كدأب الاعوام الفارطة ، تستقبل الامة الاسلامية اليوم او غدا احد افضل الشهور عند الله تعالى و الذي جعل فيه ليلة مباركة تقدر فيها ارزاق العباد ، و هم على عزم لقضاء شهر القران بالإكثار من العبادات لاستغلال فرصة مضاعفة الاجر من العلي القدير ببركة رمضان . و الجزائريون كغيرهم من الشعوب المسلمة يترقبون مساء اليوم استهلال هلال شهر رمضان المبارك ، حيث تتجه الأسماع والأنظار من كل فرد من أفراد البلد إلى وقت إعلان دخول شهر الفرقان ، ايذانا بالصوم في هذا الشهر الكريم الذي لديه مكانة خاصة عندهم ، كيف لا و هو الذي يغير طبائعهم طيلة 30 يوما . و تجد الجميع يهلل لقدومه ، بل ان الكثير منهم يستعد قبل الموعد بأيام معدودات ، من خلال تنظيف البيوت و طلائها و تدريب النفس على الصوم في شهر شعبان ، و اخرين يسارعون الى تغيير نشاطات محلاتهم التجارية لفترة الصيام بصنع مختلف الحلويات الشرقية و بيعها للصائمين مثلما كان الحال عليه بداية هذا الاسبوع في مختلف اسواق وهران التي تشهد حركة غير مألوفة بداخل محلات التجار ، كما يفضل بقية الجزائريين لاستغلال الفرصة المباركة للحجز لدى وكالات السياحة باتجاه البقاع المقدسة لأداء سنة العمرة استجابة لقول الرسول صلى الله عليه و سلم "عمرة في رمضان تعدل حجة". و الافضل من ذلك كله ، فان المساجد المتواجدة عبر مختلف اقطار الوطن تتزين لاستقبال الشهر الفضيل ، حيث تتحول الى منارة للجموع الغفيرة من المصلين الذين سيحجون اليها خاصة عند صلاة العشاء من اجل قيام الليل بقراءة ما تيسر من كتاب الله و أداء سنة التراويح التي رغّب فيها النبي صلى الله عليه و سلم بقوله" من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ". و اذا كان الرجال يتنافسون في الطاعات ، فان النساء يتهيأن لهذا الشهر باقتناء الاواني الجديدة من اجل "الفأل" و هو ما يشعر به سكان وهران في الايام الاخيرة من شعبان عندما يقفون امام الحشود الكبيرة من النسوة عند محلات بيع الاواني سواء في سوق المدينة الجديدة او غيرها الى جانب انتقاء احسن التوابل لإضفاء نوع من الذوق في الاطعمة المخصصة لهذا الشهر الكريم ، فيما تفضل العاملات الى اخذ العطلة الصيفية في رمضان لملازمة المطبخ لا غير ، اما الاخريات فلا سبيل لديهن من الهروب من العمل سوى باخذ عطلة مرضية ، لان قضاء شهر الصيام في البيت له ميزة خاصة لدى النساء.و تحاول بعض الاسر في سياق اخر ، الى الزام اطفالها الذين لم يبلغوا الحلم بعد للصيام قدر المستطاع ، و لو ان البعض من الاسر الجزائرية تتجنب ذلك خوفا على ابنائها من حرارة الصيف في هذا الشهر ، مع ذلك فان الاطفال يسعدون اكثر بقدوم هذا الشهر لأسباب لا يدركها إلا هم. بالمقابل ، فان شهر الخيرات و البركات سيكون اكبر امتحانا للذين يدمنون على التدخين ، لكونهم سيجدون متاعب كبيرة من اجل التوقف عن "اشعال السجائر" في نهار رمضان ، و هو الامر الذي يجعل بعض المدخنين يستعدون للموعد قبل حلوله. بالمختصر فان الجزائريين الذين ينتظرون مساء اليوم ليلة الشك ، يحرصون على اقتداء بسلف الأمة الذين كانوا يتباشرون بقدومه، ويهنئ بعضهم بعضاً لأنه الشهر الذي ينزله الله تعالى على عباده من الرحمات، ويفيضه عليهم من النفحات، ويوسع عليهم من الأرزاق والخيرات، ويجنبهم فيه من الوقوع في الزلات والموبقات، حيث يفتح لهم أبواب الجنان، ويغلق عنهم أبواب النيران، ويُصفِّدُ فيه مردة الجان.