أحيت أول أمس دائرة لرجام لولاية تيسمسيلت الذكرى ال 55 لمعركة باب البكوش المصادفة ل 28 من ماي من كل سنة وهذا بحضور السلطات المحلية المدنية منها والعسكرية رفقة الأسرة الثورية حيث المناسبة التاريخية هذه تم فيها بمقبرة باب البكوش الواقعة على بعد (20 كلم) عن مقر البلدية لرجام رفع العلم وعزف النشيد الوطني وتلاوة وفاتحة الكتاب ترحما على أرواح شهداء الواجب الوطني بعدها تم إلقاء مداخلات حول هذه الذكرى التاريخية المجيدة وبالمناسبة هذه تم إقامة عدة تظاهرات عرفتها مدينة لرجام. تعد معركة باب البكوش من أهم المعارك التي شهدتها منطقة لرجام إبان الثورة المباركة والتي عرفت فيها عدة هجومات بين جيش التحرير الوطني والقوات الإستعمارية فهذه الأخيرة التي كانت في كل مرة السيطرة على جنود التحرير الى أن سيطرتها باءت بالفشل رغم أنها تملك العدة والعتاد في قلب المعركة الى أن جنود التحرير الأشاوس كانوا لهم بالمرصاد وذلك كله قصد تحرير الأرض وطرد المستعمر الغاشم الذي خرج منها مهزوما. فمقبرة باب البكوش هذه تقع على بعد 20 كلم عن مقر البلدية لرجام لولاية تيسمسيلت وتضم (1442) شهيد فكان تدشينها في يوم الأربعاء 24 ماي 1989 أما عن موقع البلدية جغرافيا فهي تقع على سطح جبال الونشريس ب 22 كلم جنوب برج بونعامة على الطريق الوطني رقم 19 وشمالا مقر الولاية تيسمسيلت على بعد (33 كلم) يحدها غربا ولاية غليزان والشلف أما عن تضاريسها فهي جبلية وعرة وغابية ذات الأدغال والأحراش أهلها بأن تكون مركزا إستراتيجيا لجيش التحرير الوطني، كما أصبحت فيما بعد مقرا للمنطقة الثالثة وذلك لإنعقاد الإجتماعات لقيادة نواحي الولاية الرابعة تاريخيا وهي حديثة النشأة وبالنسبة لمضايقات جيش التحرير الوطني للإستعمار الفرنسي بالمنطقة جعلت فرنسا تلجأ الى إنشاء البلدية إداريا لخدمة مصالح جيوشها وعملائها (الفرق الإدارية الفرنسية) محاولة منها إحتواء ضربات جيش التحرير وفصل الشعب عن الثورة وذلك عن طريق الزّج في المحتشدات التي لا تتوفر على أدنى شروط الحياة هذا وبعد أن كانت عبارة عن سوق أسبوعية تابعة إداريا الى البلدية المختلطة (موليار) برج بونعامة حاليا وفي سنة 1958 نظمت إنتخابات حيث تم فيها تأسيس بلدية لرجام وقد سميت بإسم لرجام إستنادا الى الرواية التاريخية التي تروي أن الأمير عبد القادر كان يتخذ من سهلها ملعبا ومكانا للراحة ويضع ما يسمى (بالرجام) أي قمام من الحجر كعلامة رمزية للتواصل بين السابق واللاحق من جيش الأمير ع القادر وأتباعه من المنطقة، أما عن أسباب هذه الثورة وظروفها فهو أن هجوم جيش التحرير الوطني على منطقة السرسو وعماري ترك أثرا عميقا في نفوس السياسيين والعسكريين الفرنسيين ممّا ترتب عليه من خسائر فادحة تمثلت في قتل بعض المعمرين وغنم الممتلكات من غنم وبقر وخيول وسلاح ولهذا فإن الأثر السلبي على العدو ونتيجة هذا الهجوم جعله يعدّ العدة ويخطط لمعركة فاصلة وشاملة إختار باب البكوش ونواحيه ميدانيا لها وحسب الشهادات الحية لمن عايشوا الحدث لقد قامت فرنسا بوضع خطة محكمة طوقت بها المنطقة من الجهات الأربعة وغلقت كل المنافذ بجيوش جرارة معززة بقوات الطيران المختلفة وفي اليوم المحدد من طرف العدو إنطلق ليلا لمباغتة جيش التحرير الوطني عند فجر 28 ماي 1958 لكن يمشي العدو بمالا تشتهي نفسه حيث إنفجرت قنبلة أدت الى تدمير بعض الآليات العسكرية ونتج عنها وصول مداها الى فرق جيش التحرير