اعتبرت الباحثة المغربية في الإقتصاد، عائشة العلوي، أن سياسات حكومة المخزن الحالية لا تكتفي بقهر الطبقة الوسطى اقتصاديا واجتماعيا، بل وتقوم بخنق حريتها الفردية وتتبنى ضدها منطق "الليبرالية المتوحشة". وأوضحت الدكتورة عائشة العلوي، في مقال نشر مؤخرا على منصة "الحوار المتمدن"، أن "السياسات الحالية (للمخزن) لا تكتفي بقهر الطبقة الوسطى اقتصاديا و الضغط عليها لتلبي احتياجاتها الأساسية على حساب مداخيلها المالية المتقهقرة من تطبيب و تعليم وسكن وضمان التكافل العائلي، وإنها تقوم بخنق حريتها الفردية". وتساءلت الباحثة التي تدرس بجامعة "السلطان مولاي سليمان" قائلة: "أليست الظروف الحالية تنهك الطبقة الوسطى بالمغرب وتجرها إلى الانحدار، وتدفع بذلك إلى اللجوء لوسائل أخرى للتعبير والاحتجاج؟". وحذرت الباحثة، في هذا السياق، من أن التجارب التاريخية أكدت بأنه غالبا ما تتكيف فئة المهمشين والفقراء مع أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية، بينما الطبقة الوسطى أو الفئات الوسطى، التي تطمح دائما لتحسين أوضاعها، هي من تنتفض. وفي حديثها عن الظروف السوسيو-اقتصادية الحالية بالمغرب، ذكرت الدكتورة العلوي أنه "منذ بداية السنة الدراسية وبعد التغير في المشهد السياسي المغربي (الانتخابات التشريعية وتكوين حكومة جديدة)، يعيش المواطن المغربي على إيقاعين اثنين: الإجراءات الحكومية المتعلقة بجواز التلقيح، والارتفاع الصاروخي للأسعار". وأشارت الى أن هذا الوضع "يأتي بعد فترة ركود اقتصادي و موسم فلاحي ضعيف إثر الجفاف". وأضافت: "لم يتوقع المواطن المغربي أنه سيكون أمام متحور جديد يظهر فقط في بلده، وهو +المتحور الكوفيدي- الاقتصادي+، مادام أن الحكومة لا تهتم إلا بتطبيق جواز التلقيح و رفع الأسعار"، مردفة أن المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الحالية تدفع الباحثين ل"توقع نتائج اجتماعية كارثية للحكومة الجديدة". ..ليبرالية متوحشة ولفتت الباحثة إلى أن "المؤشرات الحالية لا ترسم المسار الصحيح لبلوغ الأهداف التنموية للنموذج التنموي ل2035" بل "يوجد تناقض بين هذا الأخير وسياسة الحكومة الجديدة"، مبرزة أن "مفهوم +الدولة الاجتماعية+ الذي جاء في البرنامج الحكومي على أنه دولة اجتماعية بمفهوم ليبرالي" يعني في الحقيقة أن "من عنده الإمكانات دعه يعيش، ومن ليس عنده دعه يهمش ويفقر". وبالرغم من كون الحكومة جديدة وفي مراحلها الأولى لتطبيق برنامجها، تردف الدكتورة العلوي، إلا أن "البداية السياسية الحالية تدفع إلى التساؤل و الانتظار الطويل للمواطن في تحسين وضعيته في ظل متحور جديد لا يراعي أهمية الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي للفئات الاجتماعية ولا يهدف إلى زرع الثقة بين المواطن والحكومة". وتساءلت كذلك إن كان بمقدور الحكومة إقناع المواطنين بانتظار التنمية "القادمة" في ظل ظروف لا تسمح في الأصل ببلوغها وكذا "إن كانت هذه الحكومة تجر الشعب المغربي إلى مرحلة الليبرالية المتوحشة، بعد الليبرالية المتأسلمة، لكونهما يتفقان على الإنهاك الاقتصادي للمواطن والحد من حرية التعبير ولو بدرجات مختلفة". وكانت المعارضة المغربية نددت، الأحد الماضي، بإقرار مجلس النواب مشروع قانون الميزانية لسنة 2022، الذي وصفته ب"المخيب للآمال ودون مستوى انتظارات المواطنين" الذين تدهورت قدرتهم الشرائية بفعل الارتفاع الجنوني للأسعار والذي بلغ 200 بالمائة في بعض المواد الأساسية. وتعرف المملكة، المعروفة بقمعها الوحشي لكل أشكال المعارضة و التعبير عن الرأي، منذ مدة مظاهرات منددة بالفقر و بارتفاع مستوى الأسعار و تدهور القدرة الشرائية.