نظمت وحدة البحث حول الثقافة و الاتصال و اللغات و الآداب و الفنون ، التابعة لمركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية و الثقافية "كراسك"، لقاء علميا حول فقيد المسرح الجزائري الراحل امحمد بن قطاف، نشطته الباحثة ليلى كواكي أول أمس بمكتبة المركز، حضره عدد من الباحثين و الأساتذة الجامعيين، الذين أثروا هذا اللقاء بالنقاش و التحليل، المسار الفني و أهم الأعمال التي خلفها المسرحي الراحل امحمد بن قطاف، انطلاقا مما جاء في البرنامج التلفزيوني " ساعة ثقافة " للإعلامي محمد شماني، الذي كرم الراحل بن قطاف في عدد خاص، بث على قناة الجزائرية الثالثة في الفاتح مارس 2015 ، حيث أعيد عرضه خلال هذه الجلسة، و قد انتقد المشاركون أثناء مشاهدتهم لهذا البرنامج التلفزيوني، عدم استضافة أهل الاختصاص، من ناقدين مسرحيين و باحثين و أساتذة جامعيين، مختصين في فن الخشبة، في هذا البرنامج التلفزيوني. من جهة أخرى، استندت الباحثة ليلى كواكي خلال تحضيرها لهذا اللقاء العلمي، الذي يندرج في إطار النشاط النصف شهري لهذا المركز "سيني كلوب"، على كل المقالات التي نشرت منذ رحيل بن قطاف في 6 يناير 2014 ، عبر وسائل الإعلام الجزائرية و كذا العربية ، كما حرصت على جمع كل المعلومات و ترتيبها حسب العامل الكرونولوجي، منذ ولوجه عالم الفن الرابع، ثم سفره إلى الخارج، بعد اغتيال الراحل عبد القادر علولة، و عودته إلى الجزائر في 2003 ، وما أسسه بعد عودته إلى أرض الوطن، و ماذا ترك بعد رحيله، كما ركزت على تطوره من هاو للأغنية، إلى مقتبس ثم ممثل بعدما استفاد من توجيهات رائد المسرح الجزائري مصطفى كاتب، الذي اكتشف إمكانياته المعتبرة في المسرح، حيث استثمر الراحل موهبته في التمثيل المسرحي، و جسد عدة أدوار و غنى في المسرح، ثم انتقل إلى التأليف، كما ترجم مسرحية "إيفان إيفانوفيتش" للكاتب الروسي غوغول، تحت عنوان "إبليس الأعور"، ليلى كواكي استعرضت أيضا أهم الأعمال المسرحية، التي اقتبسها بن قطاف عن نصوص عالمية، وأشارت أيضا إلى بعض الترجمات التي قدمها، لا سيما "عطي" و "تاجر البندقية" لشكسبير، وإلى التحاقه بالمسرح الوطني الجزائري سنة 1966، و ذكرت الباحثة أيضا أن النجاح الذي حققه الراحل بن قطاف، أهله ليخوض أول تجربة في الكتابة، حيث كتب مسرحية "حسنة وحسان" سنة 1975 ، و التي تعد أول عمل مسرحي ينجز في ظل قانون اللامركزية، الذي نجم عنه تأسيس مسارح جهوية، في المدن الجزائرية الكبرى، كما شارك أيضا بكتابة أغاني مسرحية "قالو العرب قالوا"، التي اقتبسها عزالدين مجوبي عن نص المهرج لمحمد الماغوط، التي لعب فيها دور عبد الرحمن الداخل، كما كتب مسرحية "جيلالي زين الهدات" و "جحا و الناس" و الرجل صاحب النعال المطاطية" ، و "موقف إجباري" و "ياستار و ارفع الستار" و "العيطة" و "عقد الجوهر"، التي اشتهر بها حتى لقب بصاحب عقد الجوهر، دون أن ننسى مسرحية "الشهداء يعودون هذا الأسبوع" ،التي اقتبسها عن نص للراحل الطاهر وطار، و إخراج المبدع زياني شريف عياد، التي افتكت سنة 1988 الجائزة الكبرى في مهرجان قرطاج. و خلال النقاش، ذكّر الأستاذ حمومي بعبقرية هذا الرجل، التي وصفها بذوبان الشخص في الشخصية، في حين أكدت الأستاذة طامر أنوال بدورها،على ضرورة التعامل مع العمل المسرحي بطريقة نقدية في مثل هذه اللقاءات العلمية، أما الأستاذة بلحوانة سهيلة، التي أنجزت أطروحة دكتوراه حول الراحل بن قطاف، فتطرقت، إلى مسألة ثراء الكتابة و الشخصية لدى المسرحي امحمد بن قطاف، الذي كان ملما بالتراث العربي و الاسلامي والعالمي، المشاركون أجمعوا منذ البداية على تعدد مواهب الرجل، باعتباره خاض عدة تخصصات، التمثيل و الترجمة و الاقتباس و الكتابة و الإخراج، كما اتفقوا على تميز أعماله بالبحث على ما سماه هيغل بجوهر الحقيقة، و على تجسيده الإنسان الجزائري في مراحله المتعدة، و مسايرة تطوره عبر حقب مختلفة، باعتباره فنانا مخضرما، كما دعا المشاركون في هذا اللقاء، إلى ضرورة الاهتمام بهذه القامة المسرحية، من خلال تنظيم أيام دراسية، يسند تنشيطها إلى أهل الإختصاص، من نقاد المسرح و باحثين في فن الخشبة، ممن اشتغلوا على أعماله، و كذا إعادة كتابة و طبع نصوصه و تسجيل عروضه، و جعلها في متناول الطلبة و الباحثين و الدارسين.