خنشلة.. تفعيل نشاط جهاز اليقظة ومراقبة الجراد الصحراوي    تقرير رسمي يكشف: إصابة 16 ألف جندي إسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023    سوريا : شهداء وجرحى وحركة نزوح واسعة إثر قصف إسرائيلي    قالمة..تكريم 6 فتيات حافظات للقرآن الكريم بعمرة للبقاع المقدسة    جديد في مسابقة توظيف الطلبة القضاة    تكوين الصحفيين حول منظومة الاستثمار    تعزيز التكامل بين التعليم العالي والتكوين المهني    المعتمرون ملزمون بالإجراءات التنظيمية    رئيس الجمهورية يستقبل الرئيس الأسبق التنزاني    الفاف تدعو العاملين في مجال كرة القدم الى ضرورة المساهمة في القضاء على الشغب بالملاعب    البيض: جثمان المجاهد الطاهر بقدور يوارى الثرى بمقبرة سيدي أحمد    اجتماع ورقلة سيبحث وضع خطة محكمة لمكافحة الجراد    حيداوي يستقبل مديرة مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز بالجزائر    برايك يتباحث مع السفير السعودي حول سبل تكثيف الجهود المشتركة خدمة للحجاج والمعتمرين الجزائريين    الكشافة الإسلامية الجزائرية توقع اتفاقية شراكة مع "الفاو" لتكوين القادة حول الثروة الغابية والمياه    نحو مراجعة سقف تمويل إنشاء مؤسسات مصغرة مع وكالتي "ناسدا" و "أنجام"    كرة القدم: رئيس الاتحادية يدعو جميع الفاعلين للانخراط في مشروع تطوير كرة القدم الوطنية    البرلمان العربي: جرائم الاحتلال الصهيوني "أكبر تهديد" للمواثيق المعنية بحقوق الإنسان    المجتمع المدني الجزائري يدين الحملة العدائية لليمين المتطرف الفرنسي ضد الجزائر    طاقة: سوناطراك وسونلغاز تبحثان فرص التعاون والاستثمار في اديس أبابا    وزير الصحة يناقش توسيع آفاق التعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 50144 شهيدا و 113704 اصابة    مؤسسة بريد الجزائر تصدر طوابع بريدية تحتفي بالزي النسوي الاحتفالي للشرق الجزائري الكبير    القرار يعكس التزام رئيس الجمهورية بوعوده تجاه الأسرة التربوية "    سنّ قانون تجريم الاستعمار سيرسل رسالة واضحة إلى فرنسا والعالم "    الجزائر تسجل "انخفاضا كبيرا" في عدد حالات الإصابة بهذا الداء    شكلت نموذجا يحتذى به على المستويين الإقليمي والدولي    جيلالي تشيد بعمل السلطات المركزية والمحلية    فوزوا يا رجال.. لنقترب من المونديال    أستروويد تبدي استعدادها لتجسيد مشروع بالجزائر    غزة تُباد..    قدرات تخزين الحبوب سترتفع    مرّاد: المشاريع هدفها خدمة المواطن    سِجال بين عدل ووالي وهران    متجاهلا كل القوانين الدولية والإنسانية: سكان غزة يواجهون التجويع والتعطيش والإبادة البطيئة    نظام معلوماتي جديد لتحسين الخدمات    الوادي : تكريم 450 فائزا في مسابقة "براعم الذكر الحكيم"    بحضور وزير المجاهدين وذوي الحقوق.. بلال بوطبة يتوج بالجائزة الوطنية الشهيد مصطفى بن بولعيد للفن التشكيلي    احتقان في المغرب بين محاكمات الأساتذة وغضب النّقابات    منارة علمية ضاربة في عمق التاريخ    "متجر السعادة".. مشروع خيري لإسعاد ألفي طفل    وفرة كبيرة في "الجلبانة" والفراولة والدلاع والبطيخ الأصفر هذا الموسم    كوميديا سوداء تعكس واقع الشباب والمسؤولية    دورة العنقى تتوِّج فرسانها    تجارب الحياة وابتسامة لا يقهرها المرض    اللعب في كأس العالم الحلم الأكبر    مباراة اليوم