كشف المخرج صالح بوفلاح أن فيلمه الوثائقي “تادلس…مدينة الالفيات” الذي سعى في إنجازه منذ ستة سنوات، أربعة منها خصها للبحث الأكاديمي وسنتين في التصوير، سيتم تقديم عرضه الأول في 5 جويلية المقبل بمناسبة الاحتفالات الخاصة بعيد الاستقلال وعيد الشباب، بقاعة سينماتيك العاصمة. يعالج فيلم الذي كان مقرر عرضه شهر مارس المنصرم قصة "رسوكوروس "بالفينيقية أو "تدلس" بالأمازيغية من خلال استحضار الماضي التاريخي لمدينة دلس إنطلاقا من التسمية الفينيقية إلى العهد الروماني والفترة الإسلامية وإلى المرحلة العثمانية، ثم إلى مرحلة الاستعمار الفرنسي. ويعتمد كاتب السيناريو في سرد هذه الحقب الحضارية والتاريخية للمدينة العتيقة بالمصادر والمراجع التاريخية من خلال "الرحالة" الذين مروا على المدينة والكتاب والمؤرخين الذين كتبوا عنها كما يعتمد السيناريو على المخططات والخرائط والحوار مع أساتذة وباحثين أخصائيين في المجال. كما يعدّ هذا العمل الوثائقي – يضيف بوفلاح، بمثابة رحلة عبر الزمن الزاخر والمتنوع لهذه المدينة القديمة حيث تنطلق من العهد الجيولوجي الأول إلى ظهور الإنسان والحضارة بالمنطقة وإلى الصراع على المدينة بين الحضارات وكذلك عبر الموروث الثقافي والحضاري لسكان المدينة والتراث المادي للقصبة. ويقول المخرج أنه يسعى من خلال هذا العمل إلى فتح نقاش علمي وتاريخي بين مؤرخين ومهندسين وأخصائيين، حيث يتوخى من ذلك تسليط الضوء على هذه المدينة الأمازيغية – الإسلامية التي تصارع الإنسان والزمن من أجل البقاء، موضحا أنه اعتمد في سرد مشاهد الوقائع التاريخية لهذا العمل التأريخي، الأول من نوعه حول مدينة تادلس والذي سخّر لإنجازه أحدث تقنيات التصوير والإخراج، إلى جانب شهادات العشرات من المؤرخين والمهندسين المعماريين ومكاتب دراسات، إعادة التمثيل والتجسيد الميداني للوقائع بإشراك 70 ممثلا. وتمّ اعتماد في تصوير مشاهد هذا العمل التي أخذت على مستوى مدينة دلس وبكل من فضاء "قصر الرايس" بالجزائر العاصمة وولايتي بجاية وتلمسان حسب المخرج بتقنية ثلاثية الأبعاد ، و”الدرون" في تصوير المشاهد العلوية وفي التجوال عبر الأزقة الضيقة لقصبة دلس العتيقة. ويعدّ هذا العمل الفني الذي نال دعم جزئي من وزارة الثقافة ووعد بالمساهمة المالية من المجلس الشعبي لولاية بومرداس وجمعية "دلفين" لمدينة دلس حسب تصريح السيد بوفلاح، بمثابة فرصة للعديد من الشباب الباحثين في هذا المجال للاستفادة منه والتوسّع فيه من خلال أعمال أخرى لأنه لا يسلط الضوء إلا على جانب صغير من تاريخ الجزائر العميق وكذلك بمثابة فرصة يستفيد منها المهتمين بمجال التأريخ السينمائي.