" الأسعار نار..زيادات كل يومين أو ثلاث في جميع المُنتجات..قانون المالية 2017 الله يستر..زيادات حتى في المواد المُدعّمة..." هي تصريحات، تردّدت على ألسن التُجار في أسواق الجملة والتجزئة، فالجميع أبدى تخوفا كبيرا من انعكاسات قانون المالية 2017 على قانون العرض والطلب في حال طُبّق بحذافيره، لدرجة أن بائعي المواد الكهرومنزلية أكدوا وبأسف رفع أسعارهم مستقبلا حتى 60 بالمائة .. قضينا يوما كاملا متنقلين بين مختلف محلات الجملة والتجزئة بحي المنظر الجميل بالقبة والسمار بجسر قسنطينة، فدخلنا محلات بيع المواد الإستهلاكية ومواد التغليف والحلويات، ومواد التجميل، وفضاءات بيع الأجهزة الكهرومنزلية..وسألنا التجارعن حقيقة الزيادات المستمرة في الأسعار، مؤكدين أنهم يتفاجؤون كل ثلاثة أيام بزيادات جديدة شملت جميع المواد دون استثناء بما فيها المواد المدعمة . السميد والزيت ..الزيادات شملت حتى المواد المدعمة بداية جولتنا كانت من سوق الجملة بالسمار، أين كشف لنا أحد تجار السميد والزيت والسكر، أن أسعار مادة الزيت وبمختلف أنواعها، ارتفعت مرتين في أقل من 3 أشهر، بين 10 إلى 15 دج، والسكر ارتفع منذ شهر من 81 إلى 83 للكلغ، وبخصوص مادة السميد فعلق "حدث ولا حرج، كل الأنواع ترتفع كل مرة خلال يومين أو ثلاثة، ففي كل مرة يضيفون لسعر القنطار مبلغ 200 أو300 دج، رغم أنه انتاج محلي ومدعم من الدولة"، أما المعجنات فالزيادة فيها طفيفة، والأرز الأبيض زاد ب15 دج. القهوة، الحبوب، الحليب، التوابل، مواد التنظيف.. الزيادات شملت كل المواد والكارثة هي أسعار الحبوب الجافة، فكلغ اللوبيا ارتفع بسوق الجملة من 140 إلى 170 دج، وتباع في التجزئة حتى 260 دج، والعدس من 140 إلى 180 دج للكلغ في الجملة و220دج في التجزئة، الحمص قفز من 240 إلى 300 دج في الجملة، القهوة بكل أنواعها ارتفع ثمنها، فكان سعر 5 كلغ منها لدى الجملة يساوي 520 دج، ليرتفع إلى 620 دج. وبمحلات التجزئة وصل سعر كلغ القهوة أرقاما خيالية، فالتي كانت تباع ب 140 دج للكلغ، ارتفعت بقيمة 30 دج، فيما وصل سعر بعض العلامات المحلية 200 دج وإحدى العلامات المحلية تباع ب300 دج. واكتشفنا ارتفاع أسعار التوابل ومواد التنظيف، والكارثة هي إحدى علامات حليب البودرة، والتي ارتفع ثمنها من 145 دج إلى 210 دج، وهو ما يحتم على بقية العلامات رفع السعر، حسب تعبير أحد التجار. أما الزيتون فالزيادة في سعره تراوحت بين 10 و50 دج، وبرّر تاجر ذلك بقلّة المحصول السنة المنصرمة، وضُعف الجودة، فيما يُنتظر أن يكون محصول هذه السنة جيدا، ويشار أن دلو 6 كلغ من الزيتون يباع ب 1920 دج في الجملة. وأكد غالبية تجار الجملة، أنهم سيتضررون بصورة مباشرة من رفع الأسعار، فبينما هم لا يربحون سوى 1 أو 3 دج في المنتوج، يربح بعض تجار التجزئة حتى 100 دج. والغريب المتعلق بأسعار غالبية المشروبات الغازية والعصائر، فهو رغم استقرار أثمانها بأسواق الجملة، اكتشفنا زيادات عشوائية لدى تجار التجزئة، وتراوحت بين 10 و40 دج للقارورة. أسعار السكر وصلت 100 دج للكغ أول محل دخلناه بحي