- عزوق: أزيد من 4 ملايين من جلود الأضاحي في المزابل - دعوة لتشجيع جمع النفايات الجلدية.. لدعم الاقتصاد الأخضر تناثرت عادات وتقاليد الحفاظ على الهيدورة ، فبعد أن كانت مقدسة عند بعض العائلات معتبرينها فألا حسنا، أصبح الأغلبية منهم يتخلصون منها ويرمونها في النفايات المنزلية، ففي الماضي القريب وبالضبط في بعض مناطق الشرق الجزائري، يمسح المصابون بحب الشباب وجوههم بها مباشرة بعد سلخها للشفاء نهائيا منه، كما يضعون العروس الجديدة فوقها ويتم جرها من طرف فتيات غير متزوجات، متمنين زفافهن في نفس السنة، إلا أن هذه الأخيرة أصبحت، مؤخرا، ترمى في المزابل لتخلي الكثير من العائلات الجزائرية عنها، وهو ما لاحظنا أثناء تجولنا عبر أحياء وشوارع العاصمة بعد أيام قليلة من مرور عيد الأضحى المبارك. عائلات تتهرب من مشقة غسل الهيدورة وتكتفي باللحم تحولت العديد من الشوارع والأحياء، في الآونة الأخيرة، إلى صدر رحب يحتضن يوميا مجموعة من القمامات والأوساخ التي باتت تشوه جمال أزقتها وتغزو أماكنها بعد أيام قليلة فقط من مرور مناسبة عيد الأضحى المبارك، فالمتجول بين أحياء العاصمة وغيرها من التجمعات السكنية، يشد انتباهه بما يسمى ب الهيدورة التي نجدها منتشرة في كل مكان ما ساهم في لم ّالذباب وتعفّن الأماكن خاصة في الأحياء وأمام العمارات أين تم فيها الذبح والسلخ، حيث قاموا بجمع اللحم و البوزلوف وتركوا الجلد والأمعاء مبعثرة هنا وهناك دون تخزينها ما حوّل هذه الأخيرة إلى تجمعات للذباب، وملجأ القطط والكلاب، اقتربنا من بعض السكان القاطنين بحي سوريكال بالقبة، لنعرف سبب ذلك التعفن، فأكدوا أن كل واحد يتكل على الآخر في تنظيف المكان، فيما أكد أحد عمال النظافة أنهم يعملون ما بوسعهم ويبذلون كامل جهدهم لكي يوفروا النظافة في جميع أنحاء وأرجاء التجمعات السكنية، إلا أن عزيمة المواطن كانت أكبر من جهدهم في رمي الأوساخ وصنع أكوام من النفايات المشوهة لمنظر المدينة، وعن التصرفات التي تزعج كثيرا عمال النظافة، فهي رمي الأوساخ بعد عملية تنظيفهم مباشرة مما يثير اشمئزازهم. مما جعل الهيدورة تفقد مكانتها المرموقة لدى الأسر الجزائرية التي باتت تتخلص منها بمجرد الانتهاء من ذبح الأضحية، لتستقر في كيس بلاستيكي أسود إلى جانب القمامة وباتت الكثير من السيدات تفضلن التخلص منها بدلا من استغلالها. وبحسب الأمهات، فإنهن لا يحتفظن ب هيدورة الكبش لأن الكل أصبح يشتكي من الحساسية ومن كل هو مصنوع من الصوف، كما أن تنظيفها يتطلب جهدا ووقتا طويلا ولانشغالهن بالعمل خارجا، فهن لا تتوفرن على الوقت الكافي لتنظيف الهيدورة ، ناهيك عن أن ذلك الأمر متعب جد، بينما ترى أخريات أن السبب وراء زوال تقليد الاحتفاظ ب هيدورة العيد عائد إلى ظهور مختلف الأفرشة الحديثة من زراب ذات أشكال وألوان وأحجام مختلفة، فلم تعد هناك حاجة إلى الهيدورة كونها فراشا تقليديا فيما لا تزال قلة قليلة من النسوة تحافظن على ذلك التقليد ولا تفرطن في الهيدورة لأي سبب كان، لكن مع هذا، ما تزال الكثير من ربات البيوت الجزائريات تصر على ضرورة الاحتفاظ ب هيدورة الأضحية، رغم أنها لم تعد تستعمل في ديكور المنازل، على غرار ما كانت عليه منذ سنوات، حين كانت عنصرا أساسيا في ديكور البيوت الجزائرية، وإن أصبحت الكثيرات تتهربن من مشقة غسلها، إلا أنها لا تزال تحظى بمعزة خاصة عند الكثيرات. جمعيات تطلق حملة جمع الهيدورة وفي ظل هذا الواقع الذي باتت تشهده هذه الأخيرة، أي ظاهرة الرمي العشوائي للإيهاب، أي الهيدورة ، بعد عمليات الذبح في أول أيام عيد الأضحى، يعاد التساؤل عن مصيرها ولماذا لا يتم تكليف بعض الجهات باسترجاعها تماما مثلما هو الحال بالنسبة لاسترجاع البلاستيك أو الكارتون؟ وهو ما عملت على تجسيده بعض الجمعيات الخيرية التي أطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملة لجمع الهيدورة . مجموعة ناس الخير المدية كانت السبّاقة في ذلك حيث قامت بجمعها ليتم بيعها فيما بعد لأحد الخواص من أجل اقتناء تجهيزات لفائدة مرضى الكلى، المبادرة لاقت إقبالا كبيرا، آنذاك، من طرف المواطنين وتم تجميع 1882 هيدورة بيعت بأكثر من 19 مليون دج، وحسبما أفاد به أحد الأعضاء الناشطين بالمجموعة، فإن العملية شملت مختلف بلديات ولاية المدية، حيث تم الاجتماع مع رؤساء أحياء مختلف البلديات من أجل تحديد المكان الذي توضع فيه تلك الجلود لتمر فيما بعد الشاحنات التي خصصت للعملية من أجل جمعها، وعلى غرار ذلك وأمام قلة الإمكانيات التي تواجه العديد من الجمعيات والمجموعات الخيرية، تعكف الكثير منها على تذليل هذه الصعاب والبحث عن المبادرات التي تساعدهم على تقديم العون والدعم لمختلف الفئات الهشة في المجتمع، ليتم التوصل إلى هذه المبادرة البسيطة في مضمونها، حسبما كشف عنه محدثنا، خاصة وأن تلك الجلود يتم التخلص منها من طرف العديد من العائلات وتركها في الشوارع ليكون مصيرها التلف، وعليه جاءت الفكرة من طرف أحد الأعضاء الذي اهتدى إليها وتقرر القيام بها، فيما ستوجه المداخيل المترتبة عنها لفائدة المرضى والمحتاجين. أكثر من 4 ملايين من جلود الأضاحي ترمى في المزابل وفي ذات السياق، أضاف منير، 43 سنة، أن العاصمة تفتقر إلى جهات معينة توكل لها مهمة جمع أضاحي العيد قصد بيعها لمصانع الدباغة، وقال بأنه في بعض ولايات الشرق، توكل هذه المهمة لبعض الجمعيات الدينية التابعة للمساجد التي تجمع الجلود بعد أن يتم التصدق بها من طرف العائلات، وبعدها يتم بيعها لشركات التحويل أو المدابغ، على أن يتم توزيع ريعها على المحتاجين وهو ما فنده العديد من المختصين الذين يرون بدورهم، أن صناعة الجلود تراجعت كثيرا في الجزائر لأسباب متعددة، منها انعدام شركات متخصصة في استرجاع مخلفات الأضاحي من جلود وصوف، إلى جانب تفضيل استيراد المستلزمات الجلدية من بلدان آسيوية لانخفاض أسعارها، مشيرين إلى أن 80 % تقريبا من الأضاحي في الجزائر تكون من رؤوس الغنم والماعز، مقابل 20 % من البقر والإبل. وأن نسبة كبيرة من جلود الأضاحي، خاصة جلود الغنم وصوفها تهدر بعد العيد برميها في القمامة، في ظل غياب جهات متخصصة تعمل على استرجاع هذه الثروة، تماما مثلما هو معمول به لدى الكثير من البلدان الإسلامية. وفي ذات السياق، يضيف عزالدين حمزي، رئيس جمعية حماية البيئة بسطيف، ان حوالي 50 بالمائة من جلود الأضاحي ترمى في المزابل وذلك نتيجة تراجع العادات والتقاليد، ففي القدم كانوا يستعملونها كصوف أو يخيطونها، أما خلال السنوات الأخيرة، فهناك إهمال كبير من طرف الأسر الجزائرية، وفي ذات السياق، أضاف كمال عزوق، عضو بجمعية حماية المستهلك، ان أزيد من 4 ملايين من جلود الأضاحي ترمى في المزابل والمستغلة منها تقدر بحوالي 8 بالمائة. الاستغلال التقليدي يرهن تطوير الصناعات التحويلية وفي ذات السياق، أضاف بولنوار، أن استغلال الثروة الحيوانية يتم بطرق تقليدية ما يرهن تطوير الصناعات التحويلية، ومنها صناعة الصوف والجلود، مع عدم استغلال المواد الأولية واللجوء إلى الاستيراد عوض الإنتاج بالرغم من الوفرة، وأضاف ذات المتحدث أن عدد رؤوس الماشية التي يتم ذبحها سنويا في الجزائر يصل إلى حوالي 15 مليون رأس، في حين لا يتم استغلال سوى 15 % من ثروة الجلود محليا عبر بعض المؤسسات الوطنية أو الخاصة العاملة في مجال الدباغة. ومن الأسباب التي تعيق تطور صناعة الجلود في الوطن؛ غياب استثمار الخواص في هذا المجال، إذ أوضح بولنوار أن غياب رجال الأعمال عن الاستثمار في استرجاع الجلود وتطوير الصناعة التحويلية الجلدية قد ألقى بظلاله على تطوير هذه الشعبة الصناعية، وقال بأن أغلب رجال الأعمال يفضّلون الاستيراد على الصناعة والتصدير. تشجيع جمع النفايات الجلدية مهم لدعم الاقتصاد الأخضر كما انتقد المتحدث غياب رؤية واضحة للشباب الطامح إلى إنشاء مؤسسات مصغرة حول احتياجات السوق الكثيرة والمتنوعة، وتوجه شريحة واسعة من شباب أونساج وغيره من أجهزة الدولة لدعم تشغيل الشباب نحو قطاع النقل أو غيرها من الخدمات الأخرى نحن ندعوا القائمين على هذه الأجهزة لتوجيه الشباب الراغب في فتح مؤسسته المصغرة نحو مشاريع مربحة للاقتصاد، ومنها مؤسسات خاصة بجمع النفايات الجلدية أو البلاستيكية أو الكارتونية وإعادة تدويرها لإنشاء ودعم الاقتصاد الأخضر .