لم تكن تتصور يوما فتاة في السابع عشر من عمرها أن يوم وضعها لمولودتها الأولى"كنزة" التي لطالما حلمت أن تصبح أما وبطفل يناديها بكلمة "ماما"، هي نقطة بداية معاناتها في صراع دام لأكثر من 17 سنة، وذلك جراء اختفاء مولودتها يوم وضعها بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا، وبعد سنوات صراع عديدة بحثا عنها، تمكنت من العثور عليها صدفة كونها زميلة ابن شقيقتها بالثانوي. هي وقائع القضية التي عالجتها نهاية الأسبوع محكمة جنح بئر مراد رايس، حيث وجهت للأبوين اللذان تبنيا الطفلة تهمة التزوير واستعمال المزور بمحررات إدارية طالت شهادة الميلاد، بيان الولادة وشهادة التنازل. تعود فصول هذه القضية حين تزوجت "مريم" عن طريق الفاتحة وقبل أن تعقد قرانها بالبلدية، وضعت هذه الأخيرة مولودة بمستشفى مصطفى باشا بتاريخ 22 من شهر جانفي 1995 وبالضبط على الساعة الرابعة صباحا، وحين استيقظت طلبت رؤية ابنتها، لكن القابلة أخبرتها أن الرضيعة تعاني من صعوبات في التنفس وقد تم وضعها في الحاضنة، ومن جهته تنقل الأب إلى مصلحة تسجيل الأطفال الرضع، فأخبره الموظف أنه لا يمكنه تسجيل الطفلة باسمه إلا بعد إحضاره الدفتر العائلي. أيام بعد الولادة وحين تقدما الوالدان لاستخراج الطفلة، تفاجأ بإخبارهما أن الطفلة قد تم تبنيها من عائلة أخرى، وذلك بعد أن تخلت عنها والدتها. وبعد سنين طويلة من البحث والتحري أخبر مدير المستشفى الأم الحقيقية باسم العائلة التي تبنت طفلتها سنة 1995 ولحسن الصدف أخبرها ابن شقيقتها بوجود زميلة له بنفس القسم تحمل الاسم ذاته، وحين ذهبت لرؤيتها بالثانوية التي تدرس فيها، تفاجأت الوالدة وانبهرت كون البنت تشبهها تماما، وقتها تيقنت أنها فلذة كبدتها التي كانت تبحث عنها ولما سألت والديها المتبنين أخبراها أنها ابنتهما وقد وضعتها زوجته شهر أفريل من سنة 1995، لكن الأم لم تتوقف عن بحثها، حتى أخبرتها الفتاة أن لديها أخ بالتبني يبلغ من العمر 30 سنة أخبرها انه قد تم تبنيها وليست ابنة عائلة"ب"، وبعد إجراء التحريات تبين أن القابلة التي ساعدتها في وضع ابنتها تكون شقيقة المتهم، حيث أقدمت على تسهيل جميع الإجراءات اللازمة قصد الحصول على الطفلة، وذلك من خلال تحريرها لبيان ولادة باسم المتهمة"ب. حورية" وأنها من وضعتها في عيادة ببئر مراد رايس في 19 أفريل من نفس السنة، كما أقدم الأب المتبني على تسجيل الفتاة باسمه بعد أن زور شهادة الميلاد ولم يتوقفوا عن ذلك بل قاموا بتحرير شهادة تنازل باسم المتهمة "ب.حورية" على أساس أنها والدتها الحقيقية وقد تنازلت عنها. المتهمان خلال جلسة محاكمتهما أنكرها الأفعال المنسوبة إليهما وأكدا أنهما قاما بكامل الإجراءات اللازمة والصحيحة لتبني" كنزة" التي تبلغ اليوم 17 سنة، وقالا أنهما تحصلا عليها بعد أن قصدوا دار الطفولة المسعفة بدراراية، أما عن الوثائق المزور فحملا إدارة دار الطفولة المسعفة والمستشفى المسؤولية. من جهته وصف دفاع الطرف المدني الوقائع بالخطيرة كونها تتمثل في سرقة طفلة رضيعة من المستشفى بغير حق وجه وطالب بإعادة تكييف الوقائع من جنحة إلى جناية، وأشار إلى أن المتهمين أقدما على تزوير جميع الوثائق قصد سلب الطفلة من حضن والديها الطبيعيين، وفي هذا المقام طالب وكيل الجمهورية عدم الاختصاص النوعي للمحكمة كون الوقائع خطيرة وطالب هو الآخر إعادة تكييفها على أساس جناية.