هي الأهم في تاريخنا    البرتغال تغتال حلم الدنمارك بخماسية درامية    قرار التاس .. انتصار لمواقف الجزائر    بللو: السينما الجزائرية تعرف ديناميكية    هؤلاء حرّم الله أجسادهم على النار    الخضر يستعدّون لمواجهة الموزمبيق    تنظيم موسم حج 2025:المعتمرون مدعوون للالتزام بالإجراءات التنظيمية التي أقرتها السلطات السعودية    حج 2025: المعتمرون مدعوون للالتزام بالإجراءات التنظيمية التي أقرتها السلطات السعودية    الميل القلبي إلى المعصية… حكمه… وعلاجه    غياب آلية الرقابة يشجّع المخزن على التمادي في انتهاكاته    ماذا قال ابن باديس عن ليلة القدر؟    مدرسة الصيام الربانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العين الإخبارية: بعد "فيتو الاعتذار".. ما مستقبل العلاقات الجزائرية الفرنسية؟
نشر في الحياة العربية يوم 22 - 01 - 2021

أثار الموقف الفرنسي الرسمي "الرافض للاعتذار" عن جرائم احتلالها للجزائر طوال 132 سنة كاملة، استياء شعبياً في الجزائر، وسط صمت رسمي من السلطات هناك.
ولم تعلق الحكومة الجزائرية على موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء، الذي أبدى فيه رفضاً لتقديم بلاده اعتذارا للجزائر عن ماضيها الاستعماري.
وانقسمت ردود أفعال خبراء وباحثين جزائريين في تصريحات متفرقة ل"العين الإخبارية" إزاء الموقف الفرنسي بين "المتوقع له" و"المصدوم منه"، لكنهم اتفقوا على تحميل الجانب الجزائري مسؤولية ما وصفوه ب"جرأة الطرح الفرنسي في التحايل" مقابل "غياب إرادة سياسية حقيقية لدى السلطة" باتجاه الضغط على باريس للاعتذار عن جرائمها، وفق تعبيرهم.
كما ربطوا خطوة "الإليزيه" ب"الحسابات الانتخابية الداخلية"، رغم إقرار مراقبين ب"مبالغة الجانب الجزائري في التفاؤل" بقدرة أول رئيس فرنسي من جيل الاستقلال الجزائري على إحداث اختراق كبير في ملف تسوية ملف الذاكرة المعقد بين البلدين.
..اعتراف خالٍ من الاعتذار
والأربعاء، كشف قصر الرئاسة الفرنسية "الإليزيه" عن مضمون التقرير الذي قدمه الباحث والمؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا للرئيس إيمانويل ماكرون حول "ملف الذاكرة العالقة" مع الجزائر.
وأعلن مكتب "الإليزيه" بأن ماكرون "لا ينوي تقديم الاعتذار" عن الماضي الاستعماري لبلاده في الجزائر من 1830 إلى 1962، والذي خلف نحو 12 مليون شهيد بحسب دراسات تاريخية في البلدين.
وقدمت الوثيقة الفرنسية ما يشبه "صيغة أخرى للاعتذار" وفق المراقبين، تمثلت في "خطوات رمزية لإحداث المصالحة التاريخية مع الجزائر وتحسين العلاقات بين البلدين"، من خلال اتخاذ خطوات للاعتراف بما أسمته "أخطاء الحقبة الاستعمارية والواقع الاستعماري القاسي".
وتعهدت في المقابل بفتح الأرشيف الذي نهبته غداة نيل الجزائر استقلالها عام 1962 ب"الإفراج عن وثائق في خانة السرية".
كما أفادت الرئاسة الفرنسية بأن إيمانويل ماكرون يعتزم المشاركة في 4 احتفالات تذكارية تتعلق بالذكرى ال60 لنهاية ما تسميه "حرب الجزائر" عام 1962، و"اليوم الوطني للحركيين" في 25 سبتمبر (وهم خونة الثورة الجزائرية)، وذكرى قمع مظاهرة للجزائريين في باريس في 17 أكتوبر/ 1961، وكذا ذكرى توقيع اتفاقيات إيفيان في 19 مارس 1962 وهو التاريخ الذي أعلن فيه وقف إطلاق النار بين جيش التحرير الجزائري وجيش الاحتلال الفرنسي.
