كشف الدكتور وحدي محمد مدير الوقاية بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عن إحصاء 860 مصاب بمرض فقدان المناعة المكتسبة وإحصاء أكثر من 3100 حامل لفيروس "أش إي في" وذلك منذ سنة 1985 إلى غاية الثلاثي الأول من العام الجاري. القضية في رأيه تستدعي إشراك كل الفاعلين على المستوى الوطني وعلى رأسهم الحركات الجمعوية التي يفترض أن تساهم بشكل فعال في توعية الشباب بخطورة هذا المرض. تصريحات مدير الوقاية جاءت خلال إشرافه أمس على افتتاح الأيام الدراسية التي نظمتها وزارة الصحة بالمكتبة الوطنية "الحامة" بالجزائر العاصمة تحت عنوان "مرافعة من أجل مكافحة السيدا"، حيث تطرق المتحدث إلى الانتشار الرهيب الذي يعرفه فيروس فقدان المناعة المكتسبة بالجزائر لاسيما في الأوساط الشبانية التي تبقى أكثر الشرائح عرضة لمثل هذه الأمراض وذلك في ظل غياب التوعية اللازمة من أجل بتر سلسلة انتقال هذا المرض. وأكد الدكتور وحدي أن الهدف من هذه المبادرة هو إعطاء مزيد من المعلومات حول مرض السيدا بالجزائر وقال اختيار كلمة "مرافعة" جاء انطلاقا من مبدأ الدفاع عن حقوق المريض ورفع اللبس الموجود عن هذا الداء في وقت يعتبر فيه المجتمع مناقشة مثل هذه المواضيع من "الطابوهات" الواجب التكتم عنها. وفي ظل هذه المعطيات أشار المتحدث إلى بعض الإحصائيات التي قال "إنها تمثل تراكمات منذ سنة 1985 وإلى غاية الثلاثي الأول من سنة 2008 والمتعلقة بعدد المرضى المصابين بداء فقدان المناعة المكتسبة والذين بلغ عددهم 850 مصاب، بالإضافة إلى إحصاء أكثر من 3100 حامل لفيروس"أش إي في" و1500 مريض يخضعون حاليا للعلاج، فيما تبقى هذه الإحصائيات بعيدة عن الواقع بسبب نقص مراكز الكشف عن الفيروس وتكتم عديد من المرضى عن الداء خوفا من رؤية المجتمع السلبية لهم". وبهدف التصدي لمثل هذه الحالات، كشف مدير الوقاية عن وجود 54 مركز للكشف المبكر عن فيروس السيدا، كما أن الجهود لا تزال متواصلة حسبه لانجاز سبعة مراكز أخرى بعدد من الولايات كبشار، سيدي بلعباس، تيارتورقلة وتلمسان بما يسمح بتوزيع عادل لهذه المراكز حتى لا يضطر المصاب إلى التنقل إلى الجزائر العاصمة. ويضاف إلى هذه المراكز، 12 مركزا يعملون من دون انقطاع وهي متخصصة في العلاج الذي يبقى مجاني باعتبار أن مرض فقدان المناعة يصنف ضمن الأمراض المزمنة التي تتكفل بها الدولة. من جهته أكد الدكتور ديف عبد الوهاب رئيس مصلحة الأمراض المعدية بمستشفى القطار بالجزائر العاصمة أن السيدا ليس مشكلا صحيا فحسب، فالمجموعة الدولية تعتبره قضية اجتماعية تعني الجميع وقد تؤثر حتى في الاقتصاد الوطني للدولة وتبقى أحسن وسيلة لمواجهة هذا الداء -كما قال- الدكتور هو عن طريق التعريف به وتوضيح طرق انتقاله وبالتالي الوصول إلى بتر سلسلة انتقال المرض. وأضاف الدكتور ديف موضحا أنه بالرغم من تعدد طرق انتقال مرض فقدان المناعة المكتسبة من شخص إلى أخر، إلا أن العلاقات الجنسية تبقى الطريقة الأكثر شيوعا، خاصة في الجزائر التي تعرف تأخرا كبيرا في سن الزواج، الأمر الذي يدفع بعديد من الشباب إلى اللجوء إلى علاقات غير مشروعة. أما في الشق المتعلق بالواقع الاجتماعي الذي يواجهه المصابون بمرض السيدا، فقد دعا الدكتور ديف إلى ضرورة التصدي لمثل هذه الممارسات التي تخلق نوعا من التمييز بين المرضى وقال "إن المصاب بداء فقدان المناعة المكتسبة هو مريض كباقي المرضى ولا ذنب له في ذلك". وبالمقابل ركز الدكتور ديف على دور المجتمع المدني الذي يجب أن توكل له مهمة توعية المواطنين بخطورة هذا المرض وتحسيس الفئات الشبانية من عواقب العلاقات الجنسية غير المنظمة والتي تفتقد لكل أنواع الحماية. وهنا أشار المتحدث إلى العمل الجواري للحركات الجمعوية التي تكون على اتصال مباشر ودائم بالأوساط السكانية عبر كامل التراب الوطني. ولم يغفل ديف في مداخلته الحديث عن فرص العلاج التي تسمح لحاملي فيروس السيدا بالتمتع بحياة جد طبيعية، حيث قال "إن التعايش مع المرض يبقى أمر ممكن لأن الأدوية موجودة ، كما أن إمكانية إنجاب أطفال معافون من أمهات مصابات بالداء أمر ممكن كذلك ويكفي الخضوع إلى العلاج والالتزام به". بدوره المنسق الرئيسي للصندوق العالمي للمكافحة السيدا زاهي فاروق أكد أن الجزائر تسعى إلى الحصول على دعم الصندوق العالمي الذي يغطي 30 بالمائة من المصاريف الموجهة للتكفل بمرض فقدان المناعة المكتسبة، حيث تستعد الجزائر لإيداع ملف في الجولة السابعة على مستوى الصندوق وذلك ابتداء من شهر جويلية القادم وفي حال استجابة هذه الهيئة الدولية للمطالب الجزائر فسوف نستفيد من غلاف مالي مقدر بحوالي 30 مليون دولار، سيوجه أساسا لدعم الحركات الجمعوية المعنية بمكافحة مرض السيدا وكذا الوزارات التي لها علاقة بالشباب والصحة على العموم.