يفترض أن يستدعي الرئيس بوتفليقة، الهيئة الناخبة، خلال الأسبوع الجاري، قياسا بما أعلنه وزير الداخلية والجماعات المحلية، الطيب بلعيز قبل أيام، وهذا يعني أن استدعاء الهيئة الناخبة سيكون بين 16 و17 من الشهر الجاري، وفي حال تخلف الرئيس عن ذلك، فهو مؤشر على أن الأمور لم تستتب على قرار من قبل السلطة حول من يكون مرشح النظام للرئاسيات. لم يسبق وان حدث في الجزائر ما يحدث قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة، والمعتاد أن تكون الأمور جد واضحة حتى قبل عام من الموعد الانتخابي، فهل هذا يعود إلى مرض الرئيس بوتفليقة والارتباك الملحوظ بخصوص العهدة الرابعة أم أن الاضطرابات العربية والإقليمية كانت السبب في استمرار الغموض بشأن الموعد الرئاسي المقبل؟. وقياسا بالتحضيرات التي سبقت المواعيد الانتخابية الرئاسية السابقة، كانت الفرضيات كلها مطروحة أمام المراقبين كما ان عناصر التحليل حول المستجدات السياسية كذلك كانت متوفرة، وكان سهل التكهن حول ما يجري في أعلى هرم الدولة بشان الخيارات التي ترسوا عليها خيمة صناع القرار، من خلال ترشيح الرئيس بوتفليقة، ثلاث مرات متتالية، حتى لما كان المترشح علي بن فليس اخلط الأوراق في رئاسيات 2004 إلا أن الأمور كانت واضحة وان لم تحسم حينها بالتمام لصالح الرئيس بوتفليقة، لكن، هذه المرة، انسحب العديد من الفاعلين السياسيين من حلبة التكهنات حيال من يكون الرئيس المقبل للجزائر بعد 2014، وهل سيترشح الرئيس أم لا ومن هو خليفته في حال عدم ترشحه وهل هو من يقرر تحديد هوية خليفته أم أن الأمر متروك للتوافقات داخل الرئاسة والمؤسسة العسكرية . ما بث فوضى أكثر في عقول الذين حالوا تفكيك شفرات الوضع المبهم والغامض، هو الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عمار سعداني الذي اجزم ان بوتفليقة سيترشح للرئاسيات ، بل ورغب في إخراجه من صمته حتى يقولها صراحة، في تحدي طرح سؤالا كبيرا وسط المتتبعين، عن السر الذي يخفيه سعداني، وما موقف الرئيس بوتفليقة من خرجات المعني المثيرة للجدل بشان العهدة الرابعة وبشان تهجمه على المخابرات وكذلك على الوزير الأول عبد المالك سلال، وهل بوتفليقة على علم بذلك وما رؤيته للأمور، والإجابة عن هذا السؤال يحيل إلى الخوض في الواقع السياسي للبلاد منذ ثورات الربيع العربي، من حيث ارتباك المواقف وتعدد مصادر القرار كثيرا ما أخلطت الأمور في مخيلات المتتبعين في قراءات متباينة لم ترس على رصيف محدد بشان : إلى أين تتجه البلاد؟ وليس وحده عمار سعداني من بث الغموض أكثر في الساحة السياسية، ولكن أيضا الداعم لعهدة رابعة للرئيس بوتفليقة وهو عمارة بن يونس، فإذا كان سعداني يسير بسرعة قصوى نحو ترشيح الرئيس وهو متاكد من انه سيترشح، فبن يونس فرمل قاطرته وانسحب من المشهد بشكل يوحي أن المعني غير متأكد من ترشح الرئيس ، وكذلك عمار غول الذي بدا وكأنه صار يدعم العهدة الرابعة باحتشام كبير وهو الذي عجز كذلك عن فهم ما يفكر به أصحاب القرار، بينما الواقع افرز لبسا لدى صناع القرار وغموضا وسط الساحة السياسية وتيهانا وسط عموم الشعب.