نظمت مؤخرا بأعالي الداموس بولاية تيبازة وبالضبط بمنطقة زيوي"وعدة" الولي الصالح سيدي محمد والشيخ بحضور أزيد من 120 شخص وقد حضرت "المواطن" تفاصيل الوعدة النوية التي تقام في فصلي الخريف والربيع ونقلت بعض ما يمارس فيه الوعدة أو ما يسمى بلهجة المنطقة" أستشي" من طقوس بحكم العادات والتقاليد المتوارثة أبا عن جد إنطلقتنا في رحلتنا خلال الفترة المسائية وبالضبط على الساعة الثالثة زوالا كانت الطريق طويلة نحو مدينة الداموس بولاية تيبازة مررنا من مدن كثيرة كزرالدة ، بواسماعيل ، تيبازة، شرشال ، قواراية، وأخيرا وصلنا إلى مدينة الداموس التي تبعد بحوالي 150 كلم عن العاصمة الجزائر لم نشعر بالتعب لأن الطريق ورغم طولها إلا أنها ممتعة إذ تزين الأشجار حواف الطريق المطل على البحر من جهة الشمال والمحاذي للجبل من الجهة الجنوبية لم يكن الطقس على ما يرام رغم ذلك شعرنا بمتعة كبيرة ونحن نتجه نحو مدينة الداموس بعدما قطعنا شوطا كبيرا في الرحلة وصلنا إلى مدينة قوراية التي لا تبعد عن الداموس إلا بحوالي 20 كلم كانت الأمطار قد بدأت تتساقط كالرذاذ والشوارع تبدو خالية من الناس خرجنا من قوراية وفي طريقنا إلى الداموس مررنا بمنعر جات تبدو خطيرة إلا أن السائق طمأننا أنها ليست بالخطيرة لأن الطريق مؤمنة بشكل جيد ، على الساعة السابعة مساء وصلنا إلى ولاية الداموس كانت الحركة بها غير عادية إذ لاحظنا تيارات و مركبات النقل الجماعي تتجه نحو ضريح الوالي سيدي محمد الشيخ والموجود في أعلى الجبل المطل على مدينة الداموس بمنطقة تسمى بني زيوي والتي تبعد عن المدينة بحوالي 22 كلم في مدخل الداموس ومخرجه ووسطهر وضعت حواجز أمنية حتى لا تستغل بعض الجماعات الإرهابية الناشطة في المدينة فرصة تجمع الوافدين إلى الضريح من أجل الوعدة وتقوم بعمليات إجرامية ضد الأبرياء خا صة بعد الضربات الموجعة التي تلقتها تلك الجماعات مؤخرا من طرف قوات الجيش الوطني الشعبي وعناصر الدرك الوطني لعل من أبرزها القضاء على ثلاثة إرهابيين في منطقة وادي ملاح ""أستشي" إتجهنا إلى ضريح محمد والشيخ ورغم أن المسافة لم تكن بعيدة عن مدينة الداموس إذا ما قارنا ها بإرهاق شذيد لأن الطريق كانت مهترئة إلى درجة تحفها الأشجار من كل جانب لأنها وسط غابة كثيفة إستنشقنا من خلالها الهواء النقي والذي يحمل فيه نسماته رائحة أنواع من النباتات الغابية المختلفة بعد حوالي ساعة من الزمن وصلنا إلى ضريح سيدي محمد والشيخ وهناك وجدنا حشدا كبيرا من الوافدين من كل مكان وأغلبهم حسب ما أكده لنا دليلنا سيد مجيد وزان من مدينة الداموس والذي حضر الكثير من "الوعدات" أنهم من أحفاد الولي الصالح ومن نسله فعلى غرار القاطنين بمدينة الداموس وضواحيها كوادي حربيل ، الأرهاط، بواساكري، قوراية، بني حواء قدم بعض الوافدين من بوسماعيل، تيبازة فوكة وغيرها من المناطق البعيدة وذلك تبركا بالولي الصالح لأن معظم أهالي والوافدين يعتبروه الحضور إلى "الوعدة" من الأمور الضرورية خاصة الذين يدعون أنهم من أحفاد سيدي محمد والشيخ كانت الساعة ت ش ير إلى الثامنة والنصف ليلا حركة كثيفة حول ضريح الولي الصالح جمع من النسوة تحضرت الكسكسي في قصاع كبيرة مع أطراف كبيرة من لحم الماعز وهي عادة داب الأهالي