الوطني المتواجدة في الجهة تحت قيادة الشهيد »سي أعمر« ممّا جعل قادة جيش التحرير الوطني يتفطنون الى الخديعة ويتمركز في موقعه ويوجه عيونه الى جهات مختلفة في المنطقة وقبل بزوغ الشمس بقليل تأكد جيش التحرير الوطني أنه محاصر من الجهات الأربع وأن قوات العدو تداهمه وعند الصباح بدأت القوات العسكرية الفرنسية تظهر للعيان بدباباتها وطائراتها ومظليها وعند إندلاع المعركة التي وجدت فيها كتيبة الكريمية بقيادة الشهيد سي أعمر أنها وجها لوجه مع العدو الفرنسي وهذا ما جعل القائد الفذ ينظم جيوشه وفق خطة حربية محكمة حاثا إياهم على الثبات ومذكرا إياهم بفضل الشهادة ونعمة الخلود الذي ينتظرهم الإثنان لا يتحققان إلاّ بالصدق والإستشهاد في سبيل اللّه وأن إنطلاق الرصاص يبدأ فور سماع كلمة اللّه أكبر، اللّه أكبر، اللّه أكبر وكان القائد يحث جيوش العدو ويتلهف للوصول الى الهضبة لكونها موقعا إستراتيجيا دون أن يعلم أن جيش التحرير الوطني متمركزا بها وحين إقترب دون إكتشاف المجاهدين فوجىء بوابل من الرصاص من كل فصائل الكتيبة الكريمية التي أخذت موقعها الحصين وسدت كل المسالك التي كانت ترى فيها العدو الفرنسي يتخذها سبيلا وتحت صيحة اللّه أكبر حصد رصاص المجاهدين الصفوف الأمامية للعدو وعلى رأسها عقيد ورائد من عساكره وحاملي أجهزة الإتصال اللاسلكية وأن ما تبقى من العدو الفرنسي حيا لازم المكان ومنهم من ولى فارا الى الوراء والأسباب التي أثرت على العدو في الواجهة الأولى وهي فقدان القائد ونائبه المواجهات للشهيد سي أعمر أو السير أو الغرب أسقطه حيث التحرير الوطني إضافة الى قنبلة الطائرات وقد شعرت الخطوط الخلفية للعدو بأن الخطوط الأمامية دمرت عن كاملها ممّا جعل العدو يبقى في مكانه طالبا المزيد من الإمدادات في مختلف. التخصصات العسكرية ولم يبق له سوى الرجوع إلى الوراء وفي هذه الفترات كانت الطائرات تحلق دون أن تميز جيش التحرير الوطني من العدو الذي بعث فيها اليقين لما رأت الجيش متراجعا ومتقهقرا ظنت أنه جيش التحرير فبدأت ترمى بقنابلها على الفارين من الموكة فقتلت الكثير ولم يتبين لها الأمر إلا بعد ساعات عندما اقتربت من الهضبة حيث صوب نحوها جيش التحرير الوطني نيرانه فأصابوها وبعد الإصابة اتجهت تاركة وراءها عمودا من الدخان يدل على إصابتها هذا ما أوحي للعدو أن القوات المتواجدة على الهضبات هي قوات جيش التحرير الوطني مما جعله يصوت طائراته ومدافعه نحو الجهات إضافة إلى آلياته وقد حدث هذه المواجهة الأولى التي سقط فيها الشهيد البطل سي أعمر مصابا بجروح بليغة بأن قوات المواجهة عرفت مصدر التوجيه وصوبت نحو القائد وابلا من الرصاص إلا أن اصابة القائد سي الشيخ فكان خير خلف لخير سلف في تنفيذ الوصايا والخطة الحربية المتفق عليها مما جعل المعركة تزداد ضراوة تحت صيحات القائد شيخ الشيخ طيلة النهار وهذا ما جعل العدو يستجد بالإمدادات البشرية والعتادية بعد أن إسترجع قواه التي فقدها عند بداية المعركة هكذاظلت المعركة متواصلة حتى عند غروب الشمس بدأ ينزل إلى المواقع الحية له بعد أن جعل الجهات الأربع فطلب أن يكون التقدم نحو باب البكوش فبدأت القوات تزحف مدججة بالدبابات والطائرات وتغطيته بالمدافع الميدانية من بعلاش، للو ،الدكان، الرمكة، بوقايد أثناء تقدم قوات العدو الفرنسي واجهت مقاومة شديدة من مختلف الفصائل المتواجدة والمتمركزة بالمنطقة منها فصيلة عبد الحق، المسيبلون، الإتصالات، الحراس