الإستقلالية، الإنسانية، التطوع وعدم التحيز من المبادىء الأساسية التي يعتمد عليها الهلال الأحمر الجزائري أثناء تأدية مهامه والشعار الوحيد الذي تتبناه هذه الهيئة في مسارها اليومي. سبعة قيم متباينة المعاني تحمل في طياتها الكثير وتبرهن على الآداء الكبير الذي يؤديه الهلال الأحمر الجزائري من تقديم يد العون لذوي الإحتياجات الخاصة أو رفع الغبن عن الطبقة الكادحة حتى وإن كانت مساعداتها لا تمس دفعة واحدة كل هذه الشريحة حسب إمكانياتها المادية والبشرية. لقد إختارت هذه الهيئة لنفسها الطابع التطوعي لكل النشاطات التي تقوم بها وأضفت عليها ميزة خاصة حتى لا تخدش مشاعر وكرامة الوافدين عليها وجعلت من تدخلاتها الدورية واجب مفروض عليها وعلى كل المتطوعين تجسيدا للشعار المعمول به. فكل من يقصد أو يطرق باب اللجنة الولائية للهلال الأحمر الجزائري الكائن مقرها بواجهة البحر، لا شك أنه سيجد حتما ما يبحث عنه وسيلقى بالضرورة المساعدة التي يحتاجها، مادام أعوان الهلال حاضرون في كل المواقف ومجندون للتخفيف من معاناة العائلات المعوزة. وقبل الحديث عن المهام التي يؤديها بالتفصيل، فمن الأجدر أن نقدم لمحة تاريخية عن الهيئة وتاريخ ميلادها وإنطلاقها ميدانيا كجهة مستقلة تتكفل بمشاكل الشريحة المهمشة وتحاول بإستمرار التقرب منها والإهتمام بها مهما كان نوع مشكلتها صحية أو مادية. فالهلال الأحمر الجزائري من أقدم المنظمات الإنسانية في الجزائر أثناء حرب التحرير وبالضبط في سنة 1956 في جلسة عمل جمعت عددا كبيرا من المتطوعين بمدينة طنجة المغربية، حيث طرحت فكرة إنشاء الهلال الأحمر الجزائري، وضبطت لائحته الداخلية ووافق عليها مسؤولو قيادة الولاية الخامسة بوهران. وفي 29 ديسمبر من سنة 1956 تم إنشاء الهلال الأحمر الجزائري في جلسة إفتتاحية عقدت تحت إشراف الأستاذ حسن بوكلي الذي عين كأول رئيس لهذه الهيئة وفي الثامن جانفي من سنة 1957 رفعت اللائحة الداخلية وفي اليوم الموالي أديع على أمواج الأثير خبر ميلاد الهلال. وبعد الإستقلال إعترفت الدولة الجزائرية رسميا بالهلال الأحمر الجزائري كجمعية إغاثة تطوعية مستقلة تساعد السلطات العمومية، كما إعترف به رسميا من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر في 4 جويلية 1963 وأقرّ به عضوا في الإتحادية الدولية لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر بتاريخ 8 أوت 1963. وإنطلاقا من هذا المسار فقد تعددت مهامه وإنحصرت في تنظيم وتلبية إحتياجات اللاجئين الجزائريين المتواجدين في الأراضي المغربية والتونسية هيكلة المصالح الصحية لجيش التحرير الوطني، تعبئة وجمع المساعدات الدولية وتنظيم شبكات التضامن لمساندة القضية الجزائرية. لم تتوقف تدخلات الهلال الأحمر الجزائري عند هذا الحد بل تعدت مبادراته الى ما بعد الإستقلال ومست مجالات عديدة لها علاقة بمواجهة الكوارث الطبيعية، عمليات الإسعاف النشاطات الإجتماعية والصحية واللجنة الولائية لهاته الهيئة مثال حي لهذه الروح التطوعية. مسار طويل لا يمكن حصره في بعض الأسطر أو في بعض المراحل لأن ما قدمته