يبدو أن جمهور وهران قد فقد الأمل في عودة الكوميديا الوهرانية إلى الشاشة وتربعها مجددا على عرش الكوميديا الجزائرية وذلك بعد الفصل الذريع الذي عرفته سلسلة »دار المكي« للمخرج زكرياء صاحب الكوميديا الشهيرة »المفتش الطاهر يسجل هدفا« لدرجة أن دائرة البرمجة بالتلفزيون الجزائري قد أوقفت بث الحلقات وعدلت في برنامجها الرمضاني نظرا للمستوى الهزيل الذي ظهرت به هذه السلسلة التي لم تضحك الجمهور بل ضحكت عليه وجعلت من نفسها مهزلة أمام المشاهدين الذين لم يحبذوا لا الفكرة ولا الآداء وفضلوا تغيير المحطة لمشاهدة برامج فكاهية أخرى. والأسوء من ذلك أن فرقة ثلاثي الأمجاد كانت هي بطلة هذه السلسلة الفكاهية من خلال مشاركة إثنين من أعضائها وهما »محمد جديد« المعروف بهواري وصديقه عبد القادر اللذان لم يستطيعا إضحاك الجمهور رغم محاولاتهم المتكررة في التنكيت وعباراتهم المضحكة وكذا مواقفهم التي بدت في قمة الملل، فظهر النص فارغا لا يضم أي أهداف معينة بل بالعكس يفتقد إلى السيناريو والحيكة والربط بين المشاهد التي من المفترض أن تمتع المشاهد وتفيده بحكمة معينة أو مقولة مأثورة، وكل هذه العوامل تسببت في فشل »دار المكي« التي أعطت إنطباعا سيئا عن الفكاهة بوهران. ومن جهتها فإن فرقة ثلاثي الأمجاد قد ذكرت في تصريح لها أنها تسعى جاهدة لتحسين سلسلة »دار المكي« من خلال تعديل بعض الحلقات وإشراك عدد من الوجوه الفكاهية الجزائرية المعروفة على غرار النجمة بختة بن ويس والممثل الفكاهي »حزيم« من فرقة ثلاثي »بلا حدود« على أن يتم برمجتها قريبا على شاشة التلفزيون بالإشتراك مع السيناريست »سليمان بوبكر« كاتب سيناريو مسلسل »البذرة« وقد حاول كل من هواري وعبد القادر الردّ على الإنتقادات التي وجهت للسلسة التي لم تعط لها فرصة لإظهار مستواها الفني والفكاهي، وهذا ما حفّز طاقم العمل لتعديل حلقاتها حتى تلقى تجاوبا من طرف المشاهدين وتحظى بفرصة ثانية. وتبقى التساؤلات مطروحة حول أسباب هذا الركود في الإنتاج الفكاهي لوهران التي كاد يُضرب بما المثل في الكوميديا والضحك وهذا مع دفع النقاد لمحاكمة كتاب السيناريو الذين لم ينجحوا بعد في شدّ انتباه المشاهد وإضحاكه في الوقت الذي تغلق فيها دور الإنتاج أبوابها رافضة هذا النوع من الأعمال الفنية لا سيما التلفزيون الجزائري الذي صار لا يهتم إلا بالأعمال المحلية للعاصمة الجزائرية متجاهلا البرامج الجهوية الأمر الذي سبب إستياء أبناء الغرب من هذا الإهمال الذي حال دون تطور البرامج الجهوية وإبراز الطاقات الفنية لنجوم الكوميديا عبر مختلف ولايات الغرب الجزائري. وأمام هذا الجفاء السينمائي والدرامي الفكاهي أضحى اليوم لزاما على كتاب السيناريوهات وكذا المخرجين بالباهية وهران أن يفكوا هذا اللغز المحيّر وأن يبعثوا بالفكاهة الوهرانية من الرماد لا سيما وأن وهران تزخر بفنانين موهوبين لهم من الإمكانيات ما يؤهلهم كي يعودوا إلى الساحة الكوميدية من بابها الواسع وأنه حان الوقت للفكاهيين القدامى الذين صنعوا أمجاد هذا النوع من الفن الهزلي أن يسهموا من جانبهم في تكوين هذا الجيل الجديد من الشباب الذي هو بحاجة لمن يؤطره ويمنحه الثقة التامة لإثراء الحركة الفكاهية بالمدينة، فالإمكانيات موجودة لا سيما البشرية منها ولا ينقص سوى التأطير الجيّد لهذه المواهب الفنية، والغريب في الأمر أن وهران التي كانت يضرب بها المثل في إنتاج مثل هذه البرامج والأعمال الفكاهية صارت اليوم في مؤخرة الركب، بل أن العديد من الفنانين والممثلين الوهرانيين أضحوا يصنعون أفراح العديد من المخرجين وكتاب السيناريوهات بمنطقة الوسط الجزائري بعد أن فقدوا الأمل في النجاح بمنطقتهم مفضلين التوجه نحو الجزائر العاصمة للتعامل مع آخرين عل وعسى يكسبون قوت يومهم ولا يفقدون الموهبة التي امتلكوها منذ بداية مشوارهم الفني وعليه، فإننا نلاحظ مشاركة وجوه فنية معروفة بوهران في جل المسلسلات والبرامج الكوميدية بالعاصمة وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على افتقار الفن الوهراني للمساعدة المادية والبشرية من قبل الجهات المختصة.