ينظم سكان أولاد سيدي الشيخ سنويا فعاليات الوعدة التي تحمل إسم وليهم الصالح والذي عاش الحقبة الممتدة من 940 ه /1533 م إلى 1025 ه /1616 م ولا تزال مجرياتها مستمرة على امتداد حوالي خمسة قرون وهو الأب الروحي المسمى بسيدي عبد القادر محمد الملقب بسيدي الشيخ الذي يقام له احتفالا كل سنة ..حيث يتذكر السكان من خلال هذه التظاهرة الثقافية المتميزة خصال الولي الصالح رغم المسافة الزمنية الممتدة بين جبلين ، إذ يقوم أهالي المنطقة بالتحضير لها بعد جمع المحاصيل الزراعية والفلاحية يتجمع الكثير من المواطنين لتنظيم هذه التظاهرة تخليدا للأولياء الصالحين الذين عاشوا منذ أمد بعيد و عرفوا بخصالهم الحميدة و إتباع المناهج الإسلامية الأصلية إذ تتوافد سنويا حشود هائلة من المواطنين من شتي جهات الوطن ومن الخارج الى ضريح الوالي الصالح سيدي الشيخ يجتمعون على عدة ولائم يشترك في تحضيرها قبائل المنطقة واعتادوا على إحيائها تقريبا منذ القرن17 حيث يقومون في هذا الركب بإطعام الزوار وعابري السبيل في جو من الكرم وتتخلل الموعد عدة أنشطة ثقافية منها الفرق الفلكلورية وألعاب الفروسية والسهرات الدينية وحفظ القرآن الكريم والمسرحيات والمحاضرات والندوات الفكرية والرياضية. ويحيي سكان الأبيض سيدي الشيخ هذه التظاهرة المميزة كمورث اجتماعي تعاقبت عليه الأجيال حيث يربط أهل هذه المناطق "الركب" بالولي الصالح. ولد سيدي عبد القادر بن محمد الملقب بسيدي الشيخ سنة940ه/1533م حسب المعلومات المقدمة من قبل شيخ الزاوية القرآنية السيد زوي محمد الطيب وترعرع في كنف أبيه سيدي محمد بن سليمان في نواحي مدينة الشلالة الظهرانية (البيض) والمدفون فيها حاليا تعلم القرآن الكريم و الفقه على يد الشيخه سيدي محمد بن عبد الرحمان صاحب الطريقة الشاذولية ..و مشايخ آخرين تسلسل ذكرهم في لمنظومة الصوفية المتداولة في كل الجهات المعروفة باسم "الياقوتة " و هي منظومة شعرية سميت بالياقوتة رفعة لما تسلسل فيها من أسماء الشيوخ الأجلاء حتى أصبح من كبار أعلام الجزائر منتهجا في ذلك نهج أجداده من سيدي أمعمر بالعالية المدفون بأربوات (البيض )و المؤسس للزاوية الأحمدية (أحمد .م.الرافعي ) بنفس المنطقة التي كانت تسمى قديما "تاربايا" و التي مازالت آثارها قائمة بالأخص الأضرحة لأبنائه و أحفاده و ذكر نفس المصدر المتحدث أنه سار على منهج سيدي بوسماحة المدفون بشروين الواقعة بتيميمون و سيدي سليمان صاحب زاوية بني ونيف ببشار فكان سيدي الشيخ هو الآخر مؤسس الزاوية الشيخية متنقلة عبر تراب الجهة إلى أن بدأ الإسبان تحرشاتهم على السواحل الغربية فكان يشارك في الحرب ضد الغزو الأسباني إلى أن استشهد متأثرا بجروحه سنة 1025ه/ 1616 م و منذ ذلك الحين أصبح الأبيض سيدي الشيخ يسمى نسبة له و يتوسط ضريحه القصور الأربعة و يعد حاليا قبلة للزائرين من المحبين و المريدين واستقرت زاويته و أصبحت مأوى لمريدي الطريقة الصوفية الشيخية من كل الجهات مما جعل المريدون يقيمون له حفلا دينيا سنويا يأتون إليه من كل الجزائر و بقيت هذه العادة مستمرة إلى يومنا حيث يعتبر سيدي عبد القادر بن محمد بن سليمان