لا تزال جاذبية المتاحف بعيدة عن المواطن التلمساني بكل ما يضمه هذا المرفق الثقافي المعرفي من مخلفات حضاراتية وبصمات تاريخية قديمة، فالشغف إذن للمتحف يحتاج إلى إمكانيات وآليات لجلب الزوار إليه والتطلع لآفاق مضمونة والذي يعد قبلة قليلة الإستطلاع في الوسط الإجتماعي بفئاته المثقفة أو دون ذلك، وليتسنى المتحف لإستراتيجية جلب الزائر له يجب أن تكون لديه شروط الإستقبال بغية السفر في الذاكرة الشعبية الرافضة للتلاشي والإهمال والذي يعتبر فيها المتحف الحامي للثروة الحضارية المادية واللمادية التي تسرد الماضي وما تركه من قيمة فعلية يستلزم إستعابها ومن ثمة توفير جو الزيارة لكل الشرائح التي يرتقي دخولها المتاحف بإرتقاء وجوده وتنظيم أجنحته بمحتويات ما تنازلت عليه كل فترة أوعهد تارخية لتشرب المواطن من دور المتحف وعطائه الإشعاعي والبحثي والعلمي والتربوي. الحقيبة المتحفية وحسب الأستاذ إبراهيم شنوفي رئيس المتاحف والمواقع التابعة للديوان الوطني للتسيير الثراث المحمي أن من أسباب عزوف المواطن عن التقصي ما بحوزة المتاحف ترجع أولا في نشأة المتحف في غضون الفترة الإستعمارية، بحيث أصبح لصالح المختصين لا الحصر لا سيما لإعتبار الأجانب أن جعبة المتحف في نظرهم مرتبطة بهوية حضارتهم التي تسعها مثل هذه المرافق بإحتضانها بآثار تعكس تواصلهم وإمتداد عرقهم الحضاري الأوروبي زيادة على هذا قال المتحدث أن نبذ المواطن للمتحف عائد أيضا بالأساس إلى صورة العرض القائمة به من ناحية نوع المعروضات فهناك ما يدغدغ فضول الشخص ويجعله يقترن بواقع حياته الماضية ويومياته البسيطة وأعلى مثال حي بالقابلية والخاصية المميزة التي يعرف بها المتحف الوطني للفنون الشعبية وعرض الألبسة التقليدية والذي يشهد إقبال منقطع النظير بالجزائر العاصمة من قبل العاصميين الذين يحنون لنفحات الماضي بأبسط الأشياء فهنا بقدر ما تكون جاذبية المعروضات بإمكانها كذلك تفعيل الإقبال والقضاء على العزوف الذي يخيم على شخصية المرء في بعده عن عالم الزيارة المتحفية. وأضاف شنوفي عند إتصالنا به أن المتحف يجب فيه إرتباط أوصلة تجمعه بالوسط الإجتماعي وهذا من خلال متحف متحرك يحمل حقيبة متحفية إلى المؤسسات التربوية والتكوينية للإفصاح عن المحتويات الأثرية وتقريبهم من المتحف على شاكلة صورة مصغرة تنقل مغزى الثقافة من أبواب واسعة ولو بهذه الطريقة لترسيخ مفهوم الزيارة لذات المؤسسة الحاضنة لشواهد ثمينة ولا يتجلى هذا المسعى إلا بمقتضيات شروط لائقة تستمر ديمومتها على مدار السنة بوضع متخصصين في الإتصال الثقافي القادرين على بعث رسالة التوضيح وتشجيع الفضول المقرون بحب الإطلاع. غياب المطويات والمجلات التاريخية كما أنه توجد عوامل أخرى تستطيع التحكم في مدى تطوير المتحف وجعل له صدى في عيون المواطن وإستدراجه إليه بمثالية معرفية محضة وبحثة وعلى سبيل الذكر تأسيس مشروع خاص بتحرير حوليات ومجلات غنية بالأجوبة التي يبحث عنها الزائر ويتجسد هذا المشروع الذي لا بد منه على حد إشارة مصدرنا المسؤول بتخصيص ميزانية مالية تغطي النقص وكذا الخلل الذي يسجله الزائر فمربط الفرس من حيث جعل ميزانية تدفع بإدارة المتحف إلى التنويع في الرقي كتحضير أيضا مطويات وترتيب الفضاءات وتوفير الموارد البشرية لنشر المعطيات في عرض حلل شتى الأمور والأشياء القديمة قدم إنتمائها وقد أشار الأستاذ شنوفي إلى مشروع ناجح يتكرر سنويا بالمتحف الكائن "بلاست العود" والمتعلق بورشات الأطفال والتي تدخل في إطار كيفية الترميم والتي يخوضها براعم صغار على شكل مسابقة ولائية بإستعمال العجين المدرسي والتلوين ويتم إنتقاء الفائزين المتجاوبين مع عملية الترميم وتكريمهم بجوائز وهدايا وهي مبادرة تهدف إلى تحبيب الشريحة الصغرى في الأثار المتواجدة بالمتحف وبالتالي أخذ نظرة حسنة على هذا الأخير إنطلاقا من فكرة صغيرة. وأردف رئيس المتاحف والمواقع أن متاحف تلمسان ستقدم دورمهم أكثر وهذا ما يستلزم معرفته عند العامة من الناس لأن التوسعة والترميم تجري على مستواهم في طريق الإنتهاء منها تعزيز جاهزيتها وكينونتها.