاحيات , و لا وجود لمنصب نائب الرئيس , و منهم من يحكم و يقرر بجرة قلم افتقار البرلمان إلى المصداقية و الشرعية للمصادقة على التعديلات الدستورية , و من حسن حظ الجزائريين أن هؤلاء المشككين , وجدوا في نص المشروع التمهيدي لتعديل الدستور , تعديلا يرقي اللغة الأمازيغية إلى لغة وطنية ورسمية , و بدون هذا التعديل فإن كل المشروع يصبح في نظرهم "لا حدث" , كما علق بعضهم؟ فالاعتماد على النفس في قراءة التعديل الدستوري مهما شابه من قصور و نقص في الفهم , فإنه لن يصل بصاحبه إلى الإدراك بأن التعديل الخاص بالأمازيغية ورد في مادة واحدة فقط من ضمن 182 مادة أصلية تضمنها المشروع التمهيدي يضاف إليها 36 مادة مكررة , و لاشك أن 217 مادة دستورية , لا بد و أنها تتحدث عن أشياء تفيد المشككين المتشائمين , كما تنفع بقية المواطنين , حتي و إن تعمد هؤلاء "وضعها في الثقيل" و تهاون بعض هؤلاء في تقديرها حق قدرها. و من حسن حظ هؤلاء و أولئك , أن الدستور يراعي مصالح الجميع ويسهر على حقوقهم الفردية و الجماعية و يحدد واجباتهم , بغض النظر عن موقفهم.