'حسنا ..أتصل بك لاحقا ..... " قطع اتصالها العشرون بجملة واحدة .. نظرت للساعة المعلقة على جدار الزمن و الأسى ينهش ما تبقى من أنثاها ، هي التي نهضت باكرا و اشترت هدية شوقها إليه . تنهدت .. تأوهت .. تهاوت على عجزها ألما و حيرة و همت بالنهوض أو شيئ كالنهوض من أمام الهاتف المركون في إحدى زوايا هذا البيت الأثري القديم ، الشيء الوحيد الذي تبقى لها من سلالة الأجداد كونها آخر عنقود عائلتها العريقة الثرية، قصر مرت عليه عصور و عصور بقي رغم الزمن شامخا يبعث الرهبة في زائره..يخيل لك و انت تدخله كأنك في إحدى المتاحف العالمية لما يحويه من أثاث عتيق. هي الأخرى إشترت مجسم شوكولا على شكل منزل لتقول له أنها مستعدة لتكوين أسرة أو أنها إكتفت من التسكع معه بين شوارع الحب منذ سنين.اتصلت لتقول له كل سنة وأنت دبٌ أحمر محشو بقصاصات الإسفنج كل سنة وأنت حلو بطعم هذه الشكولا الروسية الأصيلة أو كل سنة وأنت 'فالنتاين' عساك تكون كذلك وتأخذ بهذا الحب الذي نعيشه إلى برِّ الأمان فقد بدأ يفقد طعمه ولونه ورونقه والفراغات صارت تملأ شوارعه يوما بعد يوم أو بُعدا بَعد بُعد. ابتسمت في صمت ومضت تحضر العشاء وتدندن مرة.... ومرة تراقص حالها تنتقل بين أرجاء البيت في نشاط مثير لم تكن هكذا يوما ، شرعت في تحضير طاولة الأكل اشعلت الشموع ودخلت غرفتها تأنقت تجملت تعطرت تأنثت أكثر من الأنوثة حتى، وقفت أمام المرآة حدقت في شكلها جيدا إبتسمت أغمضت عينيها وهمست: ' جميلة أنت وهذا الفستان الأحمر يزيدك جمال كل عام و أنت الحب '، ثم مضت مسرعة .... حملت سماعة الهاتف طلبت رقم رغبتها ...... رن..و رن...إنقطع الإتصال طلبت مجددا ... ألو ..ألو ألو نعم من أنت ..؟ أظن أنك المتصلة آسفة ربما أخطأت لأني إتصلت بحبيبي معذرة مرة أخرى 'عيد فالنتيان سعيد ' لا عليك'عيد فالنتاين سعيد " قطعت الإتصال .. تنهدت.. أحست بدقات قلبها المتسارعة ، أغمضت عينيها قليلا والحيرة تقتلها، كيف لها أن تخطئ في رقم تحفظه عن ظهر قلب لا تذكر أنها أخطأت به يوما من قبل .. إبتسمت و أعادت الإتصال ..... -ألو -ألو نعم..( نفس الصوت) سمعت أحدهم يدنو من محدثتها .. يسألها من المتصل نعم إنه هو ..هو .. هذا صوته أخذ السماعة من الفتاة و رد ألو.. الو..من معي ألو ردت بصوت يشبه كل الأصوات إلا صوتها ألو.... ياسين ؟؟ من ياسين ...؟؟ أنا باسم من أنت.. أنا.. أنا.. سيسيل.. هذه أنت...؟ نعم أنا... أنا سيسيل كل عام وأنت بخير عزيزتي أعلم أنك لم تتقبلي موت 'ياسين' بعد حاولي النوم 'سيسيل' عليك بالراحة كما قال الطبيب قطعت الاتصال..... مات.........ياسين مات متى؟ كيف؟ لا..لا أرتاح..؟ طبيب ؟؟؟ جثمت على ركبتيها و الدمع يملأ عينيها الجميلتين يأبى النزول أحست بشيئ دافئ يلامس قدميها الباردتين التفتت.. يا الله نسيت منزل الشوكولا بجانب المدفأة.... ذاب المنزل يا سيسيل و ذابت معه السنون.