اللجنة أكبر بكثير من التدخلات التي سنشير إليها سواء إذا تعلق الأمر بالتضامن أو الإسعاف أو نشر المثل والمبادىء الأساسية في صفوف الشباب. قروض بدون فوائد للمتطوعين غير بعيد عن الجانب الإنساني الذي يعد من بين المبادىء السبعة للهيئة فقد تبنت اللجنة الولائية للهلال الأحمر الجزائرية تجربة نموذجية الأولى على مستوى الوطن وأخذت على عاتقها مهمة تجسيد عملية منح قروض بدون فوائد للمتطوعين المسجلين على مستواه. وحسب الدكتور خويدمي المسؤول الأول للجنة الولائية فقد تم تسطير برنامج خاص لفائدة المسعفين الذين قدموا العديد من التضحيات دون مقابل والمتمثل في تخصيص مبالغ مالية كافية لصالح هذه الفئة تمكنهم من إنشاء مؤسسات مصغرة وفق القوانين التي تضبطها أجهزة التشغيل. جاء هذا القرار حسب نفس المسؤول بعد مشاورات عديدة أجرتها هذه الهيئة مع المتبرعين من رجال أعمال ومتعاملين إقتصاديين الذين لم يمانعوا في تمويل المشروع حسب القيمة التي تضبطها الهيئة بشكل يسمح لصاحب المشروع تغطية جميع المصاريف الضرورية التي تحتاجها العملية. وبما أن العملية تعد الأولى من نوعها فقد أخذ الهلال الأحمر فرع وهران كل إحتياطاتها اللازمة لضمان نجاعة البرنامج من إعداد دراسة كاملة تضم كل النقاط من الجانب المادي والمعنوي وإنطلاقا من نفس الهدف أحصت الإدارة المعنية المسعفين المتطوعين المسجلين على مستواها وضبطت قائمة المهتمين بالعملية لتتمكن من تحديد الأغلفة المالية التي سيستفيد منها كل واحد علما أن العدد الإجمالي لهذه الفئة لا يتجاوز 800 مسعف يتراوح عمرهم ما بين 18 و25 سنة. وكمرحلة أولى وتحضيرا لهذا البرنامج ستتكفل أجهزة التشغيل المعنية تحت إشراف اللجنة الولائية للهلال الأحمر الجزائري بتقديم كل الشروحات اللازمة للمسجلين في قالب توعوي محض توضح من خلالها كل الخطوت الضرورية لإنشاء مؤسسة مصغرة مع تأهيل المقاولين إذ اقتضى الأمر لفترة زمنية محددة المدة لتجاوز كل العراقيل التي قد تعترض هؤلاء الشباب أثناء ممارسة نشاطهم. أما عن أنواع المشاريع التي ستوفرها لهم اللجنة فيشير الدكتور خويدمي في هذا الشأن إلى أن المهن التي سيختارها الشباب لن تخرج عن قائمة القطاعات المحددة في أجندة أجهزة التشغيل ومنه فإن المؤسسات المصغرة ستحمل نفس الطابع والشكل الذي اختارته هذه الأخيرة. ونظرا لأهمية ال برنامج الذي سيفتح حتما مناصب مالية لفائدة الشباب فمن المرتقب أن تعمم العملية علي كافة الشباب المهتمين بالمهن الحرة حتى وإن كانوا غير منظمين للهلال خاصة أن هذه الأخيرة تستعد دائما لتجسيد مبادئها السبعة على أرض الواقع وتعمل بإستمرار على تحسين المستوى المعيشي للفئات الهشة. إحصاء 143 ملف من بينهم 67 حراق وكما هو معلوم فإن ملف المفقودين من الملفات الثقيلة الذي أرهق كاهل العائلات وحصرهم في دوامة البحث المفتوح عن أبنائهم ومصيرهم الذي يظل لحد الان مجهولا وفي هذا الصدد فقد أستقبلت اللجنة 143 ملف بحث معظمها للحراڤين الذين بلغ عددهم 67 حراڤا بناء على تصريحات ذويهم الذين قصدوا مقرها لعلّهم يجدون تفسيرا لإستفهاماتهم العالقة. وفعلا