وسط حضور فني تونسي حاشد وفي غياب السجاد الأحمر انطلقت أول أمس، بمدينة "هرقلة" التابعة لولاية « سوسة » الدورة التاسعة لملتقى «هرقلة السينمائي» الذي تنظمه جمعية إفريقيا والمتوسط للثقافة ، كرمت الجمعية الفنان والسينمائي صالح توفيق الذي أعطى وجها جديدا للسينما الإفريقية من خلال أفلامه الجريئة والمنصبة كلها على الواقع الإنساني الصعب، القائمون على ملتقى هرقلة السينمائي أرادوا أن يكملوا ما بدأه صديقه التونسي الطاهر شريعة الذي كان له الفضل الكبير في نقل أعمال توفيق صالح إلى السينما العالمية. اعترف محمد شلوف رئيس الملتقى خلال الافتتاح بالدور الكبير الذي لعبه توفيق صالح في بعث السينما الإفريقية إلى الضفة الأخرى وخروجها من الإطار الضيق الذي طالما وضعت فيها حيث قدم المخرج على مدى 40 عاما في العمل الفني حوالي سبعة أفلام روائية طويلة فقط، كان آخرها فيلم "الأيام الطويلة" 1980 الذي تم تصويره بين سوريا والعراق والذي لم يعرض في مصر حتى الآن ، عقب إنهاء المخرج توفيق صالح دراسته بجامعة الإسكندرية في كلية الآداب ووقتها قام بإخراج مسرحية توفيق الحكيم "رصاصة في القلب"وتم عرضها في جمعية الصداقة الفرنسية هناك وقد سافر توفيق إلى فرنسا لدراسة المسرح هناك ثم عاد ليستكمل دراسته بالسينما لحبه وشغفه بالشاشة الفضية وقد أطلع هناك على كل فروع الفنون في أوروبا وكان أول أفلامه "درب المهابيل" 1954 والذي تعاون فيه مع الكاتب نجيب محفوظ كمؤلف للفيلم توفيق صالح عن العمل لمدة سبع سنوات تقريبا، حتى عام 1962 عندما قدم فيلم "صراع الأبطال" ثم أخرج بعدها ثلاثة أفلام، " المتمردون" عن قصة للصحفي صلاح حافظ، "يوميات نائب في الأرياف" 1968 عن رواية بنفس الاسم للكاتب توفيق الحكيم، ثم أخيرا "السيد البلطي"1969 عن قصة لصالح مرسي ثم سافر إلى سوريا وقدم فيلم المخدعون . التكريم شمل عرض فيلم تسجيلي للمخرج السينغالي عصمان صمبان يتناول سيرة شيخ المخرجين توفيق صالح و أهم الأفلام التي أخرجها . من جهة أخرى تم عرض أربع أفلام قصيرة من بينها الفيلم الفلسطيني "الشمس خاصة "للمخرج رامي عليان، ويهدف فيلم إلى لفت نظر المشاهد الفلسطيني والعربي ومن كلا الجنسين لعيوب المجتمع بشكل عام وإلى عيوب ونواقص المشاهد الشخصية وأخطائه في الحياة بشكل خاص. ضمن لوحات تحمل عناوين مختلفة تتضح من خلالها مرتكزات الأفكار وسعيها لرصد جوانب واسعة في حياة المواطن الفلسطيني والمواطن العربي . يعتمد هذا الفيلم القصير على أسلوب الإسقاطات الاجتماعية التي تحمل تأثيرها العميق على المشاهد من خلال قصة امرأة حرمت من الشمس ، فهي تعاني من هشاشة العظام و أوصاها الطبيب بضرورة التعرض لأشعة الشمس الأمر الذي جعل أخت زوجها تختلق لها المشاكل بسبب كشف ساقيها على السطح . الفيلم على مدار 19 دقيقة جاء برسالة واضحة عن مجتمع يحمل عقدا نفسيا و معتقدات جاهلة تؤدي بحياة الفرد إلى الهلاك. وتجدر الإشارة إلى أن التظاهرة ستشهد مشاركة عدد من البلدان العربية والإفريقية والأوروبية على غرار تونس والجزائر والمغرب ومصر وفلسطين ولبنان والسودان ومالي والسنغال والكونغو وتركيا وفرنسا وايطاليا والبرتغال واسبانيا، أين سيتم عرض 38 شريطا منها 11 شريطا وثائقيا و27 شريطا قصيرا، تم انتقاؤها من بين 325 عملا سينمائيا لمخرجين من إفريقيا وضفتي المتوسط ستتناول عديد القضايا المتعلقة بالأساس بالمرأة والذاكرة الجماعية والإشكاليات المتعلقة بالمسار التنموي إلى جانب المتغيرات المجتمعية المسجلة في بلدان جنوب المتوسط. كما ستحتضن هذه الدورة عدد من الورشات التكوينية في مجال السينما الوثائقية، و الرسوم المتحركة التي تقوم بتنشيطها الفنانة الجزائرية أمال جنادي أما باقي الورشات تتمحور حول التنمية في بلدان الجنوب وقضايا المرأة في كل أبعادها الوجودية والمجتمعية، فضلا عن مقاربتها لسبل الحفاظ على الذاكرة الجماعية والمشترك التاريخي بين المجموعات البشرية و الاهتمام أكثر بالسينما الإفريقية.