يتضمن ديوان (عطب الروح) للشاعرة زينب الأعوج الصادر حديثا عن سلسلة كتاب دبي الثقافية قصيدة واحدة طويلة حملت عنوان (يا جدتي العتيقة). ترحل الشاعرة الحائزة على جائزة رئيس الجمهورية في حقل الأدب صوب مناطق عالقة في الذاكرة مغمسة بالحنين الذي لا يخلو من مشاعر الألم والمعاناة. ببراعة ترسم الشاعرة صورا عن علاقات وحالات إنسانية متداخلة في مناخات عذبة يحضر فيها الرمل وتعاقب الفصول وتدرج العمر وأحاسيس ترنو إلى بوح بعد طول صمت وغياب عن لحظات الفرح والبهجة. تنسج الأعوج بنية جديدة للقصيدة الحديثة في مصفوفات من الكلمات التي تتوغل في دواخل شخصيات آتية من حكايات وأسفار الأساطير المزنرة بجماليات تفيض بألوان من الموروث، وآفاق المعرفة الرحبة في نأي عن اللغو والأوهام والخيال الجامح. تفكك القصيدة بتواتر انسيابي فطن أحلاما وخواطر ورموزا وتكشف عن مفاتيح وانكسارات زمنية وهي ترمي إلى تحسس مواطن الألم المثقلة بالأشباح والبشاعة التي أصابت الأسلاف الحكماء والذين كانوا محاربين وأبطالا وهم يصدحون بالنشيد والميجانا والعتابا ويتدلون على حبال الحرية وصخور المجد. بحرقة تستذكر القصيدة غابر الأزمان لما كانت الجدة تحرق البخور وتبسط واحة قلبها وتشق عين المياه لمواجهة القحط في السنوات العجاف، ظلت متمسكة بالحياة ومعانقة إشراقة النهار والعزف على الجيتارة ولتنشر عطرها في قلب صحارى الرمل. تبحث الشاعرة في قصيدتها الطويلة عن الدهشة في أنشودة وترانيم تتوهج بالإيقاعات وتقرأ نهايات الجدة والأسلاف بحسرة. يشار إلى أن الشاعرة والأكاديمية الدكتورة زينب الأعوج تعمل أستاذة وباحثة في مجال الدراسات الإنسانية والاجتماعية بفرنسا وهي مؤلفة ومترجمة في حقل الشعر والنقد والدراسات الأدبية المتنوعة منها (يا أنت من منا يكره الشمس، راقصة المعبد، مرثية لقارئ بغداد، تطور مفهوم الثورة في الشعر الجزائري، مرايا الهامش: أنطولوجيا الشعر الجزائري، والقصة القصيرة النسائية في بلدان حوض المتوسط) ونالت جوائز: نازك الملائكة للإبداع النسائي، والشعر العالمي من إيطاليا، والشعر الأولى في الجزائر.