ماتزال ليالي سيدي بلعباس صادحة بأنغام أغنية الراي ، أين حجّت جماهير غفيرة الى مدرّجات ملعب الإخوة الثلاثة عميروش للاستمتاع بسهرة رايوية ، أثرى برنامجها في اللّيلة الثالثة نجوم فنية اهتزّت الجماهير على إيقاعاتها ، بخاصّة وأنّ الليلة الثالثة تزامنت واحتفاليات عيدي الاستقلال والشباب . عاصمة المكرّة في سهرتها الثالثة من العرس الثقافي للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الراي ، وبتنشيط الثنائي " جلول جدّي " و" ريزان" ، مع أركسترا " أمين دحّان" اشتعلت مدرّجات الملعب على إيقاعات ووصلات فرقة راينا راي مع لطفي عطّار ، هذا الأخير الذي لفت الأنظار بفعل اتقانه العزف على آلة القيتار الالكتروني التي ألهبت المدرّجات مرفوقا بالمتألق " دحمان " العازف على آلة السّاكسفون. لطفي عطّار تواصل مع عشّاق أغنية الراي مباشرة على البساط صانعا لوحات فنية مميّزة ليعود الى تراث بلعباس من الأغاني التي صنعت نجومية الفرقة ووضعتها على سكّة العالمية ، أين صرّح على مرأى الجموع الغفيرة أنّ المرحوم " الجيلالي عمارنة" أخ وصديق ، وفنان متميّز صنع الفارق وهو ابن عاصمة المكرّة وسيظل حيّا في قلوب عشّاقه لطفي عطّار كما عوّدنا تغنّى بسيدي بلعباس ، وأعمدتها مردّدا " يا زغيدة ديري لتاي" التي أسهمت في القفزة النوعية للفرقة في سنوات مضت ، ليوقّع لمسته الفنية مع جمهور المكرّة الذي كان ذوّاقا ومتجاوبا . في حقل المسابقة الفنية برمج في السّهرة الثالثة شابين من مسابقة المواهب الشابة ليعتلي المنصّة على مرأى لجنة التّحكيم الشاب المتألق " بلعسري محمّد مهدي " المعروف بالشاب ميمو العبّاسي ، هذا الأخير الذي كانت له فرصة الاحتكاك بجمهور سيدي بلعباس في مناسبة وطنية في حجم المهرجان الثقافي الوطني لأغنية الراي ، الشاب " ميمو" مهتمّ بالتراث الأصيل المرتبط بالقصبة والقلال ، غنّى بأسلوب الشيوخ ولفت انتباه الجمهور الذي ظلّ متجاوبا مع كلّ وصلاته ، المميّز فيه خفّته على المنصّة وإتقانه التواصل مع جمهور ذوّاق يرفض الرديء . الشاب " ميمو العباسي" صرّح لنا أنّ اهتمامه بهذا الحقل الفنّي لم يأت من العدم وإنما عن قناعة ، مقدّما تشكّراته لمديرية الثقافة وعلى رأسها السيد المدير ومحافظ مهرجان أغنية الراي الذي منح الشباب فرصة الكشف عن موهبتهم في مجال الفنّ ، مركّزا على أنّ الاهتمام بالفنّ البدوي أمر حاصل بهدف الحفاظ على أصالة التراث الجزائري ، متمنيّا النّجاح لباقي الزملاء في المسابقة آملا أن يبتسم له الحظ في السّهرة الختامية ليغنّي الى جانب أمير أغنية الراي الشاب " مامي" . الشابة " فايزة" من جهتها صنعت الفارق وغنّت لشباب وعائلات سيدي بلعباس في الدّورة الرابعة للمهرجان ، مردّدة أغاني شبابية تواصلت من خلالها مع الجمهور ، وحين دقّت الساعة صفر وقف الحضور من فنانين وجماهير لترديد النّشيد الوطني احتفاء بذكرى عيدي الاستقلال والشباب ، لتأكيد حرية الجزائر وتواصل أعراسها