المنظر الجميل بالقبة، لصاحبه "يوسف" تاجر جملة لمختلف مواد صنع الحلويات، أكّد لنا أن أسعار المكسرات ترتفع وتنخفض حسب أسعارها في البورصة العالمية، ولا تستقر على سعر مُعيّن، "فكلغ اللوز لا يتعدى سعره الآن 1080دج، بعدما قارب 1250 دج للكلغ منذ أشهر، أما الجوز فقفز من 1300 دج للكلغ إلى 1800 دج للكلغ، والسكر ورغم أنه مادة مدعمة من الدولة، فارتفع سعره مرتين في مدة لا تزيد عن 3 أشهر، الزيادة الأولى كانت ب6 دج ثم 2 دج، ويباع الكلغ منه بأسواق الجملة ب 85 دج، فيما يبيعه تجار التجزئة بين 90 و100 دج للكلغ..وأكد يوسف أن جميع مواد صنع الحلويات المكونة من السكر ارتفع ثمنها بين 10 و20 دج. ..حتى مواد التغليق وشملتها الزيادات دخلنا بعدها محل "أ، ك" تاجر لمواد التغليف، وحسب تصريحه ل"الشروق" فالمنتوج المحلي لا توجد فيه زيادة واضحة، لكن الغريب، يقول "بعض المنتجات المستوردة، ورغم استقرار أسعارها في السوق العالمية، وتأكيد مستوردي المواد الأولية شراءها بسعر منخفض، نتفاجأ برفع ثمنها لدى المصنعين في الجزائر، ويبرر هؤلاء الأمر بارتفاع تكاليف المصنع والعمال، وهو ما نعتبره رفع عشوائي للأسعار، أما مصنعون أخرون فيبررون رفعهم الأسعار، بعدم قدرتهم على البيع بالسعر نفسه لأكثر من سنة..."، وعن أسعار المواد التي يبيعها، فمثلا ورق التغليف الذي كان يشتريه ب 80 دج للكلغ، ارتفع ثمنه ب 5 دج، وأكد محدثنا أنه ورغم رفع الأسعار، لا يزال إقبال المواطنون كبيرا، والسبب حسب تعبيره "الثقافة الإستهلاكية للجزائريين تطورت، فاليوم لا يخلو منزل من الورق الصحي للمطبخ والمرحاض، والمناشف وأكياس التغليف الورقية والبلاستيكية...". ويتحسر التاجر على ما سيؤول إليه وضع الجزائريين، في حال اعتماد مشروع قانون المالية 2017 دون تعديلات، فقال " 2017 سيكون عاما صعبا على المستهلك، داعيا الجزائريين للتشمير عن سواعدهم، ونسيان "عقلية"..واحد في العايلة يخدم على 10..." ارتفاع قياسي في أسعار الحلويات أما "زوهير فرطاس" صاحب محل حلويات ومرطبات بالقبة، فحدثنا بجملة واحدة "إذا استمرت الأسعار في هذه الزيادات المفاجئة سنغلق محلاتنا..."، ويشكو محدثنا من غلاء أهم مادة في صنع الحلويات وهي السكر، حيث ارتفع سعر كيس 50 كلغ من 3200 دج إلى 4200 دج عند محلات الجملة، ولما استفسرنا عن أرباحه السنوية مقارنة بأسعار المواد الأولية، ردّ "ما نخرجش فيها....". ويشكو المواطنون من الارتفاع الخيالي لأسعار الحلويات، فمن يشتري حبة ميلفاي ب 80 دج بعدما كانت لا تتعدى 20 دج...؟؟ وأكد زوهير، أن وضعية التقشف جعل السلطات تفكر في ملء الخزينة العمومية بأي طريقة، موضحا "زادت الأيام الأخيرة عمليات المراقبة الدورية للمحلات، والغريب أن أعوان المراقبة صاروا يحررون لنا مباشرة الغرامات المالية عن أي مخالفة بسيطة، بعدما كان الأمر لا يتعدى الإنذار....". 20 دج زيادة على مواد التجميل أما "محمد لعزيزي" تاجر مواد التجميل، فقال بأن المنتوج المحلي ارتفع مقارنة بالمستورد بحوالي 20 دج، لأن الطلب عليه كبير، وعندما سألناه عن إقبال الجزائريين على مواد التجميل في ظل انهيار القدرة الشرائية، أجاب بابتسامة عريضة "زبائننا لا ينقصون أبدا..