في إطار الندوات المصاحبة لمهرجان المسرح الوطني المحترف، شهد فندق السفير أمس، يوما دراسيا للفنان الراحل محمد بن قطاف الذي فارق الحياة قبل أشهر، وقد تحدث في الندوة كل من المخرج محمد عباس والمسرحي التونسي منصف السويسي والناقد المسرحي، الأكاديمي إبراهيم نوال وأسماء أخرى عرفت الراحل عن قرب، وأدار الندوة الكاتب والمترجم محمد ساري. وذكر أن هذا التكريم الخاص هو بادرة جميلة من محافظة المسرح الوطني المحترف وفرصة للحديث عن أعماله التي اشتهرت بالجرأة والعمق، والتي ترجمت إلى عدة لغات ومثلت في دول عربية وغربية على غرار "موقف إجباري" و"عقد الجوهر". واشتهر أكثر بمسرحية "العيطة" التي توجت في مهرجان قرطاج. وأكد الأكاديمي إبراهيم نوال أن ابن قطاف هو أيقونة المسرح الجزائري، فقد كتب ومثّل الكثير من المسرحيات، وأسس مهرجاناً مسرحياً كبيراً هو "مهرجان المسرح المحترف في الجزائر"، وأضاف "كان الراحل يعتبر مصطفى كاتب أباه الروحي فهو من أدخله المسرح الوطني، واختاره في أول مسرحية بالعربية "عنبسة" للراحل أحمد رضا حوحو، كما توج في أهم المهرجانات المسرحية في الداخل والخارج، وحصد الكثير من الجوائز أهمها تتويجه في قرطاج سنة 1987، عن مسرحية "الشهداء يعودون هذا الأسبوع" عن رواية الطاهر وطار رحمه الله ، ثم توج في السنة الموالية في ذات الحدث الثقافي عن مسرحية "العيطة". وعن علاقته بالسلطة، قال نوال أنها كانت بعيدة كل البعد عنه وكان يرفض الخوض في السياسة ويرى أن رسالته الفنية تبدأ من المواطن البسيط من العامل ومن البطال والفلاح والحلاق، حيث أنه في مرة من المرات رفض دعوة جنرال لعرض مسرحيته وذلك لالتزامه بمبادئه وأفكاره البسيطة البعيدة عن السياسة. واستعرض المخرج محمد إسلام عباس تجربة بن قطاف مبيناً أن إبداعاته المسرحية ستبقى محفورة في ذاكرة الأجيال العربية، بما تقدمه من قيم جمالية وطرح فكري عميق، تشهد عليه عشرات المسرحيات المتميزة التي أخرجها. وقال عباس أن أمحمد بن قطاف رحمه الله نجح في التواصل مع مختلف الأجيال، وسعى إلى تحيين نصوصه سواء المقتبسة أو المؤلفة التي فاقت العشرين مسرحية، من خلال إعادة إنتاجها وتكليف مخرجين وممثلين شباب بذلك، على غرار "التمرين" ومسرحية "فاطمة" التي أداها بلغاريون وإسبان وفرنسيون، وأسس تقليد "صدى الأقلام" للقضاء على القطيعة بين أبي الفنون ومختلف الأنواع الأدبية النثرية والشعرية، كما عمل على وصول المسرح إلى الجنوب. وتشجيع أبنائه من المهتمين باستقبالهم وإشراكهم في الإقامات والأعمال المسرحية، على غرار إقامة الإبداع التي أشرف عليها المسرحي العراقي الراحل قاسم محمد، وأسس لتدعيم ذلك تقليدا آخر هو "مسرح أيام الجنوب". و تحدث الفنان المسرحي التونسي منصف السويسي عن علاقته بالراحل محمد بن قطاف التي تعود إلى سنة 1964 لما قام بزيارته الأولى الجزائر أين تعرف عليه وعلى مصطفى كاتب وعلولة وعبد الرحمان كاكي، و أعجب بشخصيته الفنية التي كلها عزيمة للنهوض بالمسرح الجزائري وجعله منتشرا ومؤثرا في المغرب العربي. وسعى هذا اليوم الدراسي إلى إبراز جهود الفنان امحمد بن قطاف من خلال وقفات متأنية للمختصين والباحثين الأكادميين، تضع منجزات صاحب رائعة "فاطمة" في ميزان النقد البناء والبحث المنصف. . كما شكل منبر الشهادات حول بن قطاف الإنسان فضاءا حميميا للإفضاء بذكريات نادرة وإنارة لحظات خفية من واقع العمل والاحتكاك بالفنان بن قطاف في مواقع مختلفة : بن قطاف الرجل، المسير، الممثل، الكاتب المخرج. .