تزخر الجزائر بالطبوع الغنائية والألحان المتنوعة وتظل الموسيقى الأندلسية من أعرق وأقدم هذه الألوان الغنائية وتميزت بمحافظتها على أصالتها وطابعها المميز جدا رغم مرور الزمن وتعاقب القرون، وهذا ضمن مناطق معلومة ومحددة في الجزائركتلمسان، وإن كانت في كل من الجزائر العاصمة وقسنطينة قد أخذت طابعا آخرا فيها يعرف بالمالوف والحوزي وعليه فالطابع الموسيقي الغرناطي ظل ولايزال يميز مدينة تلمسان منبع الأغنية الأندلسية كيف لا وتلمسان كما نعلم كانت من بين الحواضر العربية في شمال افريقيا التي استقطبت موجه الأندلسيين المسلمين الهاربين من الأندلس بعد سقوط مدينة غرناطة وزوال الحكم الإسلامي الذي عمر في الأندلس وإسبانيا خلال ثمانية قرون. وفي تلمسان حضن ومعقل النغمة الأندلسية بنوباتها التي تتناسب مع كل ساعات النهار والليل ترعرع الفن الأندلسي ليمتد عبر فرق أندلسية إلى مناطق أخرى من الجزائر، فلا أحد له أن ينكر بأن مستغانم قد تبنت جانبا من الأغنية الأندلسية وفي وهران نقف على فرقة نسيم الأندلس ومدينة البليدةوالجزائر العاصمة ففي كل مكان نجد أثر ولو بسيطا للنغمة الأندلسية الأصلية والعتيقة المتشبتة بالجذور والمتطلعة إلى غد أفضل، وكانت المرأة دائمة الحضور في هذه الفرق فهي تعزف على أوتار العود وتناجي الربابة وتدغدغ توتات القانون وفي أحيان كثيرة تداعب أناملها البيانو وقبل هذا فالمرأة بصوتها الحسن الشجي تغرد وتصبح في رياض الأغنية الأندلسية تغني للربيع وللأشواق ولتمس العشية وتطرق كل أبواب النغم واللحن الأندلسي الجميل. وتتعدد أسماء نساء أطربن الآذان بنغمة أندلسية جميلة ونقف هنا عند البعض منهن كالمطربة نسيمة ومن خلال الأغنية الأندلسية كانت المرأة تحلق في أجواء السمر، وترحل بصوتها إلى الآفاق البعيدة وهي من يحفظ سر هذه الأغنية وسحر بقائها متميزة لا تكف عن استقطاب المزيد من المعجبين ومثلها مثل ألوان الأغنية الجزائرية الأخرى، فإن النغمة الأندلسية عبرت الحدود من خلال أصوات نسائية وأخرى رجالية مثل نصر الدين شاولي ونوري الكوفي، وريم حقيقي لتكتشف جمهورا في أرض القرية فمن قال بأن اللحن الجزائري الأصيل ليس له رواد وأن النغمة الأندلسية قد طواها الزمن.. مادام متان من يردد بصوت جذاب وحسن وساحر نوبات الأندلس العتيقة من إنصراف وبطايحي وخلاص على مقامات الرصد والماية.