يكتسي النقد السينمائي أهمية بالغة في معادلة صناعة الفن السابع، اذ يعتبر محركها الأساسي، الكفيل بدفع عجلة نموها والارتقاء بها الى مصاف السينما العالمية، غير أن هذا الإختصاص هو اليوم يراوح مكانه بمعظم الدول العربية، مما حال دون احرازه واحرازها على أي تقدم، حيث بقي النقد السينمائي يدور في حلقة مفرغة، بعدما تقلصت مساحات التعبير عن الرأي والرأي الآخر وكذا الملاحظة والتحليل، في ظل غياب الفضاءات والنوادي والمنتديات والمجلات المتخصصة، وتهميش البحوث الأكاديمية والمؤلفات التي هي اليوم في طور الإنقراض. كل هذه الأسباب جعلت النقد السينمائي يدخل مرحلة كسوف كلي، قد تصعب مهمة الخروج منها، من أجل تجاوز وعبور هذه الظاهرة، التي لا تخدم السينما العربية، بأي حال من الأحوال حيث أضحى لزاما على كل المهنيين التجند وبدل المزيد من الجهود من أجل بعث حركة نقدية فاعلة وفعالة وكفيلة بتطوير السينما العربية والإرتقاء بها وترشيدها الى السبيل الصحيح، تكون مبنية على أسس متينة ومرتكزة على البراهين والحجج الدامغة، بعيدا عن تصفية الحسابات والقذف والتجريح بدافع الإنتقاد ليس إلا، أو اللجوء الى التحاليل السطحية وانتحال الشخصية من قبل المتطفلين الفاقدين للتكوين، بعدما انزوى أهل الإختصاص، اذا ما أردنا ارساء قواعد ثقافة نقدية صحيحة، بإمكانها تسّريح ما يسوّق للمتلقى عبر الصورة، التي لابد أن تكون مستمدة من عمق المجتمع ونابعة من صميم معاناته وانشغالاته وأحلامه وأماله، وهو ما حاولنا الوقوف عليه من خلال تناولنا راهن النقد السينمائي بالوطن العربي، وإشراك نخبة من النقاد في النقاش ممن جاءت آراءهم وأفكارهم متباينة بخصوص هذا الإشكال المطروح.