بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى خلف القضبان ويكتبون لاهتمامي بأدب السجون؛ نشرت على صفحتي يوم 30 تموز 2019 تغريدة عنونتُها “لكلّ أسير كتاب”. بادرتُ بمشروع إيصال إصدارات كتّابنا لأسرانا القابعين خلف القضبان، وصارت تغريدة أسبوعيّة كلّ صباح خميس، ومن خلالها اخترقت عشرات الكتب جدران السجن لتصل أسرانا. تواصل معي الكثير من القرّاء والكتّاب من شتّى أرجاء الوطن العربي وأبدوا رغبتهم بالتعرّف على أدب السجون الفلسطيني، تواصلتُ مع أسرانا وأسعدهم الاهتمام بكتاباتهم ورحبّوا بالفكرة. كتب الأسير حسام زهدي شاهين في رسالة له من خلف القضبان: “الأدب هو المظلة الثقافية الحامية للشعوب من نيران الاستعمار والاعتداءات الخارجية، والنابذة لبرودة التفكك الاجتماعي، وضياع الهوية على المستوى الوطني، وهو الحامل الوفي والمخلص لرسائل الشعوب فيما بين بعضها البعض، فالويل الويل لشعب لا يصنع أدبًا ولا ينتج ثقافةً. الأدب بأشكاله المتنوعة، الرواية، والقصة، والشعر وغيرها من الأجناس الأدبية، هو الشعلة الروحية للثورة، والمعول الفكري للتغير، بنفس القدر الذي يمثل فيه حميمية الحب، وهدوء البوح في مكب العاصفة.” وها هي رواية “خسوف بدر الدين” للأسير باسم خندقجي في طريقها من خلف القضبان إلى الأردن ولبنان والجزائر وتونس. من الجدير بالذكر أنّنا ناقشنا الرواية يوم 27 تشرين ثاني الفائت في منتدى الكتاب الحيفاوي؛ وجدت باسم حداثيًا قد خرج عن المألوف في رواية أدب السجون، ورغم سوداويّة الحياة نحن محكومون بالأمل، والأمل مزروع في كلّ طيّات الرواية رغم نهايتها المأساويّة، فقد مات بدر الدّين، دفاعًا عن مفاهيم تبعث الأمل في النّفوس، ودفاعًا عن العدل، دفاعًا عن المساواة، دفاعًا عن الإنسانيّة بكلّ معانيها.