عليها ألا وهي تضير الكسكسي بلحم الماعز في كل وعدة من وعدات الأولياء الصالحين حدثثنا عجوز في السبعين من عمرها أنها تعودت دائما الحضور إلى وعدة سيدي محمد والشيخ وأنها فرحة كثيرة الأن أحفاد الشيخ تمكنوا من تنظيمها هذه السنة بعد إنقطاع لسنوات عديدة بسبب الظروف الأمنية التي منعتهم من ذلك فالوعدة حسب محدثنا تدوم يويمين لذلك يجب على كل الوافدين المبيت في منطقة الضريح وهو ما كان يتعذر عليهم في سنوات ماضية عرفت بعشرية الدم كما أكدت لنا خالتي "صفية" أن الوعدة كانت في قديم الزمان تدوم لمدة أربعة أيام كاملة تم إختصرها الأهللي في يومين ففي اليوم الأول يتوافد أهالي المنطقة والمناطق المجاورة والزوار القادمون من مختلف المدن إلى الضريح أين تبدأ النسوة بتحضير الكسكسى لتوزيعه على كل الحاضرين خلال العشاء وفي اليوم الموالي تتواصل فعاليات الوعدة إلى غاية ما بعد الغداء أين يعود الحاضرون أدراجهم وتضيف محدثتنا أن النسوة يحضرن الكسكسى في محيط مقام الضريح تبركا وصدقة على روحه الطاهرة كما أفادنا السيد محمد وزان أنه بحكم أصول الأهللي يتمنوه إلى القبائل الأمازيغية فإن الوعدة التي تقام من أجل التصدق على روح الأولياء الصالحين بالمنطقة تسمى بلهجتهم"أ ستيشي" أو"النوال" بمعنى الوعدة السنوية التي تجمع أ حفاد الوالي وزواره ويتم من خلالها توزيع الكسكسي بلحم الماعز بعد أن إنتهى الحاضرون من تناول طعام العشاء جلس بعض المقربين والشيوخ الطاعين في السن أمام ضريح وأخدوا يتلوه أيات بينات من الذكر الحكيم والبقية يستمعوه إليهم في خشوع حيث ساد هدوء رهيب لم تقطعه إلا رائحة البخور المنبعثة من قبر الوالي الصالح الذي كان محاطا بشموع ومغطى بإيزار أخضر كتب عليه أيات وسور قرأنية بعد الثلاوة أخدت الجماعة في تهليل بعض الأناشيد الأمازيغية والتي تنظمه ثناء على الله تعالى ورسوله الكريم عليه أ ف ضل الصلاة والسلام بعد حوالي ساعة من الزمن إنتهى اليوم الأول من "الوعدة" على أ ن يتم إ ستكمال فعاليات في اليوم الموالي النوال والزيارة: في اليوم الثاني من وعدة الولي سيد محمد والشيخ إتجهنا إلى الضريح وكانت الطريق تبدو أقل صعوبة من المرة الأولى وبدت أكثر متعة وإثارة لأننا في رحلتنا السابقة إتجهنا إلى الضريح خلال الليل فلم نتمكن من إكتشاف المناظر الطبيعية الخلابة التي تميز غابة بني زيوي من أشجار كثيفة وهواء نقي وهناك لاحظنا الفرق الشاسع بين هواء المدينة الملوث بمختلف الملوثات وهواء الجبل العليل الذي يشعر من خلاله الإنسان وكأنه يتنفس لأول مرة في حياته بل وكأن الرئتين تنتعشان بعد إنسداد طويل لم يكن الطقس على ما يرام حيث كانت السماء ملبدة وعلى الساعة الحادية عشر والنصف أخد الرجال يضعون "جفوه" الكسكسي الواحدة تلوى الأخرى حيث تناول جميع الحضور طعام الغداء وقد لاحظنا أن معظم الذين حضروا إلى "نوال" سيدي محمد والشيخ من الكبار في السن سواء أكانوا رجالا أم نساءا ثم أخد "الوكيل" وهو الشخص الذي يهتم بضر يح الولي بجمع الزيارات من الحاضرين حيث أن كل واحد من الزوار يقدم مبلغا ماليا معنيا حسب قدرته المادية للوكيل وهي "الزيارة" التي من خلالها تتقبل الوعدة وقد أفادنا أحد الحضور أن الوعدة هي عبارة عن إعداد عشاء وغداء