مع تسجيل نقطة كاملة للجمهور الذي هتف بحياة الجزائر بلدا وأمّة . تواصلت السّهرة مع العديد من النّجوم منهم الشيخ المازوزي ، الشاب ناني، وميلود مارساي هذا الأخير الذي صرّح لنا أنّ جمهور سيدي بلعباس يعدّ أحسن جمهور على المستوى الوطني وهذا عن تجربة بحكم معرفته به ، ومواكبته للطبعات الأربع للمهرجان باعتباره جمهورا مضيافا ، حماسيّا وذوّاقا . في رصيد الشاب ميلود مارساي 25 ألبوما ، كان أوّل ألبوم له سنة 1982 ، وآخر ألبوم صدر له مؤخرا مكوّن من 8 أغنيات ، وعنوانه " فايس بوك" الألبوم الذي صنع الفارق وحقّق مبيعات عالية ومع ذلك ركّز على هذا العنوان باعتبار " الفايس بوك" موضة العصر وصنع العديد من الأحداث في مقدّمتها إثارة الفتن بين الشعوب . وقد صرّح لنا ذات الفنان أن القرصنة مسّت كلّ فنّان وهذا لعدم وجود قانون يحمي الفنّان ، فحقوق الفنان ليست مضمونة ولا محفوظة ، وهو كفنان فكّر جديّا في تأسيس جمعية لحماية حقوق الفنان ، مؤكّدا على ضرورة أن يسانده كلّ فرد من العائلة الفنية لوضع حدّ لمثل هته التجاوزات . ثاني شاب في مسابقة المواهب الشابة كان " حمياني محمّد" الذي اعتلى المنصة وكلّه ثقة بالنّفس ، هو الآخر أحسن لغة التواصل مع الجمهور الذي تجاوب معه وشجّعه ، الشيخة أو الحاجة الزهوانية اهتزّت المدرّجات على أنغامها ، هي التي شاركت في أكثر من طبعة للمهرجان ، وعلاقتها بجمهور سيدي بلعباس علاقة فنية وطيدة ، الجمهور الذي ردّد جلّ أغانيها هاتفا باسمها تواصلت معه بوصلاتها الغنائية كالعادة ونزلت المنصّة لتحيّيه تحية تقدير وحب ، ضاربة معه موعدا في الطبعات اللاّحقة . لتتواصل السّهرة مع كادار الوهراني ، وليكون ختامها مع الشاب " حسني الصّغير" الذي تجاوب معه الجمهور ، راقصا على وصلاته الغنائية الشبابية الى ساعة متأخرة من اللّيل ، الشاب " حسني الصّغير" صرّح لنا أنّه اختار الفن في أوج شبابه وهو في ربيعه التاسع عشر ، كما أعرب عن الشرف الكبير وسيدي بلعباس تحتضن الدّورة الرابعة للمهرجان المكرّمة لروح المرحوم " الجيلالي عمارنة" وعلى ذكر المرحوم أعرب عن مدى أسفه مؤكّدا ضرورة الاهتمام بالفنان وحقوقه الاجتماعية وهو على قيد الحياة لمنحه الثقة وتعزيز ثقته بنفسه ، وما آلت إليه وضعية " الجيلالي عمارنة" لابدّ أن تتّخذ درسا لتفادي الوقوع في نفس الخطأ . آخر ألبوماته صدر منذ أسبوع بعنوان " ما تزوجتي ، ما ولّيتي معايا" الذي حقّق نجاحا منذ نزوله السوق ، مشيرا في وجهة أخرى الى ضرورة الاهتمام بالفنّان ومنح الفرصة للشباب الموهوب المحافظ على أصالة الكلمة ونظافتها ، لتبقى أغنية الراي تراثا وطنيا غنيّا . وعليه ، فان سهرات المهرجان الثقافي الوطني لأغنية تتواصل فعالياتها للكشف عن الجديد والمفاجآت بها ، مع تسجيل نقطة إضافية للجمهور الذي يعدّ الرّقم واحد في تنشيط السّهرات والتجاوب مع فناني الدّورة الرابعة ومع ذلك لابدّ من توافر ثقافة حسن الاحتفال وإطلاق العنان .