لم ينساق الجزائريون وراء دعوات الخروج إلى الشارع ردا على إساءات غربية للإسلام، وساعدت في ذلك نصائح أئمة المساجد الذين حذّروا في خطب الجمعة من الانسياق وراء استخفاف أطراف غربية بالإسلام والنبي محمد عليه السلام. دعا إمام مسجد الرحمة بالعاصمة إلى اليقظة وعدم الانسياق وراء دعوات فايسبوكية يراد منها الفتنة، تحت غطاء نصرة الإسلام، وقال أن ما يجري حاليا في دول عربية وإسلامية من تخريب وحرق واقتتال في إطار احتجاجات غاضبة لرد الإساءة ليس من الدين، بل مجرد إشهار مجاني للجهات المحرضة لمشاعر المسلمين. وعلى الصعيد الدولي، دفعت أعمال العنف التي تتخلل التظاهرات الاحتجاجية على الفيلم المسيء للإسلام البعثات الدبلوماسية الغربية إلى البقاء أمس على حالة تأهب واتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر. وقررت فرنسا إغلاق سفاراتها وقنصلياتها ومدارسها في حوالى عشرين بلدا إسلاميا بعد نشر صحيفة شارلي ايبدو الأسبوعية رسوما كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد، في خطوة جاءت بعد بث فيديو مسيء للإسلام أنتج في الولاياتالمتحدة. وفي تونس، تبقى مراكز التعليم الفرنسية مغلقة من الأربعاء وحتى صباح الاثنين. وفي مصر أغلقت المدارس والمراكز الثقافية الفرنسية الخميس في إجراء وقائي و"إن لم يسجل أي تهديد محدد". واعلنت الولاياتالمتحدة أنها "اتخذت إجراءات مشددة" لحماية كل بعثاتها الدبلوماسية والقنصلية في العالم بعد الهجوم على قنصليتها في ليبيا وعلى عدد من مقارها في العالم. وأغلقت سفارتها والمدرسة الامريكية في نيودلهي وأمرت موظفيها الذين يقيم كثير منهم في حرم السفارة، بالبقاء داخل المبنى بسبب مخاوف من تظاهرات. واغلقت السفارة البريطانية والمراكز القنصلية الألمانية في تونس أيضا. وكانت لندن وبرلين أعلنتا عن إجراءات لحماية بعثاتهما بعد هجمات على سفارتيهما في الخرطوم الأسبوع الماضي. وفرضت إجراءات أمنية مشددة في وسط العاصمة التونسية الجمعة، حيث منعت حركة السير خلال النهار لمنع أعمال عنف او تظاهرات خصوصا امام سفارة فرنسا بعد نشر رسوم كاريكاتورية للنبي محمد. وطوّقت السفارة الفرنسية الواقعة في جادة الحبيب بورقيبة اكبر شوارع وسط المدينة، باسلاك شائكة على ارتفاع رجل وشاحنات عسكرية ومدرعة وسيارة إطفاء، وتمركزت حافلات تقل شرطيين وشاحنات سجن بينما أعلنت وزارة الداخلية حظر أي تظاهرات خوفا من حدوث اعمال عنف مثل تلك التي وقعت في 14 سبتمبر ضد السفارة الأميركية. وفي بنغازي شرق ليبيا حيث قتل السفير الأمريكي كريس ستيفنز وثلاثة أمريكيين آخرين في 11 سبتمبر في ما اعتبرته واشنطن "هجوما إرهابيا"، دعت جماعة أنصار الشريعة السلفية الى التظاهر دفاعا عن النبي محمد. لكن ناشطين يريدون التصدي لصعود المجموعات الاسلامية المتشددة في ليبيا دعوا من جهتهم الى تجمع "لإنقاذ بنغازي" من التطرف والعنف، ما يثير مخاوف من اصطدام المتظاهرتين. وتظاهر عشرات المصريين، أمام مبنى السفارة الفرنسية بالقاهرة احتجاجا على الإساءة للرسول محمد. ووصلت مسيرة من عشرات المصريين، انطلقت في وقت سابق من مسجد عمر مكرم بوسط القاهرة، إلى محيط مبنى السفارة الفرنسية (جنوبالقاهرة)، تنديداً برسوم مسيئة للرسول محمد نشرتها إحدى المجلات الفرنسية مؤخراً. وفي لبنان، جرت تظاهرات واعتصامات نددت بفيديو"براءة المسلمين" والرسوم الكاريكاتورية وتخلل الاحتجاجات إحراق إعلام إسرائيلية وأمريكية، بينما دعا رجل دين سني إلى إصدار فتوى "بهدر دم" كل من أساء إلى الإسلام. وفي بعلبك شرق لبنان، سار آلاف المتظاهرين بناء على دعوة من الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله لتنظيم سلسلة تظاهرات احتجاجا على الفيلم الذي وصفه بانه "اخطر الاساءات" الى الاسلام في العقود الاخيرة. وفي العاصمة بيروت، احرق متظاهرون قرب مسجد ذي النورين في راس النبع العلمين الاميركي والإسرائيلي بعد دوسهما. وفي باكستان، استدعي السفير الأمريكي لدى إسلام آباد للاحتجاج على فيلم فيديولمنتج أمريكي مسيء للنبي محمد. واسفرت مواجهات عنيفة عن سقوط 13 قتيلا على الاقل في التظاهرات ضد الفيلم المسيء للاسلام في عدد من المدن الباكستانية الكبرى. ومخافة تفاقم الأوضاع، حظرت باريس الاحتجاج وأمرت مدراء الشرطة بمنع أي احتجاجات على هذا الأمر، والتعامل مع من يخالف هذا الحظر، في وقت دعا مجلس مسلمي فرنسا إلى الامتناع عن التظاهر، بينما تشعر فرنسا بالقلق على رعاياها في الخارج. ولامتصاص غضب المسلمين، عمدت وزارة الخارجية الأمريكية إلى التركيز على مواقع التواصل الاجتماعي والإعلانات التلفزيونية في محاولة لاحتواء حركة الاحتجاجات العالمية. وبدأت السفارة الأمريكية في إسلام آباد هذا التحرك، عبر إنتاج إعلان تلفزيوني مدته 30 ثانية بثته على الشبكات السبع في باكستان في محاولة للفصل بين الحكومة الأمريكية والفيديو المثير للغضب. وبثت لقطات مجمعة لمواطنين أمريكيين يدينون بفيديو"براءة الإسلام" وهو فيلم هاو يعتقد أن مسيحيين متشددين أنتجوه في الولاياتالمتحدة.