لفائدة زوار ضريح الولي الصالح لتحسب صدقة على روحه وتنظم " الوعدة" سنويا في موسم محدد ولكل ولي أحفاد ينظمون "وعدة" تحسب صدقة على روح جدهم الصالح حسب أعراف وتقاليد ورثوها أبا عن جد وإلى الأن فإن ال"وعدة" لا تتقاطع مع تعاليم ديننا الحنيف الذي أمرنا بالتصدق على روح الموتى من الأهل والأقارب إلا أن بعض الطقوس التي أبدعتها منظمو ومرتادوا هذه الوعدات جعلتها مثار شبهات وبدع ضالة قد تلغي الحجانب الإيجابي لمثل هذه الوعدات كالتصدق ، وقراءة القرأن على روح الولي الصالح ومن بين هذه الطقوس أن يقوم أحدهم بدفع الزيارة حتى يدعو له "الوكيل" بما يريده من الله تعالى عن طريق مخاطبة الولي الصالح الذي يكون من الله تعالى عن طريق مخاطبة الولي الصالح الذي يكون حسب إعتقادهم واسطة بين الشخص وربه وعندما تتحقق تلك الدعوة يقوم صاحب الأمنية بتحقيق وعد كان قد قطعه للولي الصالح وهو بمثابة النذر بأن يذبح خرو فا عند ضريح الولي الصالح يشارك به في إعداد طعام الوعدة وفي هذا الصدد إلتقينا بالسيد"محمد" الذي رفض الإفصاح عن إسمه الكامل وأخبرنا أنه لم ينجب أولادا منذ ست سنوات فاتجه إلى ضريح الولي الصالح ودعاه باسمه أن يطلب من الله تعالى ليرزقه بالذرية وبعد أقل من سنة حملت زوجته وأنجبت له ولي العهد وكان قد نذر للولي بأن يذبح له خروفا في وعودته إذا تحققت أمنيته وفعلا حضر إلى"الوعدة" ومعه الخروف وذبحه أمام ضريح الولي وساهم به في إعداد الطعام وبالمثل يفعل كل الذين لديهم مشاكل صحية ونفسية واجتماعية حيث لكل وال بركاته في إشفاء الناس من مرض معين على غرار الأمراض الأخرى حسب معتقدات الأهالي فعلى سبيل المثال لا الحصر بتخصيص سيدي إبراهيم العربي بمدينة قوارية في الشفاء من الأمراض العصبية والنفسية والعقم و،من بين الطقوس التي تمارس عند أضرحة الأولياء الصالحين إشعال المحاذية للأضرحة ولعل أكبر البدع التي تمارس بفعل العادات والتقاليد أن يتحول الوالي إلى واسطة بين الشخص الذي يعاني من أمر معين وبين الله تعالى بالإضافة إلى الذبح عند قبر الولي الصالح وهو ما نهانا عنه ديننا الحنيف لما لها من تشابه مع طقوس كان يمارسها الجاهليون قبل ظهور الإسلام غداء تحد الخيام: في اليوم الثاني لنوال سيدي محمد والشيخ لم يكن الطقس جميلا أدى إلى إظطراب في نظام الوعدة حيث إضطر الكثير من الحضور إلى تناول الغداء تحت الخيام التي لم تستطع صد الرياح وقد أكد لنا السيد مجيد وزان خلال السنوات خلت كانت النسوة تعدن حوالي 120 "جفنة" من الكسكسي إلا أنه والظروف أمنية كان عدد الجفون المعدة هذه السنة لا تتجاوز 40"جفنة" بالإضافة إلى عوامل أخرى من بينها رداءة الطقس وقد لاحظنا أن بعض النسوة تشتغلن هذه الوعدة لتقمن بيع بعض المنتوجات التقليدية التي يقتنيها الزوار والحاضرون للذكرى بالإضافة إلى الحناء الجاوي البخور، السلاسل وبعض الأمور التزيينية التي تعتمد ها النساء حتى تشكل سوق صغير أمام ضريح الولي الصالح سيدي محمد والشيخ : حدثنا السيد مختار مجحود من نسل الولي الصالح عن نسبه فهو محمد بن عبد القادر المدعو سيدي الشيخ المولود سنة1500م بالسعودية يعود أصل نسبه إلى أبو بكر الصديق رضي الله عنه تفقه في الدين إلى أن صار فقيها متضلعا في العلوم الشرعية.