فقد باشر الهلال الأحمر الجزائري فرع وهران في حملة واسعة للبحث عن المفقودين ومعرفة مقر اقامتهم بالخارج خاصة أن أغلب الملفات المطروحة عليه لها علاقة بأشخاص مقيمين بالخارج أو حراڤة إختاروا أن تكون المجازفة والضفة الأخرى سبيلا لبناء مستقبلهم. وبعد اتصالات مكثفة استطاع الهلال أن يحدد إقامة 18 مفقودا من بينهم 11 شخصا تمكنوا من توطيد علاقاتهم مع عائلتهم بعد غياب سنوات طويلة بتبادل الزيارات وتفقد الأقارب والأحباب أما البقية فقد رفضوا الإتصال بذويهم إختاروا الإبتعاد بدلا من الإلتحاق بهم، فيما تعذر على اللجنة تسوية الملفات المتبقية مع الصليب الأحمر الإسباني لأن أغلب النازحين لا يكشفون عن هو يتهم الحقيقية وفضلوا العيش بأسامي وجنسيات وهمية لتضليل السلطات والهروب من هاجس الطرد في حالة إكتشاف أمرهم. أما بالنسبة لعمليات جمع المتسولين فقد سطرت الإدارة حملة واسعة منذ شهر تقريبا إستهدفت مقبرة عين البيضاء بإعتبارها أكثر نقطة يقصدها المتسولون كل يوم جمعة وقد أسفرت العملية عن جمع 30 متسولا تم تحويلهم إلى ديار الرحمة للتكفل بهم اضافة إلى حملات أخرى لجمع الأطفال والمتشردين بمجموع 20 متشردا يوميا وهذا بمساعدة مديرية النشاط الاجتماعي ومصالح الحماية المدنية. تكوينات واتفاقيات في اطار توسيع مصالح اللجنة الولائية للهلال الأحمر الجزائري أبرمت هذه الأخيرة عدة اتفاقيات مع مختلف القطاعات بإختلاف تخصصاتها لتكوين اطاراتها وعمالها وتمكينهم من التدخل في حالة حدوث حادث مفاجئ وإسعاف الجرحى قبل تدخل المصالح الطبية، حيث تعاقدت في هذا الشأن مع معهد البترول في شهر ديسمبر الفارط لتكوين 90 عاملا لمدة 4 أشهر تقريبا، كما أبرمت إتفاقية مع نقابة الصيادلة لتخرج دفعة متخصصة في الإسعافات الأولية ومؤهلة تأهيلا كاملا في إنقاذ المنكوبين . بالمقابل أبرمت اتفاقية أخرى مع مديرية التكوين والتعليم المهنيين وهذه المرة لتلقين النساء الماكثات في البيت أصول الخياطة حسب مدة التكوين التي تختارها المراكز مقابل تقديم شهادة نجاح بعد انتهاء فترة التربص، وقد فضلت الإدارة هذه الطريقة لإستفادة المتربصات من كفاءات مهنية تمكنهم من فتح ورشات خياطة لاسيما أن اللجنة ستتولى مهمة تمويل هذه المشاريع. وقد اختارت أن تطبق العملية كمرحلة أولى على 30 إمرأة ماكثة بالبيت ممن أبدين اهتمامهن بهذه الحرفة وفضلن أن يكون مصدر رزقهن من ورشات خياطة مجهزة بكل الوسائل الضرورية حتى تبتعدن عن هاجس العوز والحاجة وتضمن لأنفسهن هامش ربح يخفف من أعبائهن اليومية . ولم تستثن هذه الهيئة الجانب الصحي من أجندتها حيث تعمل بصفة دورية على توفير الأدوية المطلوبة للمرضى سواء المتوفرة منها أو الغائبة عن طريق تخصيص مصلحة خاصة تتكفل بتسليم كل متطلبات هذه الفئة إذ يصل عدد الوصفات الطبية التي تستقبلها المصلحة 20 وصفة يوميا بفضل التبرعات التي تقدمها مصالحها من قبل المحسنين، أما فيما يخص الأدوية الأخرى غير الموجودة فتسعد هذه الأخيرة لجلبها من مختلف الوكالات الصيدلانية حتى تضمن للمرضى علاجا وقائيا حسب النصائح المنصوص عليها في الوصفة.