عدم ضبط مستوى السكر في الدمّ يؤدي إلى الإصابة بتجمد الكتف

عادة ما يعاني كبار السن من آلام في المفاصل والعظام، وهو أمر عادي بحكم كبر سن الإنسان وتعبه إضافة إلى حياته اليومية وكيف قضاها، والتي تلعب دورا جدّ فعالا في الإصابة به، وقد التقت "الحياة العربية" بالدكتورة توهامي كروبي كريمة مختصة في مرض العظام والمفاصل، وحدثتنا عن مرض الروماتيزم وعلاقته بمرض السكري.
حاورتها :مريم /ع
أظهرت الدراسات والبحوث وحتى التشخيصات الإكلينيكية أنّ مرض التهاب المفاصل أو الروماتيزم كما هو شائع عندنا، لا يخص فئة معينة، بل يمس جميع الفئات على خلاف جنسهم، كما أنّنا نعيش في عصر انتشرت فيه عديد الأمراض وأصبحت تربط بينها علاقات قد تؤدي في أحيان كثيرة إلى الموت المحتم.
أوّلا هل لكم أن تعرفوا قراءنا الأفاضل بمعنى مرض الروماتيزم؟
جرى العرف عند العامة على أن الروماتيزم هو المرض أو الألم المزمن الذي يصيب مفاصل أو عظام كبار السن. وأودّ أن أوضّح هنا أن الروماتيزم اصطلاح يعني حرفياً "آلام بالجهاز الحركي"، وهو الاسم الذي يطلق على التخصص الطبي الذي يتعامل مع كل مرض أو ألم يصيب الجهاز الحركي أي المفاصل أو أربطة المفاصل أو العظام أو العضلات واسم هذا التخصص بالإنجليزية هو Rheumatology. وبمعنى آخر فإن الروماتيزم ليس اسم مرض ولا يوجد لهذا الاصطلاح أي مدلول تشخيصي على الإطلاق، فالروماتيزم اسم تخصص طبي كامل يضم أمراض كثيرة مختلفة قد تصيب الكبار أو الأطفال .
وماذا عن التهاب المفاصل؟
هو مرض يصيب الأصابع والركب والمرافق والوركين والفك، وهو مرض من بين أكثر من مائة مرض تصيب المفاصل. وهناك اصطلاحان يستخدم احدهما بديلا عن الآخر وهما التهاب المفاصل والروماتيزم، ومهما يكن فإن كلمة روماتيزم أكثر عمومية، حيث تشير إلى أنواع كثيرة من أمراض المفاصل والعضلات والنسيج الضام، ولا يستخدم الأطباء هذا المصطلح بل يستخدمون مصطلحات محددة. فالحالات العامة التي غالباً ما تسمى روماتيزم تضم رثية التهاب المفاصل والتهاب التجويف الجيبي (الالتهاب الكيسي) وآلام العضلات وانتفاخ العضلات.
هل هناك أسباب محددة لهذا المرض؟
سأتكلّم بما يفهمه الجميع، فالروماتيزم عندنا يكون إمّا عاديا نتيجة كبر السن والإجهاد وتعب العظام والحياة اليومية التي كان يعيشها الإنسان منذ صغره. وهنا الأمر عادي رغم الآلام التي تصحبه إلا أنه يمكن تجاوزه، أمّا روماتيزم الدمّ فلم يحدد العلماء والباحثين المختصين في هذا الميدان الأسباب المؤدية له، لكن عموما هناك تخمينات كالقلق والتوتر ،الجراثيم ،والوراثة وغيرها لكن كلها سطحية ولم تحدد بدقة.
