على بعد حوالي عشر كيلومترات شمال مدينة تلمسان، تقع مدينة الحنايا الهادئة هدوءا لم يكسره سوى تأهل فريقها لأول مرة في تاريخه إلى الدور السادس عشر من تصفيات كأس الجمهورية ،فأصبح هذا الانجاز التاريخي حديث العام والخاص بالمدينة المذكورة، التي لا يجد سكانها حرجا في القول بأن كرة القدم التي يعشقونها حتى النخاع هي متنفسهم الوحيد، والفريق هذا هو النادي الوحيد الذي يناصرونه بكل جوارحهم ،يرافقونه أينما حل وارتحل، وذلك لا لشيء سوى لأنه استطاع في المواسم الأخيرة أن يسجل اسم مدينتهم ضمن لائحة أسماء مدن كبيرة، سواء لما صعد الموسم الماضي إلى بطولة مابين الرابطات لأول مرة في تاريخه رغم أن تاريخ تأسيسه يعود إلى أواخر الستينيات وبداية السبعينيات، حيث ظل يترنح ما بين بطولات الأقسام الجهوية، أو بوصوله إلى الدور ثمن النهائي من تصفيات السيدة الكأس، وهي المرة الأولى التي يصل فيها إلى هذا الدور، هذه النتائج الايجابية هي حسب المقربين من الفريق ثمرة الاستقرار الذي يعيشه الفريق منذ موسمين، ذلك انه في الموسم الماضي لما كان ينشط ببطولة الجهوي الأول استطاع أن يفرض منطقه على فرق مجموعته تحت قيادة مدربه الحالي بن يحي سيد أحمد قلب الهجوم السابق لوداد تلمسان رغم المنافسة الشرسة من بعض فرق مجموعته في صورة الجار اتحاد تلمسان ونصر السانيا وأندية أخرى، ليفتك في الأخير تأشيرة الصعود إلى قسم مابين الرابطات، والتي حتى وإن حل بها الموسم الحالي ضيفا جديدا إلا انه يحتل بها لحد الآن مراتب متقدمة على جدول الترتيب ،هذه المعطيات لا تعني أن فريق شباب الحنايا يعيش في بحبوحة مالية وبمنأى عن الاحتياجات ،فهو قد عانى الأمرين في المواسم الماضية لما كان يملك ملعبا ذا أرضية ترابية، مما حتم عليه خلال الموسم ما قبل الماضي أن يستقبل ضيوفه بملعب الإخوة زرقة بتلمسان، إلى غاية تكسية ملعبه بالعشب الاصطناعي من الجيل الرابع مما جعله يعود مجددا إلى قواعده، ويستقبل بميدانه وأمام أنصاره الأمر الذي مكنه من تحقيق الصعود إلى قسم ما بين الرابطات الموسم الماضي والوصول إلى الدور ثمن النهائي من تصفيات كأس الجمهورية لحد الآن هذا الموسم ،رغم انه خاض كل المواجهات التصفوية السابقة خارج ميدانه، وهذا ناهيك على انه يعيش ضائقة مالية بدليل أن اللاعبين والمدرب لا زالوا لم يتحصلوا على مستحقاتهم العالقة منذ مدة، وبالتالي فهم يعلقون آمالا كبيرة للتأهل إلى ادوار أخرى خاصة بالسيدة الكأس قصد الاستفادة أولا من المكافأة التي يمنحها الراعي الرسمي لكأس الجمهورية لفائدة الفرق المتأهلة ،زيادة على أن الوصول إلى أدوار متقدمة في هذه المنافسة يسمح بجلب مؤسسات السبونسور. يذكر أن فرق شباب الحنايا لم يجد أمامه الطريق معبدا بالورود للوصول إلى هذا الدور فهو قد أزاح من طريقه عدة فرق كان أولها وفي تصفيات الدور الجهوي الأول نصر السانيا الذي تفوق عليه بملعب العامرية بواقع ثلاثة أهداف مقابل اثنين ،ليواجه في الدور الثاني مشعل سيدي الشحمي بمدينة عين تموشنت ويتفوق عليه بنتيجة صغيرة قوامها هدف وحيد دون رد ، لكنه كان كافيا لشباب الحنايا من اقتطاع تأشيرة التأهل إلى دور آخر فوجد قبالته فريق شباب الأمير عبد القادر ليفترق الفريقان على نتيجة التعادل الأبيض هدف في كل شبكة لكن الضربات الترجيحية ابتسمت لفريق الحنايا مما سمح له بالمرور إلى الدور الثاني والثلاثين ،والذي كان يعتبره الكثير من المتتبعين بأنه المحطة الأخيرة لهذا الفريق في هذه المغامرة لعدة أسباب منطقية أبرزها اسم الفريق المنافس له والذي أوقعته القرعة في مواجهته وهو فريق مولودية قسنطينة الغني بتاريخه سواء ببطولة القسم الأول أو الثاني زيادة على أن المباراة كانت مبرمجة بمدينة الصخر العتيق ليحدث فريق الحنايا مفاجأة من العيار الثقيل بهذا الدور فيتغلب على الموك بثنائية نظيفة ،مما فتح الشهية أمامه لمواصلة المغامرة. ولم تتوقف مسيرة الشباب عند هذا الحد بل أزاح نهاية الأسبوع الفارط نجم البرواڤية في مباراة فصل فيها أبناء المدرب بن يحيى لصالحهم بعدما كانوا على وشك الإقصاء قبل أن ينعش ممثل عاصمة الزيانيين آمال عشاق السيدة الكأس ويفتح الشهية لبلوغ دور متقدم لأول مرة في تاريخ هذا الفريق الصغير الوحيد الذي سيزاحم الفرق الكبيرة بتقاليد السيدة. ويسير هذا النادي على نفس الدرب الذي قطعه الجار اتحاد تلمسان الناشط ببطولة الجهوي الأول خلال الموسم الماضي لما وصل الى ربع نهائي المنافسة وهكذا يعلق الجمهور التلمساني آمالا كبيرة على هذا الفريق الذي يعد الممثل الوحيد للولاية عقب إقصاء كل الفرق الأخرى ويتوسم عشاق السيدة الكأس في قائد سفينة الشباب المدرب بن يحيى الذي سبق له وأن ذاق حلاوة التتويج بهذه الكأس مع أواسط الوداد ومع أكابر النادي التلمساني في منصب مساعد مدرب.