/b بعد نفاد الطبعات الأولى مسك الكفاية ، ثبت مجدداً أن أدب السجون أقوى من مؤبدات ثلاث! أصدرت الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت مؤخراً، الطبعة الثانية من "مسك الكفاية"، أو" سيرة سيّدة الظلال الحرّة "، للكاتب الفلسطيني النابلسي، باسم خندقجي، الأسير في سجون الإحتلال الإسرائيلي، والمحكوم عليه منذ العام 2004 بالسجن المؤبد ثلاث مرات، بعد نفاذ طبعتها الأولى من المكتبات، وتصدرها لائحة الأكثر مبيعاً على مستوى المنطقة العربية. قدم الرواية الكاتب والناقد محمود شقير الحائز على جائزة القدس عاصمة الثقافة العربية اعتبر فيها مسك الكفاية: "... تجربة روائية لافتة للإنتباه، تشير إلى عصر سبق لنا أن قرأنا عنه في كتب التاريخ، لكننا هنا أمام عالم مشخص من طموحات البشر ومن مكائدهم ودفاعهم عن ذواتهم، ولو جاء ذلك على حساب آخرين لا ذنب لهم ولا جريرة. وقد سجد باسم خندقجي ذلك كله بسرد ممتع جميل، وبلغة فيها من الشاعرية مايكفي، وبإقتباسات من الشعر والنثر العربيين ومن سرديات التاريخ، وبحوارات متقنة قادرة على كشف لواعج النفوس ومكنوناتها . وتتطرق الرواية – التي هي الأولى في ذلك الشأن- إلى فصل زمني في غاية الأهمية من تاريخ العرب والإسلام في العصر العباسي، وتحديداً في العصر الذهبي الزاهر الذي يمثله أبو جعفر المنصور والمهدي وهارون الرشيد. ولاتزال الرواية تثير الإهتمام بشكل لافت، ويرجع نجاح الرواية في الأساس إلى موضوعها وأسلوبها، فكان تناولها للحديث عن رحلة السبي التي تعرضت لها "المقاء بنت عطاء بن سبأ" التي يصبح اسمها (الخيزران) بعد دخولها قصر المهدي، ابن الخليفة أبي جعفر المنصور، وليصبح أبناؤها من المهدي بعد فترة قادة الدولة وخلفائها، ولتصبح هي أم موسى الهادي وهارون الرشيد، عملاً صادماً في مدة لا تتجاوز الأربعة أشهر لإنجاب هذا السرد العظيم الذي كشف عن تقنيات فنية عالية المستوى أفاد مؤلفها من التاريخ وعرف كيف يوظفه توظيفاً فنياً في الرواية، لا بل عرف كيف يحافظ على التوازن المطلوب بين المادة التاريخية وإعادة تصنيعها روائيا، وكل ذلك يأتي في إحالة واضحة إلى مأثور السرد العربي سواء في الشكل أو المضمون، وبهذا المعنى فقد أضاف باسم خندقجي إلى المكتبة الروائية العربية تحفة أدبية تستحق اهتمام الناقد والمؤرخ والقارئ على السواء. وحظيت "مسك الكفاية" التي صدرت طبعتها الأولى عن الدار العربية للعلوم ناشرون في بيروت 2014، بالعديد من المثقفين على النطاق العربي، حيث تعد مسألة إعادة كتابة التاريخ مجازفة كبيرة، وإعادة إنتاجه روائياً مجازفة أكبر، كما تعد إعادة تحميل الرواية أبعاداً أيديولوجية أو رمزية أو واقعية مجازفة كبرى، لذلك فإن الروايات التاريخية وتعدد مصادرها واختلاف بنيتها الدلالية والنصية تحيل النص الروائي الجديد المعتمد على التاريخ إلى إشكالية ذات جدليات فكرية ومذهبية قد تصل إلى العقائدية أحياناً، كما يجري تقديم رواية مسك الكفاية لجائزة الشارقة للإبداع العربي خلال العام الحالي 2015.