ما كان مجرد تعاليق وتحاليل متتبعين للشأن السياسي الجزائري، أصبح حقيقة مؤكدة من الوزير الأول نفسه: العهدة الرابعة ومصير الرئاسيات القادمة متوقفة على ضمير رئيس الجمهورية. لا لجنة مستقلة لمراقبة الانتخابات ولا أي تحالف للمعارضة إذن ولا حتى صوت الشعب الجزائري يستطيعون توقيف بوتفليقة إن أراد أن يواصل مهمته، حسب السيد سلال، بل «سيقرر» ذلك بنفسه «حسبما يمليه عليه ضميره». لكن هل قصد سلال بتصريحه هذا أمام ضيفه الفرنسي، المفهوم الجزائري لعبارة «ما يمليه الضمير»؟ أم سلال قالها دون أن يزن معناها؟ في الحالتين، ظهر منافس جديد لبوتفليقة في 2014 ويتمثل في ضميره وهو منافس أقوى من الخصوم السياسيين والمرشحين المرتقبين وأقوى من المرض أيضا، لأن قرار بوتفليقة ب»مواصلة مهامه»، على حد تعبير سلال بعد طول الغياب عن أداء مهامه... يكاد يكون مستحيلا، إلا إذا كان الرجل من دون ضمير. وهذا أيضا ينفيه سلال عن الرئيس لأنه قال «أعرفه من فترة طويلة، إنه رجل عظيم». وإذا أضفنا العظمة إلى الضمير الحي، يكون قد ظهر الهلال الذي ينتظر كل المرشحين رؤيته قبل إعلان ترشحهم. ويبقى هناك احتمال واحد لترشح الرئيس لعهدة رابعة، ويصلح هذا الاحتمال مع احتمال أن يكون سلال قد تحدث بعفوية دون أن يقصد معنى ما صرح به. وهنا يكون سلال قد سبب لبوتفليقة أكثر من حرج واحد: حرج الترشح وحرج إقالة وزيره الأول الذي وضعه أمام ضميره، وحرج أمام ضميره لحظة قرار الترشح ثم بعد الترشح والفوز بالعهدة الرابعة... لكن الإحراج الأكبر سببه سلال لحلفائه السياسيين، وإن كانوا في الواقع معارضين سياسيين للوزير الأول الذي يساندون برنامجه لأنه برنامج الرئيس. فهل من ضمير لعمار سعداني وهل من ضمير لعمار غول ولعمارة بن يونس... ليوقفهم عن دعوة الرئيس لما يمليه أي ضمير؟