تأجّجت الدعوات الموجهة للرئيس بوتفليقة، من أجل الترشح لعهدة رابعة بشكل لافت، وبات المشهد شبيها بما حدث في منتصف التسعينيات، عندما كانت تخرج "المسيرات العفوية" مطالبة بترشح الرئيس السابق اليامين زروال لرئاسة الجمهورية. وليس هناك من فرق بين ما يحدث هذه الأيام، وما حدث في وقت سابق مع الرئيس زروال، سوى في كون الدعوات المطالبة بالعهدة الرابعة، مصدرها مسؤولي أحزاب عرف عنها وقوفها إلى جانب القرارات التي يعتقد أن السلطة مصدرها، أو على الأقل، محسوبة على جناح ما في السلطة. وكان كل من الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني، ورئيس تجمع أمل الجزائر ، عمار غول، قد زكّيا ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة، حتى قبل انعقاد المؤسسات المخولة بالفصل في قرار من هذا القبيل، ما يعني أن الأمر إذا تقرّر "من فوق" فلن يقف في طريقه أي عائق، تماما كما حصل مع تزكية عمار سعداني، أمينا عاما للحزب في نهاية أوت المنصرم. بالإضافة إلى ذلك، تلقى المقر المركزي للتجمع الوطني الديمقراطي بابن عكنون، عشرات البيانات المؤيدة لترشح عبد القادر بن صالح، لمنصب الأمين العام للحزب، وهو الذي سبق وأن أعلن دعمه للعهدة الرابعة، موازاة مع تأكيد ميلود شرفي، بأن احتمال عودة الأمين العام السابق للحزب، أحمد أويحيى، المعروف بطموحاته السياسية إلى منصب الأمانة العامة غير وارد. وعلى الرغم من "الحملة" الداعية لعهدة رابعة، إلا أن المعني الأول بالقضية وهو الرئيس بوتفليقة، لا يزال ملتزما الصمت، وهو ما يدفع للتساؤل حول ما إذا كانت هذه الدعوات التي تخلّف عنها واحد من المحسوبين على الجهات الداعمة للعهدة الرابعة، وهو حزب عمارة بن يونس، تندرج في سياق تحضير الرأي العام لإعلان وشيك للترشح. فهناك ما يجب أن يسبق إعلان الرئيس بوتفليقة، عن الترشح وهو مراجعة الدستور الذي طال انتظاره، وتضمينه مادة تستحدث منصب نائب الرئيس، الذي يمكنه أن ينوب عنه في إدارة حملته الانتخابية في حال ما إذا لم تسمح له ظروفه الصحية بتنشيطها، أو كما يفترض أن يقوم بها أي مترشح قرر خوض السباق. غير أن التجارب السابقة تشير إلى أن الرئيس بوتفليقة، عادة ما يترك الإعلان عن ترشحه إلى اللحظات الأخيرة، وهو ما حصل في العهدة الثانية والثالثة، وهو موقف يصنّفه المتابعون للشأن السياسي، في خانة الحرب النفسية التي هدفها إرباك منافسيه المحتملين في الاستحقاق المقبل، وهي الرسالة التي يكون قد وعاها بشكل جديد مرشح رئاسيات 2004، علي بن فليس، وردّ عليها ضمنيا عندما أكد لمقرّبيه أنه قرر دخول معترك الانتخابات المقبلة، سواء شارك الرئيس بوتفليقة، فيها أم لم يشارك، وفق ما نقلته "الشروق" عن وزير الاتصال والثقافة الأسبق عبد العزيز رحابي. وإذا كان ترشح الرئيس بوتفليقة، لعهدة رابعة بات في حكم المؤكد، على الأقل بالنظر للقرارات التي اتخذها على رأس الحكومة والمؤسسة العسكرية، منذ عودته من رحلته العلاجية إلى باريس في جويلية المنصرم، فإن النقاش السياسي انتقل من العهدة الرابعة إلى هوية نائب الرئيس الذي يمكنه أن يدفع به في الحملة الانتخابية.