ما هي أعراض المرض في رأيكم؟
يعاني مرضى التهاب المفاصل في أغلب الحالات من الألم في المفاصل والتيبس والانتفاخ فيها. إضافة إلى عدم القدرة على الوقوف خصوصا لدى البدناء فالسمنة تضغط على المفاصل خصوصا في الركبة ما يجعلها تعجز عن حمل ثقل الجسم ،هذا ما يؤدي بالمريض إلى تفضيل الجلوس على الوقوف لكن ذلك يتسبب في أشياء أخرى.
هل لهذا المرض علاقة بأمراض أخرى؟
طبعا فهو قد يسهم في تفاقم مرض معين أو يكون سببا فيه وقد يحدث كمضاعفة لمرض ما، وفي غالب الأحيان له صلة بمرض القلب والغدد والكلى ومرض السكري.
بذكركم مرض السكري ما هي العلاقة بينه وبين الروماتيزم ؟
العلاقة بين الروماتيزم ومرض السكر تنقسم إلى شقين رئيسيين، الأول أن هناك بعض الأمراض الروماتيزمية التي تحدث بنسبة أعلى في المصابين بمرض السكر والثاني هو أن بعض مرضى الأمراض الروماتيزمية قد يكونوا أكثر عرضة للإصابة بمرض السكر.
هل لكم أن توضحوا لقرائنا الكرام أكثر؟
بحكم خبرتي في الميدان فقد يعاني مرضى السكري من واحد على أكثر من المضاعفات إما بالمفاصل أوالعضلات وأوتارها أو أجزاء أخرى من الجهاز الحركي، وتكون فرصة حدوث هذه المضاعفات أكبر في المرضى الذين لا يداومون على العلاج بحيث تكون مستويات السكر بالدم مرتفعة ولا يكون المرض تحت السيطرة.
وأهم هذه المضاعفات هي إصابة الكتف بما نطلق عليه الكتف المتجمد (Frozen shoulder) ويحدث هنا تيبس بالكتف ويتطوّر على مدى أسابيع ليصير مصحوباً بألم شديد مع حركة الكتف ويحتاج المريض عادة - بجانب السيطرة على السكر والعقاقير المضادة للالتهاب - إلى الحقن الموضعي أحياناً وإلى جلسات العلاج الطبيعي المكثفة.
كما يؤدي السكر أيضاً في بعض المرضى إلى حدوث حالة تيبس جلد الكف بحيث يعجز المريض عن بسط الأصابع ويكون ذلك مؤشر على إصابة الأوعية الدموية الدقيقة بالجسم بضيق في مرضى السكر المزمنين (أكثر من عشر سنوات) وبخاصة في أوعية الكلى والعين والأعصاب الطرفية .من المضاعفات الشهيرة أيضاً لمرض السكر حدوث تنميل باليد وذلك نتيجة التهيج أو الضغط على العصب المتوسط في منطقة الرسغ والذي يغذي جزء من اليد ويطلق على هذه الحالة متلازمة النفق الرسغي ومن أعراض هذا المرض الأخرى خلل بإحساس أصابع الإبهام والسبابة والوسطى والبنصر باليد المصابة وألم بالرسغ والذي قد يمتد إلى اليد أو الساعد والعضد.
في بداية المرض قد يشعر المريض بهذه الأعراض أثناء النوم أو عند الاستيقاظ منه النوم أو عند القبض على شيء ما، مع ثنى ولي الرسغ بدرجة كبيرة، وفي الحالات الشديدة قد تدفع الأعراض المريض إلى الاستيقاظ من النوم، وقد يضطر المريض إلى هز أو رج يده المصابة للتخفيف من حدة الأعراض. قد يؤدي مرض السكر أيضاً إلى حدوث تنميل وحرقان وألم شديد بالجزء الخارجي من الفخذ يزداد مع الوقوف والمشي ويقل نسبياً مع الجلوس ويطلق عليه التهاب الفخذ المذلي. قد يؤدي السكر إلى التهاب عام بالأعصاب الطرفية وبخاصة القدم حيث يضعف الإحساس بهما وقد يجعل السكر المرضى أكثر عرضة للإصابة بالتهاب مفصلي ميكروبي ويحدث ذلك خاصة في المرضى المصابين بأمراض أخرى مع السكر تؤدي إلى ضعف مناعة الجسم. ومن الحالات التي تحدث أيضاً في مرضى السكر المزمن والذين فقدوا الإحساس بالأعصاب الطرفية للقدم تماماً حدوث مرض "شاركوت" بمفصل القدم بالذات ممّا يؤدي إلى تدمير تام بالمفصل ولكن بدون إحساس المريض بألم يذكر بسبب التهاب الأعصاب الذي يفقده الإحساس بالألم.
