تختتم اليوم، فعاليات الدورة الثالثة عشرة من المهرجان الوطني ل"موسيقى ورقص الديوان"، التي حملت شعار "عين على حماية الثقافة الشفوية لأهل الديوان"، وعرفت مشاركة قرابة عشرين فرقة فنّية من مختلف ولايات الوطن، كما تزامنت مع "اليوم الوطني للهجرة" الذي يُحيي فيه الجزائريّون ذكرى مجازر 17 أكتوبر 1961 التي ارتكبتها الشرطة الفرنسية ضدّ متظاهرين جزائريّين في باريس. نظمت الدورة الثالثة عشرة من المهرجان الوطني لموسيقى ورقص الديوان لأول مرة بمدينة عين الصفراء بالنعامة بعدما استقبلت دوراته ال 12 السابقة ولاية بشار، وجاء هذا التغير بقرار وزاري صدر شهر جوان المنصرم يقضي بتحويل المهرجان من مدينة بشّار إلى مدينة عين الصفراء بولاية النعامة وبتعيين محمد رحماني مديراً جديداً للتظاهُرة، وقد سبق هذا القرار قرارا أخرا يقضي بتحويل "المهرجان الدولي لموسيقى الديوان" من الجزائر العاصمة إلى ولاية بشار، وتندرج هذه التغيرات حسب وزارة الثقافة والفون في إطار مراجعة آليات تسيير وتنظيم التظاهرات الثقافية الوطنية والدولية. وبالعودة للمهرجان الوطني لموسيقى ورقص الديوان فتنافس فيه الفرق المشاركة على المراتب الثلاث الأُولى في مسابقته، والتي تؤهّلهم للمشاركة في الدورة المقبلة من "المهرجان الدولي لموسيقى الديوان" الذي ستحتضنه بشّار، وتتكون لجنة تحكيم هذه الدورة من فنانين مختصين على غرار الفنان مختار شومان وسلسبيل بغدادي والعربي بن عيسى. وتوزعت فعاليات المهرجان بين "ملعب محمّد عرفاوي" بمدينة عين الصفراء الذي احتضن العروض الموسيقية، وملحقة "دار الثقافة بلقاسم بغدادي" التي احتضنت مجموعةً من الورشات والمحاضرات والندوات العلمية التي ُشارك فيها كل من الاستاذ محمد تحريشي من بشّار، وعز الدين بن يعقوب من وهران، ورحماني لعرج من العين الصفراء. وما يميز هذه الدورة أن أغلبية المشاركين فيها هم من جيل الشباب يتقنون العزف الموسيقي والرقص وأداء أغاني قديمة من تراث الديوان وأخرى نادرة ومنها "سلامو" التي تدعو إلى السلام في العالم و"سيدنا بلال" و"بودربالة" و"مولاي إبراهيم" و"مقزاوة" و"الداوي" و"رسول الله" التي مزجت بين الثقافات الإفريقية العربية الإسلامية والأمازيغية. وتسعى هذه الفرق ومنها الفرقة الفولكلورية "سيدي بلال" من معسكر إلى الحفاظ على تقليد موسيقى الديوان وديمومتها كعنصر هام من الثقافة الوطنية، كما أوضح رئيسها بلعربي بن عمر، مشيرا إلى أن موسيقى الديوان تحظى باهتمام كبير وعرفت انتشارا واسعا في أوساط الشباب وهواة الموسيقى الشعبية، وصرح قهواجي محمد "معلم" ورئيس فرقة "أحباب قهواجي عمار" من تلمسان من جهته "نحاول الحفاظ على موسيقى الديوان وفاء للقدماء الذين نقلوا إلينا هذه التعابير الموسيقية شفهيا ونحن بدورنا ننقلها إلى الجيل الصاعد باعتبارها موسيقى متجذرة في الثقافة الجزائرية تحتاج لتدوين نصوصها مع ترك المجال مفتوحا للإبداع الفني في هذا المجال". ويرى بن ويس عبدو عضو فرقة "السد الصغيرة" للديوان بأن الفرق الشابة التي نشأت في السنوات الأخيرة في فن الديوان تعكس الحركية الحقيقية التي رافقتها إبداعات موسيقية جديدة لفنانين شباب اقتحموا هذا المجال الموسيقي و حافظوا على الأغاني المتوارثة واستعمال الآلات الموسيقية الأصيلة على غرار القمبري والطبل والقرقابو". واسترسل ذات الفنان الشاب "أغاني الديوان ينقلها المعلمون إلى تلاميذهم عبر الأجيال منذ قرون ولهذا الغرض نجحت في البقاء"، مؤكدا بأن الحفاظ على هذا اللون الموسيقي مرتبط بصناعة آلاته وأزياء عروضه وباللهجات الإفريقية على غرار البامبارا أوالهاوسة لبلدان الساحل التي لا زالت مستخدمة في الغناء والحفلات. يذكر أنّ المهرجان، تحول منذ 2015 من تظاهرة سنوية تقام ضمن فعاليات "شهر التراث" الذي ينظَّم في الفترة ما بين 18 أفريل إلى 18 ماي من كل عام، إلى تظاهرة تقام مرة كل سنتين، بالتناوب مع "المهرجان الدولي لموسيقى الديوان"، ويأتي الهدف من تنظيمه لمنح فرصة البروز للمواهب الشابة، كما يهدف إلى تسليط الضوء على التنوع والثراء الثقافي الذي تتميز به مناطق الوطن وتعريف الجمهور على الرقص الشعبي التقليدي والمهارات التي يتمتع بها المبدعون الشباب فيه.