يحتضن اليوم فندق » السفير » بالعاصمة أشغال اليوم الدراسي التكريمي للفنان امحمد بن قطاف ابتداء من الساعة التاسعة و النصف بمشاركة باحثين و أكاديميين مختصين في مجال المسرح، وسيشكل هذا اللقاء منبرا حميميا للإفضاء بشهادات حول منجزات صاحب رائعة »فاطمة» وللحديث عن بن قطاف في مواقع مختلفة ،بنقطاف الرجل، المسير، الممثل ،الكاتب والمخرج . يشارك في الوقفة شخصيات من الجزائر مثل الروائي واسيني الأعرج، الفنانة صونيا، الإعلامي بوعلام رمضاني، الأستاذ إبراهيم نوال، المخرج عباس محمد إسلام،ومن تونس المسرحي منصف السويسي، ناهيك عن المسرحي المغربي عبد الكريم برشيد ويسعى اليوم الدراسي الذي يرافق برنامج المهرجان الوطني للمسرح المحترف في دورته التاسعة إلى إبراز منجزات صاحب رائعة »فاطمة» في ميزان النقد البناء والبحث المنصف. وابراز جهود الفنان أمحمد بن قطاف من خلال وقفات متأنية للمختصين والباحثين الأكاديميين، كما يشكل منبر الشهادات حول بن قطاف الإنسان والفنان فضاء حميميا للإفضاء بذكريات نادرة وإنارة لحظات خفية من واقع العمل والاحتكاك بالفنان بن قطاف الذي لم يمنعه اندلاع ثورة التحرير عام ,1954 من أن يكوّن نفسه بنفسه، مستفيدا من الخدمات الفنية التي كانت تقدمها بعض النوادي الأهلية في الأحياء الشعبية، وكان يحلم بأن يصير مغنيا، وهو صاحب الصوت الجبلي الممتلئ، فالتقطه رائد المسرح الإذاعي في الجزائر الراحل »محمد ونّيش»، وغيّر وجهة حلمه، فصار ممثلا في فرقة الإذاعة الجزائرية بُعَيد الاستقلال. دامت هذه التجربة ثلاث سنوات، وأثمرت عشرات المسرحيات الإذاعية، بعضها قام هو نفسه باقتباسه من نصوص عالمية، كما ترجم »عطيل» و»تاجر البندقية» لشكسبير، والتحق عام 1966 بالمسرح الوطني الجزائري الذي يُعد أول مؤسسة تم تأميمها بعد الاستقلال، فانخرط في الاقتباس والتمثيل، مستفيدا من توجيهات رائد المسرح الجزائري الراحل »مصطفى كاتب» كانت مسرحية »إيفان إيفانوفيتش» لناظم حكمت، التي ترجمها وأعطاها عنوان »إبليس الأعور» عام 1968 العتبة الأولى لجلب الانتباه إليه مترجما وممثلا موهوبا. كرّس الانتباه إليه ثانية عام ,1971 من خلال ترجمته وتمثيله لنص »الرجل ذو النعال المطاطية» للروائي والمسرحي ذائع الصيت كاتب ياسين منحه النجاح الذي حققته المسرحيتان الجرأة على أن يخوض أول تجربة له في الكتابة، فكانت مسرحية »حسنة وحسان» عام ,1975 والتي تعد أول عمل مسرحي يُنجز في ظل قانون »اللامركزية» الذي نجم عنه تأسيس مسارح جهوية في المدن الجزائرية الكبرى. شكلت سنوات الثمانينيات من القرن العشرين مناخا خصبا لبن قطاف، لأن يتكرس اسما لامعا في المشهد المسرحي الجزائري، وكانت مسرحية »قال العرب قالوا» التي اقتبسها شهيد المسرح الجزائري عز الدين مجّوبي عن نص »المهرج» لمحمد الماغوط، وشارك فيها بن قطاف بكتابة أغانيها، وتمثيل دور »عبد الرحمن الداخل»، مقدمة لإنجاز أعمال باتت علامات فارقة في المدونة المسرحية الجزائرية. ووجد في نص »الشهداء يعودون هذا الأسبوع» للروائي الطاهر وطار، ضالته لإدانة نظام جزائري يستمد شرعيته من ثورة التحرير، لكنه ليس وفيا بما يكفي لشهدائها في سياساته، ولم يقتصر بن قطاف على التمرد على ما يكتب ويمثّل ويخرج من مسرحيات فقط، بل تعدّاه نهاية الثمانينيات إلى الاستقالة من المؤسسة الرسمية للمسرح، وتأسيس أول تعاونية مسرحية حرة أيضا ولعبت تعاونية »القلعة» التي أسسها رفقة نخبة من الفنانين مثل »شريف عيّاد» و»صونيا مكيو»، دورا عميقا في تحرير الوعي المسرحي الجزائري، واستطاعت -رغم اعتمادها على التمويل الذاتي- أن تنافس المسارح الحكومية كمّا وكيفا. بن قطاف الذي رحل في ديسمبر 2013 يعود في الدورة التاسعة من المهرجان الوطني للمسرح المحترف ليكون في ذاكرة الجيل الشاب من المسرحيين الذي أهدوه مسرحية » أضواء« وغيرهم من رجال ابن الفنون الذين لم يفوتوا فرصة تواجدهم في هذا المهرجان للحديث عن هذا الرجل الذي وهب للمسرح 51 سنة من عمره.