أكد المحلل السياسي اللبناني، توفيق شومان أن لبنان حاليا "يفتقد لبرنامج واضح" لإنقاذ اقتصاده المنهار قائلا أن "لا حل في الأفق حاليا غير الاقتراض" من صندوق النقد الدولي والذي يبقى غير مضمون مسبقا. وقال المحلل في حوار لوكالة الأنباء الجزائرية: "إن الحكومة اللبنانية الحالية لا تملك رؤية واحدة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي، و لا تملك في الوقت نفسه برنامجا واضحا لإنقاذ الاقتصاد" وأضاف شومان في ما يتعلق بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ومدى استعداد لبنان للذهاب الى اصلاحات عميقة، كما تطالب به هذه المؤسسة المالية الدولية: "نكبة بيروت، ستكون اختبار حقيقي للحكومة، فإما أن تكون هذه النكبة فرصة للإصلاح، بالتحلي بالجرأة المطلوبة، و المضي لإصلاح جذري، و إما ان تضيع فرصة الاصلاح ومعها فرصة انقاذ لبنان". وعن سؤال حول رد الشارع على السياسات التي قد يفرضها الصندوق الدولي على لبنان مقابل تمويل برنامج انقاذ اقتصادي رد السيد شومان " أن المخاوف موجودة". " لاشك، هناك مخاوف من شروط صندوق النقد الدولي، لكن هذه الشروط لم نتعرف عليها لحد الساعة، فالمفاوضات الحقيقية بين لبنان و ممثلي صندوق النقد الدولي لم تتطرق بعد الى البنود التفصيلية، بالرغم من أن 17 جلسة حوار جرت بين الطرفين". وأوضح المحلل أن مفاوضات لبنان مع الصندوق "كانت استكشافية و استطلاعية لا غير، مع الالحاح خلالها على طلب واحد، بان يعجل الطرف اللبناني المفاوض على توحيد ارقام الخسائر المالية الناجمة عن انهيار الاقتصاد اللبناني". وفي حديثه عن التضامن الدولي مع بلاده، ذكر السيد شومان، " أن غالبية الدول و الحكومات في الشرق و الغرب ابدت استعدادها لمساعدة لبنان، بل اكثر من ذلك لتسهيل عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي، لكن الامر مرتبط بإعادة هيكلة الإدارات العامة، و مباشرة إصلاح عميق و شامل". وأردف أن "بعض الدول مازالت تربط مساعدة لبنان بإصلاح هيكلي يبدأ بالقطاعات و المرافق الحيوية مثل قطاع الكهرباء و ينتهي بالمؤسسات الرسمية". وتأسف شومان، على "الانهيار التاريخي غير المسبوق لليرة اللبنانية، بعد أن كادت ان تتحول قبل 1975 الى عملة اقليمية، لكن شيئا فشيئا بدأت تفقد بريقها حتى حدوث الانهيار العظيم في صيف العام الماضي"، مشيرا الى انه، " لا حل يبدو في الافق حاليا غير الاقتراض، و ليس لدينا معلومات ان كانت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ستنتهي بإقراض لبنان أم لا؟، لذا لا يبدو ان الانهيار المالي في لبنان تتوقف عجلته قريبا". ويرى الخبير، أن " أولى عمليات الإنعاش يجب أن تكون في إصلاح قطاع الكهرباء، الذي يكلف الدولة اللبنانية عجزا ماليا سنويا يقترب من 2 مليار دولار، و اذ ما تمت اضافة عوامل التهرب الضريبي، و سوء الجباية، و التوظيف العشوائي و ممارسة الفساد السياسي و الحزبي نكون امام خماسية عملية ليس لانعاش الاقتصاد فقط بل لإنقاذه. وإلى جانب ذلك فان "الاهتمام بقطاعي الزراعة، و الصناعة و تعزيز قطاع الخدمات السياحية من شانه ان يشكل مدخلا عمليا و فعليا لخروج لبنان من نكباته و كوارثه" حسب المحلل. وفي ما يخص تقديرات الخسائر الاقتصادية المباشرة للاقتصاد اللبناني، جراء الانفجار الذي هز مرفأ بيروت، الثلاثاء الماضي،قال السيد شومان أنها لا "تقل عن 5 مليار دولار، فيما يقدرها البعض بالضعف، اذ ما تم الاخذ بعين الاعتبار توقف الميناء عن العمل، والدمار الهائل الذي اصاب المباني، و تشرد 300 الف فرد " ما يفاقم حسبه من المحنة الاقتصادية التي يمر بها لبنان. وأوضح شومان، "أن مرفأ بيروت يشكل الرئة الحيوية، و التجارية الأولى في لبنان، إذ أن 80 في المائة من حجم التجارة في لبنان تمر عبر هذا المرفأ، و استحضار هذه النسبة يبين حجم الكارثة، التي ضربت الاقتصاد اللبناني.