يعيش المواطن الجزائري منذ سنوات في دوامة لم يقدر على الخروج منها اسمها التهاب أسعار المواد الاستهلاكية الغذائية و غير الغذائية و أدّى هذا الوضع إلى تزايد النسب السنوية للتّضخم حسب الإحصائيات الرسمية التي يكشف عنها في كلّ مرّة الديوان الوطني للإحصائيات التابع للجمارك ،حيث زادت نسبة التضخم بحوالي 5.6 بالمائة خلال هذه السّنة مقارنة بنفس الفترة من السّنة الماضية. و يبقى المستهلك هو الحلقة الأضعف كونه الوحيد الذي يدفع ثّمن التضخم ،فالظروف الاقتصادية الصّعبة التي تعيشها بلادنا على غرار معظم دول العالم ساهمت بشكل كبير جدّا في انهيار القدرة الشرائية للعائلات و خاصة الضعيفة و متوسطة الحال،و السبب هو أن الأسعار تتجه دوما نحو الارتفاع و بالمقابل لا يزال متوسّط دخل الأسر ضعيف ،و أدناه يصل إلى 18 ألف دج و هو الحدّ الأدنى للأجر المضمون. و منذ أسابيع عرفت أسعار معظم المواد الغذائية واسعة الاستهلاك ارتفاعا أخر تراوح ما بين 20 و 30 بالمائة بأسواق التجزئة ،و قد مكّنتنا جولة استطلاعية قمنا بها ببعض الأسواق اليومية للخضر و الفواكه و المواد الأساسية الأخرى من أخد عيّنة عن الأسعار، حيث لاحظ المستهلك زيادات تتراوح ما بين 3 و 14 بالمائة في أسعار بعض الخضر مثل البطاطا و البصل و الجزر و الطماطم و الخصّ و الثوم و غيرها و زيادات تتراوح ما بين 5 إلى 10 بالمائة في أسعار الفواكه الموسمية مثل التمور التي وصلت إلى 550 دج للكلغ و البرتقال تجاوز 200 دج للكلغ في حين وصل سعر الموز و الإجاص إلى أزيد من 300 دج للكلغ و التفاح المحلي تراوح ما بين 250 و 300 دج للكلغ. و كذلك المواد الغذائية الأخرى ذات الاستهلاك الواسع عرفت زيادات معتبرة في الأسعار تراوحت ما بين 15 و 30 بالمائة أي من 5 إلى 80 دج في الوحدة أو في الكلغ ،و نذكر على سبيل المثال السّكر و القهوة و العجائن و البقوليات و الأرز و حتى المياه المعدنية زاد سعرها و فيما يخص اللّحوم فتسير في نفس الاتّجاه و من ذلك اللّحوم البيضاء التي وصل سعرها إلى 380 دج للكلغ عند البيع بالجملة و حوالي 450 دج عند البيع بالتجزئة ،و كذلك البيض زاد سعره ب 3 دنانير فأصبح 15 دج للوحدة بمعظم الأسواق و المحلات التجارية و أمام هذا الارتفاع لا يجد المستهلك استفسارا واضحا و منطقيا ،فكل طرف يلقي اللّوم على الآخر فبائع التجزئة يقول بأنه ضحيه مثله مثل المستهلك بحيث يشتريها من سوق التجزئة بسعر مرتفع فلا يزيد على ذلك الكثير حتى لا يبعد الزّبائن ،و في الواقع غالبا ما يكون ثمن التجزئة حوالي ضعف ثمن البيع بالجملة . و يلقي بائع الجملة اللّوم و المسؤولية كاملة على أشخاص مشبوهين يسمّونهم بالدخلاء أو اللّوبيات أو ما شابه ذلك تتحكم حسبهم في أسواق المواد الغذائية و الاستهلاكية بصفة عامّة .و إذا سألنا ممثّلي التجار كالاتحاد العام للتجار و الحرفيين فيلقون المسؤولية أيضا على هذه اللّوبيات و على وزارة التجارة التي لم تعرف كيف تتحكم في الأسواق و تكبه جماح الأسعار في زمن حرية التجارة و المنافسة غير النزيهة. أمّا الفلاحين فيقولون بأن مشاكلهم كثيرة و قلّت اليد العاملة و قلّت معها المداخيل فأصبحوا لا يتحكمون في المنتوج الفلاحي و منهم من يبيعه قبل اكتمال نضجه ليضمن هامش الرّبح و تفادي الخسارة و على كلّ حال فقد تنبّأ الكثير من المختصّين في الشؤون الاقتصادية و منهم الدكتور شوام بوشامة من جامعة العلوم الاقتصادية بوهران أن يكون لأزمة انهيار أسعار النّفط بالأسواق العالمية أثرا سلبيا على على المستهلك و على قدرته الشّرائية و بأن المزيد من العائلات الجزائرية ستسقط في أزمة هشاشة وضعها المادّي بسبب الارتفاع المتواصل للأسعار بسبب الممارسات التجارية اللاّأخلاقية من جهة و الزيادات في أسعار الوقود و الكهرباء و غيرها برفع الضريبة على القيمة المضافة. و ترى الفدرالية الوطنية لحماية المستهلك بأن من واجب الحكومة الجزائرية في مثل هذه الظروف اتّخاد التدابير اللاّزمة و العاجلة لحماية القدرة الشرائية للمواطن الجزائري من الممارسات التجارية اللاّمشروعة و الخطيرة التي يرتكبها التّجار سواء كانوا بقطاع البيع بالجملة و التجزئة أو موزّعين أو مستوردين أو منتجين. فالصّدمات المتواصلة في الأسعار إلى ارتفاع نسب التضخّم منذ سنة 2014 ما أدّى إلى تسجيل تراجع محسوس في حجم الاستهلاك