خاصة الشباب والمراهقون"، ويؤكد أن الشباب خاصة الذكور، صاروا يشترون وبمبالغة كبيرة الكيراتين وصبغات الشّعر، وأدوات تنعيم وتمليس الشعر وتثبيته، ويكشف لنا أنه جلب مُثبّت شعر للذكور يفوق سعره في الجملة 650 دج لعلبة صغيرة، ومنعم شعر"ديفريساج" ثمنه 850 دج للعلبة المستوردة من جنوب إفريقيا والبرازيل، وكان متخوفا من عدم تسويقهما، ليتفاجأ بنفاذ جميع الكميات في فترة قياسية، والظاهرة جعلته يستنتج أن الجزائريين لن يتوقفوا عن شراء الكماليات ولو في عز التقشف... الحلويات والشكولاطة..زيادات مابين 10 و50 دج دخلنا بعدها محلا لبيع الحلويات والشوكولاطة، حيث أكّد صاحبه ارتفاع الأثمان بين 10 و50 دج منذ 3 أشهر للمنتوج المستورد والمحلي، مبديا تخوفه من تبعات مشروع قانون المالية 2017 على التاجر"..نحن ندفع الإيجار ونوظف عمالا ولدينا أعباء وفواتير، فسنكون ضحية، لكن المواطن هو الضحية الأكبر...". انتقد غياب فرق الرقابة، مصطفى زبدي: الزيادات العشوائية سببها التجار تأسف رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك وإرشاده، مصطفى زبدي، لتصرفات بعض تجار الجملة والتجزئة التي يروح ضحيتها المواطن البسيط، في ظل غياب أليات ردع فعالة وفي ظل التحجج باقتصاد السوق. وأكد زبدي في اتصال مع "الشروق" أن المواطنين يتعرضون ومن طرف بعض التجار "إلى عمليات مرتزقة، ليس لديهم أي ضمير ولا أي وازع أخلاقي، فبعض التجار وبمجرد سماعهم عن مسودة قانون المالية الجديد، سارعوا إلى رفع الأسعار بصورة عشوائية". وأكد مُحدّثنا، أنّ هذا الأمر، لا يمكن السّكوت عليه، في ظلّ الاشمئزاز والتذمر الكبيرين من طرف المستهلك، داعيا أعوان الرقابة للوقوف على المُخالفات، كما أنه لابد من إجراءات أولية قانونية سريعة لتجريم هذا النوع من الممارسات، واتباعه بإجراءات عقابية ردعية. رئيس الاتحاد الوطني للتجار والحرفيين صالح صويلح: فوضى الأسعار ستستمر إذا لم يصدر قانون يضبط التعاملات التجارية أكد رئيس الاتحاد الوطني للتجار والحرفيين، صالح صويلح، أن الأسعار يتم رفعها كل مرة بطريقة عشوائية، وسبب ذلك أن الأسعار في الجزائر حرة وتخضع لقانون العرض والطلب، وكما أن كل تاجر يحدد السعر الذي يناسبه. واعتبر المتحدث في تصريح ل"الشروق" أن أهم إشكال في السوق الجزائرية، هو عدم تعامل غالبية التجار سواء للجملة أو التجزئة بالفواتير ومثلهم المستوردون، وهو ما حوّل سوقنا إلى "غابة... طاق على من طاق"، في ظل غياب نص قانوني، يستعين به المراقب في تأدية عمله.
وأكد صويلح، أنه سبق لهم المطالبة بإدراج مادة في مسودة قانون المالية 2017، لتنظيم أمور التجار، ولو عن طريق إلزام كل تاجر أو فلاح بحيازة ورقة لإثبات تعاملاته التجارية، ويضيف "على الأقل نلتفت للمنتجات المصنعة محليا، فنضع لها دراسة، ونقنن أسعارها لدى تاجر الجملة والتجزئة". وتأسف صويلح، كون ما يعيشه المستهلك الجزائري هو فوضى حقيقية لا تساعد أحدا، سواء المستهلك أو التاجر أو المُصنع.