ما هي مضاعفات المرض خصوصا على مرضى السكري؟
في الحالة الأولى أي الروماتيزم العادي قد يضر ذلك به خصوصا في حياته اليومية فالمريض يصبح أكثر ميلا للجلوس ويصبح عاجزا عن القيام بأشياء ما لوحده وبالتالي يحتاج إلى مساعدة الآخرين. إضافة إلى أنّ ألم الركبة يؤدي إلى عدم القدرة على المشي ،ثمّ إلى الجلوس المطوّل ،هذا الأخير يؤدي إلى تفتت اللحم، ثمّ إلى إصابة المريض بالميكروبات ونهايته الموت المحتمّ.
أمّا عن مرضى السكري فعند إصابة الرِجل وبلوغ المريض حالة عدم الشعور بها ،تجعله معرض إلى الإصابة كأن يوخزه مسمار أو زجاج أو غير ذلك ،ما يؤدي لتعفن الرجل وبالتالي لقطع بعض الأصابع أوكلها. أمّا عن تداخل الأدوية خصوصا لدى المصابين بالكبد، فقد تؤدي إلى وجود أحجار في الكلية، التي الأخيرة يضعف عملها والنهاية هي الموت. كما يؤدي روماتيزم الدمّ إلى عوج في المفاصل والأطراف، الإعاقة، الجلطة الدماغية وانتفاخ في القلب، وفي حالة ما إذا توقفت المريض عن أخذ الدواء فالموت هو مآله.
في هذه الحالة ما هي النصائح التي يمكنكم توجيهها للمرضى والأصحاء عامة ؟
أوّلا أنصح بإتباع نظام غذائي خاص ،بعيدا عن المواد الدسمة التي تحوي الكولسترول، أي بتناول كميات كثيرة من الخضار الخضراء الطازجة ومنتجات الألبان الغنية بالكالسيوم حيث يؤدي نقص الكالسيوم إلى الشعور بالخدر والتنميل حول الفم وأطراف الأصابع، والإقلال من الملح والمخللات والتوابل لأن الأملاح تترسب في المفاصل وتسبب التهاب نهايات الأعصاب فتحدث آلام الروماتيزم الشديدة، التعرض للشمس بانتظام للحصول على فيتامين "د" حيث أن وجود هذا الفيتامين يساعد على امتصاص الكالسيوم وعلى نقله عبر الأمعاء خصوصا بالنسبة للمرأة الحامل، ممارسة الرياضة المعتدلة أو الخفيفة ،أنصح المرضى بعد القلق واستشارة الطبيب المختص الموثوق فيه، أخذ الأدوية بصفة منتظمة والعمل بالنصائح المقدمة، عدم رفع الأثقال واستعمال الأحزمة الظهرية ،خصوصا لممتهني الأعمال الشاقة كالعتالة وغيرها.
وماذا عن مرضى السكري؟
النظافة أهمّ شرط خصوصا بين أصابع القدم، عدم المشي حافية وانتعال الأحذية الملائمة بشكل دائم، وأهم خطوط العلاج هي التحكم في مستوى السكر بالدم، كما أنصح الأهل بتفقد أرجل مرضاهم خصوصا في الليل، فالمريض لا يمكنه الشعور بشيء حتى وإن أضره.