مما صعب عليها اقتحام الهدف إلا بعد مرور ثلاثة أيام وهذا يرجع خاصة إلى ما تم ذكره تدخل حراس المستشفيات المتدربون وكل من كان يحمل سلاحا أما الخطة التي قلدت من ضحايا الكريمية هو أن الشهيد سي الشيخ طلب من أفراد الكتيبات الإنقسام إلى مثنى وثلاث تجنبا لإكتشاف العدو الذي فضل أن يعتمد على المجال الجوي حيث إتبع سياسة الأرض المحروقة فأدت إلى استشهاد كل من كانوا في المستشفيات من مرض وجرحى ولم ينج من همجية الإستعمار المدنيون، شيوخ، عجزة، أطفال، نساء، حيوانات...إلخ هذا ولقد لحقت خسائر العدو في هذه المعركة إلى موت 4 ضباط سامون و8 قتلى عن صفوف ضباط الصف أما عدد الجنود فهو 21 قتيلا هذا بالإضافة إلى أكثر من 400 جثة بالنسبة لغير المسجلين وهذا بسبب الإستعمالات المسجلة على العدو هذا إلى جانب المقيدين في السجل الرسمي للوفيات وهناك أعداد كثيرة غير محصية والباقي نقل إلى ولايتي تيارت والشلف أما عن شهداء جيش التحرير الوطني فقد وصل عدد شهداء الكتيبة الكريمية إلى 44 شهيدا وشهداء الفصائل الأخرى ب 120 شهيد والشهداء. المدنيين إلى أكثر من 350 شهيد ومن جهة أخرى فإن الخسائر المادية للعدو تمثلت في طائرتين تدمير آلية عسكرية ، إغتنام جيش التحرير أسلحة متنوعة وذخيرة معتبرة وجهاز لاسلكي من ساحة المعركة وعن خسائر المعركة بالنسبة لجيش التحرير الوطني فهي تدمير المستشفيات المكتشفة، سلب الأجهزة المتواجدة بها وإتلاف المؤونة، حرق الممتلكات الشعب وتدمير البيوت وإتلاف كل ما يرون فيه فائدة للثورة وعن إحصاء الشهداء ومجاهدي المنطقة من سنة 1956 إلى غاية 1962 فهو أكثر من 1700 شهيد منهم 1200 شهيد بمقبرة باب البكوش والباقي موزع على مقابر البلدية أما فيما يخص قائمة مراكز التعذيب والمحتشدات فهي الآخر محتشد المملوحة، القواسم، تاقرارة، تكرار، سيدي داود، القوربي، المسوس، الدكان، برجام، الجيرة، لرجام، أما عن المعتقلات فهي دكان لرجام، لساس لرجام، مركز التعذيب تاقراوة، سيدي داود...إلخ هذا وكما توجد كذلك مقبرة باب البكوش والنصب التذكاري يلربام وفي السياق ذاته توجد على مستوى بلدية بلرجام حوالي 60 مخبأ هذا إلى جانب وجود كهفين بها وهما كهف تازورت وتاڤرارة (رأس الكاف) بالمنطقة ذاتها أما بالنسبة للمستشفيات فهي الشرشار،واد البحر، بويلفان، عين يغنو، الكرارمة العناصر قرب الكرارمة، عين النحلجة، العرعار البكريمية، باب البكوش وفيما يتعلق بمراكز الإتصال فهي ( المرجة بقعة الجواهرة جنوبا، النخلة بقعة الجواهرة جنوبا ، بو صالح الكرارمة، باب البكوش، الحمام، الرميلة، بويلفان، سيدي أعمر، البيبان، العبايس، يسحق، سيدي عبد الرحمن، التاغسليذ، السحانين هذا ومن جانب أماكن القتل والدفن الجماعي فهي ( القوربي، بالقجيوان، العبايس، سوق الحر(مركز الرجام) ، قرعة سيدي الجيلالي) ونقاط المراقبة بها فهي (سيدي الطاهر، العتبي، القواسم، تاقرارة، المعامرية، سيدي داود تلاوة العين ) أما أماكن القيادات فهي (بويلفان، بوعياش، تحمامن، يسحق، السحانين، سيدي أعمر و العبايس،باب البكوش، حركوش ، النخلة، سيدي أمحمد الحاج) وما نستخلصه من هذه الأعمال الجبارة والتي تبقى راسخة في أذهاننا ويشهد لها التاريخ إنما هي أعمال عظيمة لقادة الأمم والشعوب، وهي حصانة ذاتية من كل ما من شأنه أن ينالها من ظروف الدهر وعاديات الزمن وأعظمه رجال لا يملكون العدة والعتاد الموازية للعدو ولكن يملكون روح العزة وحب الوطن .