إحصاء 125 مؤسسة متخصصة في الجلود من أصل 31808 بالولاية كانت الجزائر تحتل المراتب الأولى إفريقيا في صناعة الجلود و الصّلال حيث كانت تتوفّر على العديد من المصانع و الوحدات الإنتاجية التي تجلب للبلاد قيمة مضافة خصوصا و أنّ المادّة الأولية متوفّرة لتوفّر الثروة الحيوانية. لكن بمرور السّنين تقلّصت حصّة هذا النشاط من النسيج الصّناعي للبلاد لأسباب كثيرة و لا يزال أصحاب المهنة يشكون منها إلى يومنا هذا و لم يجدوا لها حلولا آملين أن تتحسّن الأوضاع في المستقبل القريب و تواصل الحكومة في تجسيد الوعود التي قطعتها بتدعيم الصناعة الجزائرية و المنتجين و المصدّرين بحثا عن قيمة مضافة خارج المحروقات. و لتوضيح الأمور أخدنا ولاية وهران كعينة عن هذا النشاط لنعرف مدى تطوره و النقائص و العراقيل التي تواجه المنتجين فحسب إحصائيات مديرية الصّناعة و المناجم لوهران فإن صناعة الجلد بعاصمة الغرب الجزائري لا تمثّل سوى حوالي 0.4 بالمائة من مجموع النسيج الصّناعي بالولاية أي بمعنى أنّه يوجد حوالي 125 مؤسّسة متخصّصة في صناعة الجلود منها 10 مؤسسات متخصصة في صناعة الأحذية من أصل 31808 مؤسسة صغيرة أو متوسّطة تم إنشاؤها إلى يومنا هذا بكل تراب الولاية و معلوم بأن صناعة الجلود و الصّلال ليست سوى المرحلة الأخيرة من النشاط ،فهو عبارة عن مجموعة من الفروع وهي فروع ما قبل و أخرى ما بعد .فما قبل يمثّل مرحلة توفير المادة الأولية و هي تتطلب وحدات انتاجية متخصّصة يطلق عليها اسم المدابغ مهمّتها جمع جلود المواشي المختلفة من الغنم و الماعز و الإبل و البقر و غيرها و تكون على حالتها الطبيعية بعد النحر فتنقل هذه الجلود إلى المدابغ لمعالجتها وفق تقنيات و وسائل خاصّة ثم بعد ذلك تطرح المادة الأولية المعالجة في الأسواق للاستعمال الصّناعي. أما مرحلة ما بعد و هي تمثّل التصميم و الانتاج بحيث تحصل المصانع على المادّة الأولية جاهزة للاستعمال و بما أنّ المواشي ثروة تزخر بها بلادنا من المفروض ألاّ يطرح مشكل ندرة المادة الأولية. الحرفيون يفضّلون المادة الأولية المستوردة و ما يحدث حاليا هو أن المادة الأولية أصبحت ترمى في النفايات لعدّة أسباب أهمها حسب مديرية الصناعة هو تفضيل المنتجين و الحرفيين الجزائريين للمادة الأولية المستوردة لان بها كل المواصفات التي يحتاجونها من جودة و ألون و أحجام و سعر ،فأغلبية المنتجين يقولون بأنّ اقتناء جلود مستوردة يكلف ثلاث مرّات أقل من الجلود المحلية المعالجة في المدابغ و بطبيعة الحال تكون الأفضلية للمنتج الأقل تكلفة، فالمستورد يصل إلينا بأنواع و أشكال و ألوان مختلفة فيكون لنا حرية الاختيار و بأسعار معقولة .أما المدابغ فلا توفّر للسّوق تشكيلات واسعة. و خير دليل على هذا الكلام ما حدث خلال عيد الأضحى الماضي حيث لاحظ الجميع ظاهرة رمي جلود الأضاحي في النفايات و لم يسع أحد لاقتنائها كما جرت العادة .ففي السنوات الماضية كانت الجمعيات الدينية التابعة للمساجد و بعض الخواص يقومون بجمع هذه المخلفات من أصحابها مساء اليوم الأوّل من العيد و بيعها للمدابغ فتعود عليهم بالأرباح لكن هذا العام تخلّت العديد من الجمعيات عن هذا العمل فلم تجد جلود الأضاحي من يخدها وظلت لأيام مرمية في الشوارع متسبّبة في تلويث المحيط و انبعاث روائح كريهة على الأقل ببعض الأحياء. و حسب الحاج الطاهر بولنوار فإن 90 % من جلود هذه الأضاحي تهدر بسبب انعدام خطة واضحة لاسترجاعها، ما يعني أنها ثروة مهملة لم تجد بعد جهة تستثمر فيها، في الوقت الذي تعمل الجزائر على تنويع اقتصادها بعيدا عن المحروقات. و حسب ممثل الفدرالية الوطنية للنسيج و الجلود المنضوية تحت الاتحاد العام للعمال الجزائريين عمّار طاكجوت فإن ما قيمته حوالي 2 مليون دولار من جلود الأضاحي تهدر سنويا في هذه المناسبة مع العلم أن حوالي 4 ملايين رأس من الماشية ينحر خلال عيد الأضحى ببلادنا و المؤسف أن الجلود التي ترمى تعد من أفضل الأنواع حسب المختصين لكن بسبب غياب خطة أو جهة متخصصة في جمع هذه الجلود أصبحت ترمى في النفايات ،و مصانع الجلود و النسيج أصبحت تعتمد على المادة الأولية المستوردة بالعملة الصّعبة رغم أنّ المنتجين و الحرفيين يؤكدون بأن الجلود الجزائرية من أجود الأنواع و عليه فإن استرجاع جلود أضاحي يعتبر فرصة لا تعوّض للنهوض من جديد بصناعة الجلود و النسيج و لما لا إعادة فتح المؤسسات التي أغلقت و سرّح عمالها .ففي سنوات التسعينات كان هناك حوالي 60 مؤسسة متخصصة في صناعة الجلود لم يبق منها اليوم سوى قرابة العشر مؤسسات تنشط بولاية وهران و كلها تابعة للقطاع الخاص و اعادة بعث هذه الصناعة من جديد لا تعود بالنفع فقط على الاقتصاد بل هي أيضا حفاظ على التراث و تقاليد الأسر الجزائرية التي كانت تحتفظ بجلود المواشي في الأعياد لتنظيفها و تجفيفها لصنع ما يعرف ب "الهيدورة" أو فصل الصوف عن الجلد لاستعمالهما في أشياء أخرى