بن أبي سماحة (السماحات ) أبا روحيا و وليا لقبيلته المعروفة بأولاد سيدي الشيخ الذي يرجع نسبهم إلى أبي بكر الصديق... و الذي هاجر أبناؤه من مكةالمكرمة في عصر محمد السفاح و أخيه جعفر المنصور مرورا بمصر (الإسكندرية ( إلى ليبيا و تونس حيث استقر الإخوان سيدي محرز المعروف بتونس و أخوه سيدي أمعمر بالعالية بالجزائر في مكان يدعى أربوات(البيض) حيث أقام زاوية أولى و منه تسلسلت نسب البوبكرية كان سيدي الشيخ مجاهدا مقتفيا نهج جدهسيدي سليمان في محاربة الإسبان إلى أن توفي في ستيتن بولاية البيض وانطلق موكبه الجنائزي إلى مدينة الأبيض سيدي الشيخ حيث تأسس ما يسمى "ركب سيدي الشيخ" وأول انطلاقة لتظاهرة الركب تحييها قبيلة ستيتن بالبيض ومن عاداتهم التنقل على ظهور الحيوانات والمشي على الأقدام إجلالا لهذه العادة المقدمة وعند وصولهم إلى مدينة الأبيض سيدي الشيخ يستقبلون من قبل سكان المنطقة بحفاوة ويؤتون إلى هذا المكان من مختلف مناطق الوطن وحتى من البلدان كتونس والمغرب وفرنسا والمانيا.... ويجتمع الزوار أمام ضريح الوالي الصالح سيدي الشيخ و يتم إطعام الحضور كل أيام الركب بعد أن تنصب خيم كبيرة بمحاذاة الضريح ويجتمع شيوخ بها لتلاوة القران الكريم بأن يجود عليهم بغيث نافع ونزول الرحمة على عباده وكذلك توزع بعض الصدقات على المحتاجين، كما أعطت هذه العادة عدة مزايا منها إنعاش الاقتصاد بالمنطقة و التعريف بتاريخها العريق و خلق روابط اجتماعية متينة منها الزواج. ويحضرها المؤرخون والمختصون ، وللتذكير بأن ركب سيدي الشيخ يشرف على تنظيمه السكان والسلطات المحلية وفي هذا الإطار أكد لنا الدكتور والأستاذ الجامعي بن نعوم أحمد (أستاذ بأرقي جامعة فرنسية ) وهو باحث في علم الإنسان الأنثروبولوجية بأن الفيلم الوثائقي حول ركب سيدي الشيخ الذي انطلقت مجريات تصويره خلال جوان الماضي (2010) جاهز للعرض حيث يصنف ركب سيدي الشيخ في القائمة المتمثلة في التراث الثقافي لا مادي ومن جهة أخرى أشار الأستاذ بن نعوم بأن الفيلم لا يعرض إلا بعد قرار التصنيف من قبل اليونسكو حيث يشمل الفيلم المنجز عدة جوانب منها الجانب الروحي التصوفي التجديد العقد الاجتماعي مابين القبائل المجاورة . وعلى هذا الأساس أكد الدكتور بن نعوم بأن الفيلم قد أشرفت على إنجازه وزارة الثقافة والمركز الوطني للأبحاث في عصور ما قبل التاريخية وعلم الإنسان، وأضاف محدثنا بأن هناك فيلما أخر في نفس الإطار سينجز مدته 52 دقيقة حول ركب سيدي الشيخ أعلنت مصالح البلدية بالأبيض سيدي الشيخ بأن موعد الركب سينطلق في 29 جوان إلى الفاتح جويلية بتسخير وسائل وإمكانيات متطورة. وما أشار السيد الدكتور صديقي جلول نائب عميد مسجد باريس في اتصال مع الجمهورية من فرنسا بأنه نزل إلى سوق الكتاب مؤلف جديد ( كتاب ) أخر وهو الجزء الثاني عن سيرة البوبكرية سيدي الشيخ باللغة العربية والفرنسية للكاتب خليفة بن عمارة وترجمة بوداود عمير وتعود مقدمة الكتاب للدكتور صديقي جلول وهو مدير معهد الغزالي بمسجد باريس بفرنسا يشمل الكتاب تاريخ هجيوغرافية الجنوب الغربي الأعلى خلال القرن 16 م/ بداية القرن 17 .