معاناة لا توصف وخوف كبير ودائم يعيش فيه المصابون بفقدان المناعة المكتسبة (السيدا) سواء كانوا حاملين للفيروس أم مرض وذلك بسبب ندرة الأدوية المخصصة للعلاج الثلاثي وهذا المشكل مطروح بولاية وهران على الخصوص منذ أكثر من ثمانية أشهر يؤكد بعض حاملي الفيروس الذين تحدثنا إليه أمس خلال لقاء الإستماع المنظم بمقر مخبر الوقاية بحي الصديقية وهران. هذا اللقاء كان فرصة سانحة لضحايا هذا المرض الخبيث والقاتل لطرح كافة مشاكلهم وإنشغالاتهم، بحيث قرروا أمس رفعها إلى الوزارة الوصية والتنقل إلى مقر وزارة الصحة إن إستلزم الأمر لأن وضعهم في خطر كبير بسبب غياب الأدوية الضرورية ويتعلق الأمر بدواء (نيداكس) الذي استبدل بدواء (لاميفير) ودواء (زيدوفير) ودواء (ستوكرين). أغلب المرضى أكدوا بأن علاجهم منعهم على مستوى مصلحة الأمراض المعدية التابعة للمستشفى الجامعي لوهران وهي المصلحة الوحيدة التي توفره مجانا على مستوى غرب الوطن، وفي ظل الندرة يحاول الطاقم الطبي بالمصلحة توفير بعض الأقراص فقط لمرضاه كي لا يبقوا بدون علاج لأن ذلك من شأنه رفع الشحنة الفيروسية في دمهم وبالتالي يتعرّضون لمختلف الأمراض التي قد تودي بحياتهم. العلاج الثلاثي أصبح يقدم بكميات محدودة جدا بمستشفى وهران، إلى درجة أن علبة واحدة من أي دواء توزع على عدة مرضى فيحصل كل واحد منهم على عدد قليل جدا من الأقراص تكفيه لأسبوع على الأكثر رغم أن بروتوكول العلاج يلزم أي شخص حامل هذا الفيروس تناول الأدوية يوميا وبدون إنقطاع مدى الحياة. أما مصلحة الأمراض المعدية فتتبع نظام توزيع معين بحيث تسجل أسماء المرضى المصرح بهم، ثم توزع عليهم أدوية تكفيهم شهر واحد فقط وفي كل مرة يجددون الطلب بنفس المصلحة، لكن من سوء حظهم لا يجدون مطلبهم متوفرا دائما لأن ندرة العلاج الثلاثي أصبح مشكلا يتكرر بإستمرار. لقد تقبلنا مرضنا ونتعامل معه بشكل عادي ونعيش حياتنا بصفة طبيعية مع الحذر الكبير يقول بعض حاملي الفيروس لكننا لن نتقبل الوضع الذي يعيشه فالتكفل بنا أصبح ضربا من الحظ، فانعدام الأدوية جعلنا نقلق ونخاف وينتابنا شعور بالضياع وفقدان الأمل، وما يزيدنا إضطرابا هو قلقنا المستمر على صحة أولادنا، هذا ناهيك عن العراقيل التي تواجهنا مع التغطية الإجتماعية ، أما المجتمع فلا يتقبلنا، لذلك نضطر إلى إخفاء مرضنا عن الناس وحتى عن أقرب الناس إلينا حتى لا ينظر إلينا بنظرات الشفقة ولنضطر إلى مواجهة إحتقار الناس لنا، فإبقاء الأمر سرّا تقول سيدة حاملة للفيروس وأم لطفلين يساعدنا على حماية أبنائنا من كل سوء. هو نداء إستغاثة حاول هؤلاء إرساله إلى القائمين على قطاع الصحة بولاية وهران وبالجهات المركزية أملا في حل خصوصا وأن المشكل غير مطروح بهذه الحدّة بولايات أخرى كوهران، لأن عدم أخذ العلاج بصفة منتظمة يعرض صاحبه لأمراض خطيرة كالسل أو السرطان أو أمراض أخرى. مصلحة الأمراض المعدية بمستشفى بن زرجب لا تتكفل بمرضى ولاية وهران فحسب بل هي ملزمة على توفير العلاج للمرضى القادمين من مختلف المناطق الغربية مثل معسكر وتيارت وسيدي بلعباس ومستغانم وتلمسان. ومن ولايات الجنوب أيضا فإرتفاع عدد المرضى أحد أسباب الندرة أيضا. ومن جهتها أبدت إدارة المستشفى عجزها عن حل هذه المشاكل لأن الأدوية يوفرها مخبر باستور بالعاصمة فقط. وتحاليل الشحنة الفيروسية تتم أيضا بالعاصمة، أما تحاليل الدم الأخرى فيمكن إجراؤها بمخابر وهران لكن تكاليفها مرتفعة ، هذا ناهيك عن تكاليف التنقل من الولايات الأخرى إلى مصلحة الأمراض المعدية لأخذ الدواء.