وفي أكتوبر الماضي، هددت الجزائر باللجوء إلى التحكيم الدولي لاسترجاع أرشيفها المنهوب فترة الاحتلال الفرنسي الذي دام 132 سنة (1830 – 1962) بسبب ما وصفته ب"التباطؤ الفرنسي في تلبية مطلبها".
..ورقة المصالح الاقتصادية
وفي الوقت الذي التزمت فيه السلطات الجزائرية الصمت على القرار الفرنسي، كشفت وسائل إعلام جزائرية، في الأيام الماضية، نقلا عن مصادر لم تسمها اعتزام الجزائر "مراجعة عقود الشراكة مع باريس وفق منظور جديد يرتكز على معادلة رابح – رابح" وفق "إطار يحكم العلاقات بين البلدين في المستقبل".
واعتبرت المصادر الإعلامية أن الجزائر استبقت الخطوة الفرنسية بتأجيلها اجتماع اللجنة المشتركة بين البلدين التي كانت مقررة في 18 يناير الماضي إلى الشهر المقبل.
غير أن المواقف الرسمية الجزائرية "المعلنة" لا توحي بحسب المتابعين ب"إمكانية اتخاذ خطوات تصعيدية" تستهدف المصالح الاقتصادية الفرنسية.
وتحدثت الحكومة الجزائرية عن رغبتها في "إقامة شراكة استثنائية" مع باريس خلال اتصال هاتفي تلقاه رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز جراد، الأسبوع الماضي، من نظيره الفرنسي كاستكس.
وذكر مكتب الوزير الأول الجزائري في بيان حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، بأن جراد وكاستكس بحثا مستوى العلاقات الثنائية و التشاور الدائم حول آفاق التعاون بين البلدين، وكذا "العمل لبناء شراكة استثنائية وفقا لتطلعات الجانبين، خاصة في الاستثمار ونقل التكنولوجيا".
..شروط سياسية "منعدمة"
وقدم المؤرخ والباحث الجزائري الدكتور أرزقي فراد قراءة لأبعاد القرار الفرنسي وخلفياته، ولم يخف "صدمته" من الموقف الفرنسي ومما أسماه "طغيان الجانب السياسي على العلمي" في تقرير المؤرخ الفرنسي بنجامين ستورا. وأشار تصريح ل"العين الإخبارية" إلى ما وصفه ب"غياب الشروط السياسية التي بإمكانها أن تساعد في تحقيق مطلب الاعتذار".
"منطق مقلوب"
وحدد الشرط الأول فيما أسماه "المنطق المقلوب الذي تسير عليه السلطات الجزائرية في حديثها عن مطالب الاعتذار الفرنسي"، ويرى أن "المنطق يقتضي تجريم الاستعمار، وعلى الدولة الجزائرية أن تسن قانونا يجرم الاستعمار مثلما مجدت باريس الاستعمار في 2005، والذي يعد أولوية الأولويات قبل التفكير في الاعتذار الفرنسي".
ومع بداية الشهر الحالي، استبعد مستشار الرئيس الجزائري لشؤون الذاكرة عبدالمجيد شيخي "طرح قانون لتجريم الاحتلال الفرنسي للجزائر"، وبأنه "ليس من الأولويات بالنسبة لملف الذاكرة". واعتبر "شيخي" بأن "الشعب الجزائري برمته جرم الاستعمار، ولا يحتاج الأمر إلى نص قانوني".
.."تحايل فرنسي"
أستاذ التاريخ بجامعة الجزائر الدكتور أرزقي فراد الذي كان أول نائب بالبرلمان الجزائري يقدم اقتراحاً عام 2001 لسن قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي، أعرب عن "صدمته الثنائية" من محتوى التقرير الفرنسي.
وذكر أن بنجامين ستورا متخصص في تاريخ الاستعمار الفرنسي للجزائر، بينما الجزائر لم "تسند مهمة متابعة الذاكرة مع الجانب الفرنسي لأكاديميين مختصين في التاريخ بإمكانهم الوقوف بندية".
