رغم مرور 25 سنة منذ ظهور مرض السيدا في الجزائر، ما يزال فيروس فقدان المناعة المكتسبة يشكل "طابوها" تحوم حوله أفكار خاطئة، ونتيجة ذلك تكشفها الأرقام التي تشير - حسب أهل الاختصاص - إلى تسجيل 54 حالة جديدة في سبتمبر 2009 بعدما كانت المصالح المعنية تسجل 54 حالة جديدة سنويا، ومن ضحايا هذا المرض أطفال يدخلون في صراع مع الفيروس منذ الأيام الأولى للولادة.. تفاصيل عن واقع هذه الشريحة حدثتنا عنها رئيسة جمعية الحياة. إن أساس المشكلة التي تزيد في انتشار فيروس فقدان المناعة المكتسبة يرتبط بالفهم الخاطئ للمرض.. وفي هذا الشأن تقول رئيسة جمعية الحياة السيدة حياة لحول كثيرون لا يدركون أن مرض السيدا الذي بدأ ينتشر في الجزائر محلي وليس "مستوردا" من الدول الأخرى، فهو يصنع هنا، ولا أحد بمنأى عن الإصابة بفيروس فقدان المناعة المكتسبة، طالما أن العلاقات الجنسية ليست السبيل الوحيد للإصابة به.. ومن انعكاسات هذا الجهل هو أنه رغم مضي 25 سنة منذ ظهور هذا المرض في مجتمعنا، إلا أن العديد من عامة الناس يخشون الجلوس والتصافح أو تناول الأكل مع مريض السيدا في غياب الإعلام الصحيح عن هذا الداء" وبحسب رئيسة الجمعية، فإن العديد من الناس يجهلون أن الإيدز مرض متنقل وليس معديا، لكن الطامة الكبرى تكمن في تصرف بعض الأطباء المختصين الذين يعرفون طبيعة المرض، حيث يتعاملون مع المصابين بوحشية، رغم أن الحل بسيط ولا يتطلب سوى النظافة والتعقيم للأدوات الطبية لتفادي انتقال الفيروس. إن هذه الذهنيات في مجملها تولد التهميش الذي يعاني منه المصابون، والذي قد يلحق بالمريض حتى قبل أن يولد، لأن الخوف من فيروس يسبب مشكلة كبيرة للنساء الحوامل المصابات عندما يحين موعد الوضع سواء في العيادات الخاصة أو في المستشفيات. واقع مرير يكون عادة في انتظار أطفال الإيدز، فالمعاناة تبدأ منذ الولادة لتشتد في مرحلة المراهقة، حيث يدرك حامل الفيروس حقيقة مرضه المحفوفة بنظرات قاسية في المحيط الاجتماعي.. وتبعا لمصدر من وزارة الصحة وكذا مسؤولة جمعية الحياة، فإن الجزائر تحصي حاليا ما يقارب 100 حالة من الأطفال الحاملين للفيروس، انتقل إلى معظمهم عن طريق الأم.
التكفل النفسي غير كاف وعن واقع هذه الشريحة توضح السيدة لحول أن بعض الأطباء يرفضون معالجتهم عندما يمرضون، وقد لا يفعلون ذلك إلا بطلب من الطبيب المختص الذي يتابعهم.. فالواقع هو أنه ليس هناك تكفل حقيقي بهذه الشريحة، ففي الوقت الذي أصبح فيه العلاج الثلاثي الخاص بهم متوفرا، ينعدم الاعتراف بالأمراض التي تتعرض لها هذه الفئة في ظل فقدان المناعة كأمراض مزمنة، مما يشكل عبئا ماليا كبيرا على عائلاتهم التي تضطر لشراء الأدوية على حسابها الخاص، فالأدوية غالية، كما أن المصابين بهذا الفيروس لا يستفيدون من منحة. الآن وقد أصبح مرض الإيدز ضمن قائمة الأمراض المزمنة، يمكن للطفل المصاب أن يعيش حياة عادية ويتابع مشواره الدراسي دون التعرض لمشكلة الانقطاعات المتكررة لو يجد التكفل اللازم سواء على الصعيد المادي أو النفسي، فحتى أفراد العائلة بحاجة إلى تكفل نفسي للتمكن من العناية بطفلهم الحامل للفيروس على أتم وجه، حسب المصدر.
كيف يتفاعل الطفل الحامل لفيروس فقدان المناعة المكتسبة مع مرضه؟ تجيب السيدة لحول "طفل الإيدز يكون عاديا في السنوات الأولى بعد الولادة كونه لا يدرك خصوصية مرضه، لكن بمجرد أن يلج مرحلة المراهقة حتى تتغير حالته النفسية جراء القلق الذي يأخذ في مطاردته.. ففي البداية يطرح تساؤلات عن السبب الذي يحمله على استهلاك الدواء مدى الحياة، وحينما يعرف الحقيقة يصبح عدوانيا تحت تأثير التهميش الذي يطوقه في المحيط الاجتماعي ككل." سؤال آخر يتبادر إلى الأذهان عندما نغوص في واقع شريحة أطفال الإيدز، لماذا تحدث الصدمة في مرحلة المراهقة؟.. ترى محدثتنا - في هذا الإطار - أن درجة التكفل النفسي الذي تحظى بها هذه الشريحة غير كافية لإنتاج شخصية متقبلة لمرض السيدا الذي ما يزال جراء النظرة القاسية لبعض أفراد المجتمع من الطابوهات، فالمريض ليس بوسعه للأسف أن يدلي بطبيعة المرض الذي يصارعه. رغم كل شيء هناك من المصابين من تمكنوا من مواجهة المرض بعدما كبروا، حيث استطاعوا الاستثمار في مشاريع مرجعية بفضل الاتفاقيات التي تبرمها الجمعية مع بعض مراكز التكوين المهني المتواصل ومؤسسات القروض المصغرة، فالمشكل الوحيد هو نظرة المجتمع القاصرة التي تحول دون أن يفهم الناس أن عليهم أن يرحموا أفراد هذه الشريحة، سواء كانوا مذنبين أم لا ليعيشوا بسلام، فالعديد من أفراد المجتمع يرتكبون خطيئة الممارسات الجنسية غير الشرعية، ومع هذا ينظرون إلى مريض السيدا نظرة دونية! تقول رئيسة جمعية الحياة.