وقال الدكتور فراد ل"العين الإخبارية" "أنا مصدوم من المؤرخ بنجامين ستورا ومن الملف الذي قدمه، كنت أعتقد أن المقاربة العلمية ستنتصر، وأنا مصدوم من الموقف الفرنسي، وما ارتكبه الاحتلال الفرنسي هي جرائم ضد الإنسانية تقتضي تقديم الاعتذار، وهو أضعف شيء".
وكشف المؤرخ الجزائري عن "بقاء آثار الاحتلال الفرنسي إلى يومنا بالجزائر، ولا يزال الجزائريون يموتون من الإشعاعات النووية بالصحراء وأطفال مشوهون ومن القنابل التي زرعتها فرنسا في الجبال وحدودنا الغربية والشرقية".
ووصف الموقف الفرنسي ب"اللف والدوران، لذلك ستبقى مشكلة الذاكرة عالقة، وعلى الجزائر أن تتحرك بقانون لتجريم الاستعمار".
واعتبر في المقابل أنه "ليس المطلوب من الجزائر أن تدخل في صراع مع فرنسا، بل اتخاذ عملية تجرم فترة احتلالها، والسؤال الذي يجب أن يطرح هو سر عجز الدولة الجزائرية عن تجريم الاستعمار".
..غياب إرادة سياسية
الدكتور حسين قادري أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر يرى أنه "لا يوجد توتر في العلاقات بين الجزائر وباريس، وأن الفرنسيين يستخدمون ملف الذاكرة من أجل التوازنات الداخلية وحملة انتخابية مسبقة، كما أن الظروف الداخلية بالجزائر تعلب دورا في الموقف الفرنسي".
واعتبر في تصريح ل"العين الإخبارية" أن "الأوراق التي تلعب تحت الطاولة في العلاقات بين البلدين أكثر من الظاهرة منها، والجزائر لديها من التعقل والصبر في الظروف الحالية ما يجعلها توازن بين القضايا التي تضر بمصالحها الاستراتيجية مع قوى دولية، ومع ما يتطلبه إصلاح القضايا التاريخية".
ويرى المهتم بشؤون العلاقات الجزائرية-الفرنسية أن "الموقف الفرنسي يستند إلى مجموعة المعلومات، وهي تعرف بأن الجزائر ليست جادة في مطلب الاعتذار وهو ملف قديم متجدد، وكانت للاستهلاك أكثر منه مطلب حقيقي، خصوصاً فترة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة".
ونوه بأن تحقيق مطلب الاعتذار يتطلب "وجود إرادة سياسية قائمة على التوازن المستقر في العلاقات بين البلدين، أما الجزائر الذي تعيش وضعاً داخلياً وإقليمياً لا تحسد عليه فلا تشجعها في الضغط على باريس لتقديم الاعتذار، وأعتقد بأن الجزائر ليست مستعدة لفتح ملف كبير مثل هذا لا يسمن ولا يغني من جوع من الناحية البراغماتية".
مضيفاً أن "تولد الإرادة السياسية يكون من خلال المؤسسات، والجزائر تمر اليوم بمرحلة السعي لبناء مؤسسات دولة قوية تمتلك الشرعية الشعبية والتي بإمكانها التفاوض مستقبلاً على هذه الملفات الشائكة وغيرها".
..اتفاقيات سرية
وأشار الأكاديمي الجزائري إلى مسألة اتفاقيات إيفيان بين البلدين (1961)، وتحدث "عن وجود بنود سرية سمحت لفرنسا بالضغط على الجزائر وفق ما يتم الحديث عنه، لأنها تعتقد بأن الجزائر هي التي تملصت من هذه الاتفاقيات، والتي تنص على أن لباريس موقع قدم استثنائي".
وختم الدكتور قادري بالتنويه إلى أن العلاقات مع فرنسا "ستبقى محكومة بضوابط تاريخية ومصلحية وثقافية واقتصادية، وفرنسا لا تزال تنظر للجزائر إلى الآن بنظرة خاصة، ولا يمكن الحديث عن قوة الموقف الجزائري إلا بمؤسساته واقتصادها القوي".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.